الفوضى والنيران العشوائية تمنع وصول المساعدات في غزة
٣ أغسطس ٢٠٢٥عقب وقف جزئي للقصف الذي أعلنته إسرائيل تحت ضغط دولي ، بدأت المساعدات الإنسانية تدخل مجددا القطاع المحاصر، ولكن بكميات اعتبرتها المنظمات الدولية غير كافية إلى حد كبير. وتتصاعد المطالب الدولية لفتح معابر غزة أمام مزيد من المساعدات الغذائية بعد أن حذّرت الأمم المتحدة ووكالات إنسانية من أن أكثر من مليوني فلسطيني يواجهون خطر المجاعة.
وسجلت مستشفيات قطاع غزة خلال 24 ساعة حتى ظهر السبت "7 حالات وفاة جديدة نتيجة المجاعة وسوء التغذية، من بينهم طفل. وبذلك، يرتفع إجمالي عدد ضحايا المجاعة إلى 169 شهيدا، من بينهم 93 طفلا"، وفق وزارة الصحة بالقطاع التابعة لحماس.
ومع استمرار القصف والغارات الجوية التي تحصد يوميا مزيدا من القتلى، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير إن "المعركة ستستمر بلا هوادة" ما لم يتم إطلاق سراح الرهائن. وأضاف أن "الحملة الحالية من الاتهامات الزائفة بشأن مجاعة مفتعلة هي محاولة متعمدة ومخطط لها وكاذبة لاتهام جيش أخلاقي بارتكاب جرائم حرب"، محمّلا حماس المسؤولية "عن قتل سكان قطاع غزة ومعاناتهم".
قتلى وجرحى من منتظري المساعدات
وأعلن الدفاع المدني في غزة أن 34 فلسطينيا على الأقل قتلوا السبت في القصف والغارات في مناطق مختلفة من القطاع، بينهم 14 قتلوا "قرب مراكز لتوزيع المساعدات تديرها مؤسسة غزة الإنسانية" التي تدعمها إسرائيل والولايات المتحدة.
وأفاد الهلال الأحمر الفلسطيني الأحد عن مقتل أحد موظفيه وإصابة ثلاثة آخرين في قصف إسرائيلي استهدف مقر الجمعية في خان يونس بغزة. وأعلن مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الجمعة أن 1373 فلسطينيا قُتلوا منذ 27 أيار/مايو، معظمهم بنيران الجيش الإسرائيلي، أثناء انتظارهم المساعدات.
ويؤكد الجيش الإسرائيلي أن جنوده لا يتعمدون استهداف المدنيين ويتهم عناصر حماس بنهب شاحنات المساعدات. غير أن الجيش الإسرائيلي لم يقدم إلى غاية اللحظة أدلة تفيد بتورط حماس في نهب المساعدات.
خطر على "المدنيين الأكثر ضعفا"
وتحذر التقارير الصادرة عن خبراء الأمم المتحدة من "انتشار المجاعة" في غزة بين المدنيين الفلسطينيين الأكثر ضعفا. وقالت مدللة دواس (33 عاما) التي تعيش في مخيم للنازحين في مدينة غزة لفرانس برس إن ابنتها مريم البالغة تسعة أعوام لم تكن تعاني من أي أمراض معروفة قبل الحرب، لكن وزنها الآن انخفض من 25 كيلوغراما إلى 10 كيلوغرامات وتعاني سوء التغذية الحاد.
ويشهد مراسلو وكالة فرانس برس يوميا على مشاهد مأسوية حيث تهرع حشود يائسة من الناس، مخاطرين بحياتهم في كثير من الأحيان، إلى مركبات محملة بأكياس الغذاء أو إلى مواقع الإنزالات الجوية للمساعدات التي نفذتها في الأيام الأخيرة الإمارات والأردن وبريطانيا وفرنسا.
وقال أمير زقوت الذي جاء بحثا عن الإغاثة لوكالة فرانس برس "دفع الجوع الناس إلى التناحر. الناس يتقاتلون بالسكاكين" في محاولة للحصول على بعض المساعدات.
