المغرب- مسيرات ليلية لحركة "20 فبراير" خلال شهر رمضان
٢١ أغسطس ٢٠١١"علاش جينا واحتجينا، المعيشة غالية علينا"، "هذا مغرب الله كريم لا صحة لا تعليم"، و" كيف تعيش يا مسكين المعيشة دارت جنحين"، بهذه الشعارات انطلقت مسيرة يوم أمس بالعاصمة الرباط (20 أغسطس/ آب 2011)، بعد دقائق من صلاة التراويح، حيث تقدمت في البداية مجموعات صغيرة من حركة 20 فبراير إلى ساحة "باب الأحد"، يحملون شعارات تعبر عن مطالب اجتماعية بالأساس في وجه سياسة حكومية استبدادية حسب ما عبر عنه المشاركون في هذه المسيرة التي دامت قرابة الساعة والنصف وحضرها المئات من الشباب التابعين للحركة وسط حضور ضعيف لجماعة العدل والإحسان التي تنزل بثقلها في جميع المسيرات بأعداد كبيرة. وردد المشاركون كذلك شعارات تطالب بالكرامة والعدالة وتندد بتفقير الشعب، ورفعوا لافتات تستنكر الاعتقال والاغتصاب داخل السجون المغربية. كما رفع المشاركون شعارا يقول "أش قال الكنوني، حكرتوني، حكرتوني" في إشارة إلى وفاة "شهيد الحكرة" حميد الكنوني، كما يسميه أعضاء الحركة، والذي توفي بعد أن أضرم النار في جسده في مدينة بركان شرق المغرب، بعد تعرضه للإساءة من طرف قوات الأمن حسب رواية عائلته.
وفي حديث لدوتشه فيله، أوضح أحد المشاركين بالمسيرة، فضل عدم ذكر اسمه "جاءت هذه المسيرة استكمالا للبرنامج النضالي الذي سُطر لشهر غشت (أغسطس)"، مضيفا أن التعبئة التي قام بها المناضلون والمناضلات كانت مهمة وركزت على الأحياء الشعبية، ولكن التخوف من القمع وأعمال البلطجة المنظمة التي "تتم تحت أعين ورعاية وتسيير رجال الأمن" حال دون انضمام العديد من المتعاطفين إلى المسيرة حسب ما أعرب عنه نفس المصدر الذي أضاف أن المسيرة من الناحية الشكلية كانت متوسطة، أما من الجانب التنظيمي فقد برمجت فيها أشكال إبداعية و فنية تمثل روح الشباب وتطلعاته لولا التدخل الأمني لمنع استمرارها.
البلطجية عكروا صفو مسيرة 20 غشت
توجه المشاركون في المسيرة الرباط نحو شارع محمد الخامس حيث مقر البرلمان المغربي، لكن مجموعة من "البلطجية" التابعين للنظام منعوهم من استكمال المسيرة، الأمر الذي جعلها تأخذ مسارا مختلفا عن ذلك الذي كان متوقعا في وجود قوات الأمن التي كونت جدارا لف المجموعة التي "تحسب نفسها على أجهزة الدولة"، وكانت تردد شعارات من قبيل "عاش الملك" ويرد عليها شباب الحركة "عاش الشعب" و"الله يبارك في عمر شعبي" تحويرا للعبارة المتداولة خلال البيعة "الله يبارك في عمر سيدي". وذلك إلى أن اصطدمت أعداد من الجانبين في مقربة من البرلمان وحدثت بعض المناوشات بينهما تلتها مسرحية صامتة من طرف أعضاء الحركة للتعبير عن سخطهم على المخزن، لكنها لم تدم أكثر من خمس دقائق بسبب تدخل قوات الأمن التي فرقت المتظاهرين واحتجزت بعضهم وتدخلت بعنف في حق ثلاثة منهم، كما أكد عضو من الحركة الذي أوضح أنه قد تم الإفراج عنهم فيما بعد.
وخلال التدخل الأمني ارتفعت حناجر المتظاهرين قائلة "كلنا العماري"، وهو "شهيد الحركة" في مدينة اسفي، وقال آخرون "يا جماهير ثوري ثوري" ردا على العنف الذي تعرضوا له.وانتهت هذه المسيرة التي تعتبر الثالثة خلال شهر رمضان، ببقاء مجموعة البلطجية الذين ظلوا يجولون الشارع الرئيسي بالعاصمة ويرددون النشيد الوطني والشعارات المؤيدة للنظام. وجدير بالذكر أن هذه المسيرة تزامنت مع احتفال المغاربة بالذكرى الثامنة والخمسين لثورة الملك والشعب، وبعد ساعتين من الخطاب الملكي بهذه المناسبة.
مسيرات جالت مدنا مغربية عدة
وصادفت مسيرة الأمس مرور 6 أشهر على تأسيس الحركة، وعرفت خروج متظاهرين في مجموعة من المدن المغربية كالعاصمة الاقتصادية للمملكة الدار البيضاء، وردد المشاركون في نفس المدينة شعار "علاش حنا فقراء حيث هوما شفارة (لصوص)"، وقال عادل الربيعي، أحد المشاركين في مسيرة الدار البيضاء "كانت المسيرة رائعة، مع حضور أمني مكثف غير أنه ظل مراقبا فقط للمسيرة عن بعد"، وأضاف أن العدد قد وصل إلى أزيد من 100.000 متظاهر مع حضور وازن لسكان أحياء الصفيح.
كما نظمت مسيرات في مدن عدة منها طنجة وفاس التي عرفت تدخلا أمنيا أصيب خلاله ثلاثة من أعضاء الحركة إضافة إلى الحصار الذي تعرضت له المسيرة من طرف بعض البلطجية حسب ما ورد في مجموعة للحركة على موقع فيسبوك تدعى "حركة 20 فبراير، الشعب يريد التغيير". ومن بين الشعارات التي رفعت في المدن الأخرى "الفوسفاط و2 بحور، المغربي عايش محكور" في إحالة إلى الثروات البحرية والمعدنية التي يتوفر عليها المغرب، وشعار أخر "نعم اش كتسوا، الفساد والرشوة"، ردا على التصويت بنعم على الدستور.
حضور ضعيف للإسلاميين
ومقارنة مع المسيرات السابقة التي عرفها شهر رمضان، كانت هذه الأخيرة الأقل عددا نتيجة الحضور الضعيف لجماعة العدل والإحسان التي تؤمن للحركة أعدادا كبيرة من المتظاهرين، الأمر الذي أكدته صحافية من جريدة "المساء" اليومية، والتي تتابع الحركة منذ بدايتها، والتي أوضحت قائلة "الحضور الضعيف لحركة العدل والإحسان باد للعيان". هذا الأمر يوضح الوزن القوي للجماعة التي تساند هذه الحركة منذ أشهر. ويعتبر هذا الغياب الأول من نوعه، فحسب بعد المصادر فإن الجماعة اعتذرت عن المشاركة إلى ما بعد عيد الفطر، نظرا لالتزامات تنظيمية خاصة، فيما أعزى مصدر أخر السبب ـحسب أحد المواقع الإلكترونيةـ إلى رغبة أتباعها الاعتكاف خلال العشر الأواخر من هذا الشهر.
سارة زروال – الرباط
مراجعة: طارق أنكاي