النمسا: حكومة جديدة من الوسط ومن دون اليمين الشعبوي
٢ مارس ٢٠٢٥وافق أعضاء حزب "نيوس" الليبرالي في النمسا اليوم الأحد (الثاني من مارس/ أذار 2025) على تشكيل ائتلاف ثلاثي مع حزب الشعب النمساوي والحزب الاشتراكي الديمقراطي، حيث سيكون الحزب الليبرالي هو الشريك الأصغر في هذا الائتلاف. وبذلك، سيتم تشكيل حكومة جديدة في النمسا بعد مضي خمسة شهور على الانتخابات البرلمانية، وتعد هذه هي أطول فترة انتقالية تشهدها النمسا لتشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات.
وصوت 94,1 % من أعضاء حزب "النمسا الجديدة والمنتدى الليبرالي" لصالح مشاركة الحزب في الائتلاف الحاكم الجديد، وهذه نسبة تتجاوز بشكل ملحوظ أغلبية الثلثين المطلوبة للمضي قدما في المشاركة في هذا الائتلاف.
وأنهت الأحزاب الوسطية الثلاثة يوم الخميس الماضي شهورا من عدم الاستقرار السياسي بالتوصل إلى اتفاق ائتلافي، بعد خمسة أشهر من حصول حزب الحرية اليميني المتطرف في النمسا على المركز الأول في الانتخابات بنسبة 28.8 بالمئة من الأصوات.
كانت الأحزاب الوسطية نفسها قد حاولت في البداية تشكيل حكومة ائتلافية دون حزب الحرية النمساوي اليميني (FPÖ)، لكن تلك المحاولة انهارت في شهر يناير/كانون الثاني. بعد ذلك، قاد الحزب اليميني الشعبوي، المشكك في الاتحاد الأوروبي والصديق لروسيا، محاولة أخرى لكنها فشلت الشهر الماضي.
وكان التحالف الوسطي الذي يستبعد حزب الحرية النمساوي من بين الخيارات القليلة المتبقية لتجنب إجراء انتخابات مبكرة، والتي كانت استطلاعات الرأي تشير إلى أنها ستزيد من تقدم حزب الحرية على باقي الأحزاب.
وقالت زعيمة حزب "نيوس " (Neos)، بيآته ماينل-رايسينغر، لأعضاء حزبها المجتمعين في فيينا بعد لحظات من تصويت أربعة وتسعين بالمئة منهم لصالح اتفاق الائتلاف المكون من مائتي صفحة: "شكرًا لكم! العمل يبدأ غدًا!". وبذلك، تم اجتياز العتبة المطلوبة، وهي موافقة ثلثي الأعضاء.
ولو لم تتم الموافقة على الاتفاق، لكانت الأحزاب الأخرى، حزب الشعب النمساوي (ÖVP) والحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPÖ)، ستجد نفسها بأغلبية مقعد واحد فقط في المجلس الأدنى من البرلمان، وهو ما يُعتبر هامشًا ضيقًا للغاية لا يسمح بحكومة مستقرة.
وفي كلمة ألقتها قبل التصويت، قالت ماينل-رايسينغر، في إشارة إلى الأشهر الطويلة من المفاوضات والتنازلات في محادثات تشكيل الائتلافات المختلفة: "لقد سألت نفسي: ما قيمة الديمقراطية إذا لم يعد بإمكان أي شخص أن يمد يده للآخر؟".
وتشمل أولويات حزب "نيوس" خفض الإنفاق الحكومي والقضاء على البيروقراطية، كما يتضمن البرنامج الحكومي إصلاح نظام المعاشات التقاعدية، وهو موضوع طالما كان على رأس أولويات الحزب، الذي لم يسبق له أن شارك في حكومة وطنية من قبل.
وأضافت ماينل-رايسينغر: "لدينا جميعًا مسؤولية بناء ديمقراطية ليبرالية"، قبل أن تنهي خطابها بدعوة قائلة: "لنصنع التاريخ اليوم!".
وجاءت الأحزاب الثلاثة الوسطية في المركز الثاني والثالث والرابع في انتخابات شهر سبتمبر/أيلول. وبصفته الحزب الحاصل على أكبر عدد من الأصوات.
وسيتولى حزب الشعب النمساوي (ÖVP) قيادة الحكومة، حيث سيصبح زعيمه، كريستيان شتوكر، مستشارًا للنمسا، كما سيتولى حزبه مسؤولية وزارتي الداخلية والدفاع.
وسيحصل على وزارة المالية للمرة الأولى منذ خمسة وعشرين عامًا، بالإضافة إلى توليه وزارة العدل. أما حزب "نيوس"، فسيشرف على وزارتي الخارجية والتعليم.
وبهذا تم تمهيد الطريق أمام أداء الحكومة برئاسة المستشار الجديد كريستيان شتوكر(رئيس حزب الشعب) اليمين الدستورية غدا الاثنين. ويعد هذا الائتلاف الثلاثي الذي يجمع بين المحافظين والاشتراكيين والليبراليين شيئا جديدا في تاريخ الجمهورية، وستحل الحكومة الجديدة محل ائتلاف كان يجمع بين المحافظين والخضر.
ع.خ/ خ.س (د ب أ)