الكهرباء بألمانيا ـ بنية تحتية تتوسع ببطء نحو الطاقة البديلة
٢٠ يوليو ٢٠٢٥طرق الكهرباء في ألمانيا تتوسع لكن بأي وتيرة؟ لا يمكن الإجابة على هذا السؤال ببساطة. لكن نظرة إلى التفاصيل توضح أين تسير الأمور وما هي العقبات التي لا تزال قائمة. يتولى بناء خطوط نقل الكهرباء الجديدة أربعة مشغّلين لشبكات النقل: 50Hertz Transmission لشمال شرق ألمانيا وAmprion لغربها وTransnetBW لولاية بادن فورتمبيرغ في الجنوب الغربي وTennet TSO للممر المركزي من شليسفيش هولشتاين في الشمال إلى بايرن في الجنوب.
وحدّدت وكالة الشبكات الفيدرالية خمس خطوات يجب على هذه الشركات إنجازها قبل بدء البناء. يبدأ ذلك بإعداد "إطار سيناريو" يعرض فيه المشغّلون الأربعة للشبكة التطورات المحتملة في العرض والطلب على الطاقة. وبعد ذلك يجب عليهم إعداد "خطة تطوير الشبكة" وتقديم "تقرير بيئي". وفي الخطوة الثالثة يتم إعداد "خطة الاحتياجات الفيدرالية" وقبل الخطوة الرابعة يتم "إجراء تنظيم الأراضي". والخطوة الأخيرة هي "اعتماد التخطيط" من قبل الجهات الرسمية.
ويمكن حينها بدء البناء لكن في هذه المرحلة تجري وكالة الشبكات الفيدرالية أو جهة حكومية مختصة في الولاية مراجعة نهائية لـ"تقييم الأثر البيئي".
الوضع الحالي
تشمل المتطلبات الفيدرالية المنصوص عليها في قوانين توسيع شبكات الطاقة وخطة الاحتياجات الفيدرالية، حسب وكالة الشبكات الفيدرالية حوالي 128 مشروع بناء بطول إجمالي يبلغ 16,832 كيلومترا من خطوط الكهرباء حتى نهاية عام 2024. وقد تم الانتهاء من 34 مشروعا بالكامل، حسبما أفادت الوكالة.
ويبدو هذا كثيرا وبسرعة عالية. ومع ذلك تتوقع وكالة الشبكات الفيدرالية أن تستمر أعمال البناء لمدة تتراوح بين ثماني إلى عشرين سنة أخرى ما لم تضاف مشاريع جديدة.
تأثيرات جانبية
إلى ذلك تظهر دائما بعض الارتباكات. ففي مايو 025، قال رئيس وكالة الشبكات الفيدرالية، كلاوس مولر لصحيفة "هاندلسبلات": "يجب علينا إصلاح النظام الذي تُفرض من خلاله رسوم الشبكة".
وتشكل رسوم استخدام الشبكة الكهربائية الآن ربع تكاليف الكهرباء لكثير من المستهلكين. هذه الرسوم تختلف من منطقة إلى أخرى. وحتى الآن يدفع المستهلكون فقط مقابل استخدام الشبكة لكن في المستقبل قد يُطلب أيضا من مُزودي الكهرباء الدفع مثل مشغلي محطات الطاقة أو أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية.
وفي توسعة الشبكة يُعد قبول المواطنين ودافعي الضرائب أمرا بالغ الأهمية. وحتى الآن لا يوجد معارضة عامة كبيرة، لكن ذلك قد يتغير إذا ارتفعت تكاليف الكهرباء على المستهلكين أكثر. فمواطن غاضب يمكن أن يتسبب في تأخيرات هائلة.
قد تسير الأمور أيضا بوتيرة أسرع
لا يمكن تحديد موعد نهائي لمشاريع التوسعة بشكل عام. وتقول المتحدثة باسم شركة Tennet، ماريا كولر: "توسعة الشبكة ليست مهمة تُنجز في وقت محدد"، بل هي "عملية مستمرة" نحو شبكة حيادية الكربون. وتشمل هذه العملية "أفق الهدف لعام 2037 ونظرة ممتدة حتى عام 2045".
وفي بعض الحالات يمكن أن تتم العملية بشكل أسرع. وتقول المتحدثة باسم 50Hertz، كاترينا ديتل إن لديهم أهدافا طموحة: "في منطقة شبكتنا (براندنبورغ، ميكلنبورغ فوربومرن، ساكسونيا، ساكسونيا أنهالت وتورينغن بالإضافة إلى برلين وهامبورغ) نهدف إلى دمج 100٪ من الطاقة المتجددة بشكل آمن في الشبكة والنظام بحلول عام 2032 بمعدل سنوي".
ما يعرقل التوسعة
ولكنها تعلم أيضا أن الأمور لا تسير دائما بهذه السرعة. فـ"العوائق في توسيع شبكة الكهرباء" تشمل من بين أمور أخرى "نقص الكوادر المتخصصة وتأخيرات في التوريد أو عمليات الموافقة الطويلة والمعقدة."
وترى شركة Tennet نفس المشاكل: في هذا "المشروع المعقد تقنيا وتنظيميا" تلعب عوامل كثيرة دورا مثل "الموافقات والتنسيق مع الجهات الرسمية بشأن الوصول إلى الأراضي بالإضافة إلى توفر المواد ولوجستيات النقل وقدرات الكوادر المتخصصة."