اتهامات متبادلة
يقول مسؤول كبير في الأمم المتحدة طلب عدم كشف هويته، إن "الجيش الإسرائيلي غيّر خطط تحميل برنامج الأغذية العالمي في اللحظة الأخيرة الثلاثاء في زيكيم، ما أدى إلى خلط الحمولات وإجبار القافلة على المغادرة قبل الموعد المخطط لها، دون وجود أمن كافِ".
ووفق عدة مصادر إنسانية وخبراء، فهناك عصابات إجرامية تنهب قسما من المساعدات، وتهاجم في أحيان كثيرة المستودعات بشكل مباشر، وتبيعها إلى التجار الذين يعيدون بيعها بأسعار باهظة. وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الاثنين "لقد سرقت حماس (...) المساعدات الإنسانية من شعب غزة مرارا من خلال إطلاق النار على الفلسطينيين".
واستخدمت هذه الاتهامات لفرض الحظر شامل على دخول المساعدات إلى غزة بين شهري آذار/مارس وأيار/مايو، حتى بروز "مؤسسة غزة الإنسانية" في نهاية أيار/مايو بدعم من إسرائيل والولايات المتحدة. وتزعم المؤسسة أنها أصبحت الجهة الرئيسية لتوزيع المساعدات، لكن بقية المنظمات الإنسانية ترفض العمل معها.
وبحسب مسؤولين عسكريين إسرائيليين كبار تحدثوا إلى صحيفة نيويورك تايمز في 26 تموز/يوليو، فإن حماس ربما استولت على قسم من المساعدات من بعض المنظمات، لكن "ليس هناك أي دليل" على أنها سرقت بانتظام الغذاء من الأمم المتحدة. وانتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش نظام توزيع المساعدات الذي أقامته إسرائيل والولايات المتحدة عبر "مؤسسة غزة الإنسانية"، ووصفته بأنه "مصيدة للموت" لسكان القطاع الذين يعانون من سوء التغذية الحاد. وتحذر الأمم المتحدة من تربص المجاعة بأكثر من مليوني شخص في قطاع غزة المحاصر بعد نحو 22 شهرا من الحرب المدمرة.
مدن ألمانية تقدم المساعدة لأطفال غزة وإسرائيل
من ناحية أخرى، أعلنت مدينة دوسلدورف أنها تخطط لاستقبال أطفال من غزة وإسرائيل ممن يحتاحون إلى الحماية أو يعانون من صدمات نفسية، وذلك عقب مبادرة مماثلة أطلقتها مدينة هانوفر شمالي ألمانيا. وأعرب عمدة دوسلدورف، شتيفان كيلر، عن دعمه لقرار هانوفر، قائلا إن مدينته تعتزم تكرار ما وصفه بـ"لفتة إنسانية قوية وعميقة"، مضيفا أن القيادة السياسية في دوسلدورف تقف متحدة على اختلاف توجهاتها الحزبية فيما يتعلق بمسائل المواقف والإنسانية.
وأعلنت هانوفر الخميس الماضي أنها تعتوم استقبال نحو 20 طفلا، مع إمكانية توسيع نطاق المبادرة. وقال عمدة المدينة بيليت أوناي إن مدنا أخرى أبدت أيضا اهتمامها بتنفيذ جهود مماثلة. وأضاف أوناي أن العديد من سكان مدينته، وبعضهم تربطهم صلات عائلية بالمنطقة، تأثروا بمعاناة الناس في غزة وإسرائيل. ولا تزال خطط دوسلدورف قيد التطوير. وفي بيان مشترك، قال مسؤولون في المدينة الواقعة غربي ألمانيا إنهم سيبدأون دراسة الخيارات العملية خلال الأسبوع المقبل. ووفقا للمدينة، فقد جرت مناقشات أولية بالفعل مع جهات معنية محلية، من بينها أعضاء من الجالية اليهودية والجالية المسلمة في دوسلدورف.
تحرير: وفاق بنكيران