انتخابات "الشيوخ" في مصر.. منافسة محسومة للموالين للحكومة؟
٦ أغسطس ٢٠٢٥على مدى يومين، عقدت في مصر انتخابات لاختيار أعضاء مجلس الشيوخ، الغرفة الثانية من البرلمان، حيث يحق لأكثر من 69 مليون مواطن الإدلاء بأصواتهم على مدار يومين، وسط إقبال وصفه معلقون بــ "الهزيل".
وفُتح أكثر من 8000 مركز اقتراع على مستوى البلاد في الساعة التاسعة من صباح يوم الاثنين (04.08.2025) وأغلقت المراكز مساء يوم الثلاثاء وسط إشراف من السلطات القضائية على العملية.
وأدلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء مصطفى مدبولي بأصواتهما في محافظتي القاهرة والجيزة على التوالي. وبعد الإدلاء بالأصوات، حثّ مدبولي المواطنين على المشاركة "بنشاط ومسؤولية في هذا الواجب الوطني"، فيما أدلى المصريون في الخارج بأصواتهم يومي الجمعة والسبت في 136 مركز اقتراع موزعة على 117 دولة.
وأعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات أن أكثر من 9000 عضو من هيئتي قضايا الدولة والنيابة الإدارية، ترأسوا 8825 لجنة فرعية داخل 8286 مركز اقتراع، بمساعدة حوالي 65 ألف موظف فيما راقبت الانتخابات تسع منظمات دولية، و59 منظمة مجتمع مدني محلية، ووفود من 20 بعثة دبلوماسية.
لكن وبحسب موقع "مدى مصر" المستقل فإن انتخابات مجلس الشيوخ هي أول انتخابات تأتي بعد استبعاد أعضاء الجهات القضائية (القضاء العادي، القضاء الإداري، والنيابة العامة) من الإشراف على العملية الانتخابية، مع قصره على عشرة آلاف وستمئة من مستشاري هيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة، بما يقارب نصف عدد المستشارين الذين أشرفوا على انتخابات "الشيوخ" السابقة في 2020، رغم تزايد أعداد الناخبين في المقابل.
كيف كانت مشاركة الناخبين؟
ويُعدّ مجلس الشيوخ، المؤلف من 300 عضو، استشاريًا بشكل رئيسي، حيث يُنتخب ثلثا أعضائه، ويُعيّن رئيس الجمهورية الثلث المتبقي. وبموجب الدستور، يُراجع المجلس التعديلات الدستورية المقترحة، وخطط التنمية الحكومية، والمعاهدات المتعلقة بالسيادة، والتشريعات المُحالة من رئيس الجمهورية أو مجلس النواب.
وهذه هي ثاني انتخابات لمجلس الشيوخ في مصر منذ إعادة تأسيس المجلس خلال استفتاء دستوري عام 2019. وقد تم الترويج للتعديلات التي خرجت من الاستفتاء، بما في ذلك إنشاء مجلس الشيوخ، كوسيلة لتوسيع المشاركة السياسية في جميع أنحاء مصر.
ووفقاً لموقع مدى مصر المستقبل والمحجوب داخل البلاد، فإن الإقبال على المشاركة في التصويت كان ضعيفاً ووصفه عدد من المستشارين المشاركين في الإشراف على العملية الانتخابية في دوائر مختلفة بالقاهرة بـ"الهزيل"، كما تحدث آخرون للموقع عن ضغوط من جهات أمنية لدفع الناس للمشاركة بأشكال مختلفة.
لكن المستشار حازم بدوي، رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، أشار إلى أن "نجاح الانتخابات يعود إلى منظومة متكاملة عملت بتناسق، مؤكدًا أن وزارة الخارجية قامت بجهود كبيرة في التنسيق مع السفارات بالخارج، بينما تولت وزارة الداخلية مسؤولية التأمين الكامل لجميع المقار الانتخابية، ما خلق مشهدًا حضاريًا حظي بإشادة واسعة" وفق ما ذكر موقع صحيفة المصري اليوم.