ويشير مشغّل الشبكة TransnetBW إلى نقطة خاصة: تقول المتحدثة، كلوديا هاليتشي إن "أكبر العوائق في الماضي كانت إجراءات الموافقة الطويلة والمعقدة". وفي مشروع Sudlink "استغرق التخطيط والموافقة وحدهما حوالي سبع سنوات."
وترى وكالة الشبكات الفيدرالية أيضا هذه المشكلة. ولكن مارتا ميتوتا تشير إلى عقبات أخرى مثل "إعادة التخطيط العاجل للحلول المؤقتة والتدابير المتعلقة بحماية الأنواع أو نتائج محدثة لفحوصات البدائل."
أسباب التوسعة
تُنتج الكهرباء "الخضراء" في شكل طاقة الرياح بشكل رئيسي في الولايات الفيدرالية الشمالية. بالإضافة إلى ذلك تأتي الكهرباء من الدول الاسكندنافية (الدنمارك والنرويج) إلى سواحل بحر الشمال وبحر البلطيق. ويجب نقل هذه الكهرباء إلى الجنوب، ولهذا السبب يجب توسيع شبكة نقل الكهرباء الألمانية.
في التوسعة يلعب جانبان دورا. أولا يتعلق الأمر بالحياد المناخي المستهدف. فمن المخطط أن يتم تغطية كامل احتياجات الكهرباء في جمهورية ألمانيا الاتحادية من مصادر متجددة بحلول عام 2045.
وثانيا أُضيفت في السنوات الأخيرة اعتبارات أمنية وسياسية. فبعد ما أطلق عليه المستشار الألماني السابق أولاف شولتس مصطلح "نقطة التحول" نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا أصبحت إمدادات الطاقة في ألمانيا أكثر تعقيدا.
وعلى الرغم من أنه تم في وقت قياسي تحقيق استقلال شبه كامل عن إمدادات الغاز والنفط الروسية، إلا أن تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة أصبح أمرا ذا أهمية متزايدة لألمانيا.
التيار المستمر أم التيار المتردد
عند بناء خطوط الكهرباء يجب أولا تحديد السؤال الأساسي حول شكل نقل الطاقة: هل سيتم نقلها كتيار مستمر أم تيار متردد؟ يتضح أن التيار المستمر هو الخيار الأكثر اقتصادية، خاصة عند نقل الطاقة لمسافات طويلة حيث يقل فيه فقدان الجهد الكهربائي بشكل كبير.
ولكن لتحويل التيار المستمر إلى تيار متردد، كما يأتي من المقابس الكهربائية في هذا البلد هناك حاجة إلى محطات تحويل. هذه المحطات مكلفة جدا في البناء، لكنها تكون مجدية اقتصاديا كلما طالت المسافة التي يُنقل عبرها التيار الكهربائي.
خطوط هوائية أم كابلات أرضية؟
سؤال أساسي آخر هو: هل تكون الخطوط فوق الأرض أم تحت الأرض؟ خطوط الجهد العالي المعرضة للعواصف وتساقط الثلوج والتي تعتبر أيضا هدفا عسكريا حساسا أم الكابلات الأرضية؟ الكابلات الأرضية لا تفسد المنظر الطبيعي وهي محمية بشكل أفضل من الهجمات الإرهابية أو العسكرية لكنها أكثر تكلفة بكثير.
لدى مشغلي الشبكة تفضيل واضح: تقول كلوديا هاليتشي " إن Transbet BW تدعو منذ فترة طويلة إلى إلغاء الأفضلية العامة للكابلات الأرضية في نقل التيار المستمر عالي الجهد الجديد.
كاترين ديتل تتوقع أيضا توفيرا بقيمة 20 مليار يورو: "لهذا السبب تدافع 50Hertz في المشاريع الجديدة عن التحول إلى الخطوط الهوائية". لكنها تقول إن تغيير المسار أثناء التنفيذ ليس فكرة جيدة: "التغيير في إجراءات تم تأكيدها قانونيا بالفعل قد يؤدي إلى تأخيرات كبيرة محتملة."
الخوف من انعدام الرياح والظلام
النقطة الضعيفة الكبيرة للطاقة المتجددة هي توفرها المحدود، فالليل لا تشرق فيه الشمس وعلى سطح البحر وفي أعماقه لا يكون هناك دائما ما يكفي من الرياح. وهذا هو الكابوس الذي يخشاه كل منتج للطاقة المتجددة: انعدام الرياح والظلام.
لكن يمكن اتخاذ إجراءات لمواجهة هذا الأمر. فمن خلال استخدام خزانات طاقة كبيرة يمكن "تخزين" الكهرباء وإعادتها إلى الشبكة عند الحاجة. يمكن لمحطات التخزين المائي التي توجد كثيرا في المناطق الجبلية القيام بذلك. لكنها تحتاج إلى مساحة كبيرة وليست جميلة في المنظر الطبيعي. وفي السهول المنخفضة لشمال ألمانيا لا يمكن تركيبها بسبب نقص الجبال والوديان.
وبدلا من ذلك يعمل الخبراء على تركيب بطاريات كبيرة تحت الأرض. هذه البطاريات تعد بفقدان طاقة منخفض جدا مع توافر مستمر للطاقة في الوقت نفسه. ومع ذلك فإن معظم النماذج لا تزال غير جاهزة للسوق. وإذا أصبحت جاهزة فقد تصبح إضافة مفيدة لشبكة كهرباء ذكية تغطي البلاد بأكملها.
أعده للعربية: م.أ.م