"انتهاك للقانون الدولي".. ماذا تخفي غارات إسرائيل في سوريا؟
٢٨ مارس ٢٠٢٥حسب وزارة الخارجية السورية أسفرت اشتباكات جديدة في المنطقة الحدودية الجنوبية الغربية بين سوريا وإسرائيل، عن مقتل ستة سوريين على الأقل.
لكن، من غير المعلوم حتى الآن، ما إذا كان القتلى ينتمون إلى جماعة مسلحة أم أنهم مدنيون مسلحون من محافظة درعا جنوب سوريا. ووفقا للجيش الإسرائيلي، فقد ردت قواته على إطلاق النار بعد تعرضها لهجوم.
تتمركز قوات إسرائيلية داخل منطقة عازلة كانت خاضعة سابقا لسيطرة الأمم المتحدة، وتقع على طول الحدود بين البلدين منذ الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول.
صرحت إسرائيل في البداية أن تمركز قواتها هناك ضروري لضمان الأمن، خاصة في ظل غياب حكومة سورية فاعلة. لكن منذ ذلك الحين، أكد مسؤولون إسرائيليون أن القوات ستبقى هناك بشكل دائم.
وفي هذا السياق قال أندرياس كريغ، الأستاذ المتخصص في الدراسات الأمنية بكلية كينغز كوليدج لندن، في تصريح لـ DW: "لقد انتهكت إسرائيل القانون الدولي بشكل خطير، ليس فقط بالاستيلاء على أراض سورية والاحتفاظ بها بشكل غير قانوني، بل استخدمت إسرائيل القوة العسكرية داخل سوريا ضد أهداف لا تشكل تهديدا مباشرا لها في هذه المرحلة".
وكانت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي حذرت خلال زيارة لإسرائيل من أن الضربات الإسرائيلية على سوريا "تنذر بمزيد من التصعيد".
وقالت كالاس في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر: "نحن (في إشارة للاتحاد الأوروبي) نشعر أن هذه الأمور غير ضرورية، لأن سوريا لا تهاجم إسرائيل حاليا".
ومع ذلك، صرحت إسرائيل رسميا بأنها لا تضمن أمنها باستهداف القواعد العسكرية والذخائر التي تركها نظام الأسد فحسب، بل إنها تحمي أيضا الأقليات في سوريا.
تسييس الأقليات في سوريا
ينحدر سكان سوريا، البالغ عددهم حوالي 25 مليون نسمة، من خلفيات عرقية ودينية متنوعة، وما يزال الانقسام واضحا بسبب ماعاناه السوريون خلال السنوات الماضية من دكتاتورية وحرب أهلية.
ويرى أندرياس كريغ، أنه "ليس سرا أن مصالح أجنبية مختلفة، تُعزز هذه الانقسامات لخدمة أجنداتها الخاصة".
وأضاف كريغ "لقد رأينا الروس يروجون لروايات ضد هيئة تحرير الشام، وهي ميليشيا متمردة، في محاولة لـ[حماية] المسيحيين خلال عيد الميلاد. ورأينا الإيرانيين يقولون إنهم [حماة الشيعة] في سوريا، وإسرائيل تفعل الشيء نفسه بقولها إننا هنا [للدفاع] عن الدروز".
الدروز هم طائفة دينية صغيرة في الشرق الأوسط، تتميز بنظام عقائدي متنوع. ويُقدر أن 150 ألف درزي في إسرائيل يحملون الجنسية الإسرائيلية، ويخدمون بانتظام في الجيش، ويُعتبرون موالين بشدة لدولة إسرائيل.
وفي سوريا، يُشكل حوالي 700 ألف درزي إحدى أكبر الأقليات في البلاد، وقد ضغطوا على الحكومة السورية الجديدة لدعم حقوق الأقليات. ورغم وجود فصائل وآراء مختلفة داخل الطائفة الدرزية السورية، يقول المراقبون إن الأغلبية ترفض "حماية" إسرائيل.
حتى الآن، تعهدت الحكومة السورية المؤقتة، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، الذي كان قائدا لهيئة تحرير الشام - الميليشيا التي أطاحت بالأسد ونظامه - بالتركيز على الوحدة الوطنية. كما أكد الشرع مرارا وتكرارا على ضرورة إشراك جميع الأقليات العرقية أو الدينية في سوريا، مثل الأكراد والمسيحيين والدروز والعلويين، في إدارة البلاد.
ومع ذلك، ووفقا لكريغ، فإن آخر ما تريده الدولة العبرية هو "حكومة شاملة في سوريا قادرة على تحقيق الاستقرار في البلاد، إلى حدّ امتلاكها القدرة على مواجهة إسرائيل".
كتب تريتا بارسي، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي بواشنطن، في منشور على منصة التواصل الاجتماعي "إكس" في وقت سابق من مارس/آذار، أن إسرائيل تنتهج منذ فترة طويلة ما يُعرف بـ"عقيدة المحيط"، حيث تسعى إلى تحالفات مع الأقليات مثل الدروز، ومع دول في المنطقة لتعزيز أمنها الخاص.
المصالح الأمنية الإسرائيلية
يقول الخبراء إن التصريحات الخلافية حول الدفاع عن الأقليات ترتبط أيضا بالجانب الآخر من الاستراتيجية الإسرائيلية في سوريا، والذي يشمل قواتها على الأرض.
وقال أندرياس كريغ إن هذا الأمر "قد تكون له نتائج إيجابية على المدى القصير، لكنه لن يؤدي إلى أمن فعلي على المدى الطويل".
وأوضح المحلل العسكري قائلا: "ترى إسرائيل نفسها لا تزال محاطة بالأعداء. في أذهانهم، منذ عام 1948 عندما تم إنشاء إسرائيل، وهم يخوضون حربًا ضد جميع جيرانهم. لذلك لا يوجد ثقة... وبدلاً من الانخراط مع القيادة الجديدة في سوريا، تراهن إسرائيل مرة أخرى على المواجهة".
لكن الرئيس السوري المؤقت، الشرع، أكد من جهته هذا الأسبوع أنه لا ينوي فتح جبهة ضد إسرائيل.
أعدته للعربية: ماجدة بوعزة