ووجه بدوي التحية إلى الشعب المصري على مشاركته، معتبرًا أن "مشهد الاصطفاف أمام اللجان حتى ساعات الليل في محافظات مثل البحيرة والبساتين وغيرهما، يمثل رسالة للعالم تؤكد استقرار الدولة المصرية ووعي مواطنيها".
على جانب آخر، انتشرت تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن ممارسات رأى البعض أنها تسيء لصورة العملية الانتخابية.
وانتشر الكثير من الفيديوهات لحالات الرقص أمام اللجان الانتخابية وحضور كبار السن نقلا عبر سيارات الإسعاف والأزواج الذين قرروا المشاركة في الانتخابات قبل إقامة حفل زفافهم وغيرها من المظاهر التي أثارت تعليقات بعضها ساخرة وأخرى انتقادية.
منافسة شبة محسومة؟
تنافس في الانتخابات 424 مرشحًا على 100 مقعد بنظام الترشح الفردي، من بينهم 183 مرشحًا مستقلًا و241 مرشحًا حزبيًا، كما تنافست قائمة وطنية واحدة تُعرف باسم "القائمة الوطنية لمصر" على 100 مقاعد أخرى، تغطي الدوائر الانتخابية الأربع في البلاد، وهو ما انتقده نواب وبرلمانيون سابقون وسياسيون:
وأفادت صحيفة الأهرام المصرية أن أربعة أحزاب سياسية تقدمت مجتمعة بـ 303 مرشحين فرديين، وهي: مستقبل وطن، والجبهة الموحدة، وحماة وطن، وحزب الشعب الجمهوري.
كما تقدمت أحزاب المعارضة، بما في ذلك حزب العدالة، والحزب الديمقراطي المصري، وحزب الإصلاح والتنمية، بمرشحين فرديين، ولكن من غير المتوقع أن يحقق مرشحوها مكاسب كبيرة.
ويشير تقرير بموقع "ذا مونيتور" إلى أن حالة التهميش التي تعاني منها أحزاب المعارضة في مصر في ظل بيئة تهيمن عليها القوى الموالية للحكومة، جعلتها تواجه قيودًا على الحملات الانتخابية وسط بيئة قانونية تحد من المعارضة السياسية.
كما يشير التقرير إلى أن قوانين الانتخابات الأخيرة التي صدرت في عهد السيسي عززت من نظام القائمة المغلقة، مما يجعل من الصعب على الأحزاب الصغيرة المشاركة دون الانضمام إلى ائتلاف أكبر تهيمن عليه الأحزاب الموالية للحكومة.
انتخابات في ظل ظروف اقتصادية صعبة
وتوجه المصريون إلى صناديق الاقتراع وسط ضغوط اقتصادية، حيث تواصل البلاد تعافيها البطيء من انخفاض قيمة العملة والتضخم المستمر والصدمات الناجمة عن عدم الاستقرار الإقليمي إضافة إلى تداعيات أزمة كورونا، حيث انخفض التضخم إلى 14.9% في يونيو، منخفضًا من أعلى مستوى قياسي له في سبتمبر 2023 عند 38% وفق بيانات البنك المركزي.
وفي مايو/أيار، أفاد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أن معدل البطالة بلغ 6.3% للربع الأول من عام 2025، بانخفاض طفيف عن 6.4% في الربع السابق. وشكل الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عامًا 58.6% من العاطلين عن العمل.
ومن المفترض أن يتم الإعلان عن النتائج الأولية في 12 أغسطس، تليها حملة انتخابية لجولة الإعادة. ومن المقرر إجراء جولة الإعادة يومي 25 و26 أغسطس في الخارج، و27 و28 أغسطس في الداخل على أن تُنشر النتائج النهائية في الجريدة الرسمية في 4 سبتمبر.