نجم كرة قدم فلسطيني ضحية طابور الإغاثة في غزة
٩ أغسطس ٢٠٢٥فقد لاعب كرة القدم سليمان العبيد الملقب بـ "الغزال الأسود" حياته في أحد شوارع جنوب قطاع غزة المدمرة حين أصابته رصاصة أثناء انتظاره على طابور طويل للحصول على وجبة طعام لأطفاله الخمسة، بحسب وكالة الأنباء الألمانية، ليتحوّل من نجم في الميدان إلى ضحية إنسانية في طابور الإغاثة.
رحل "الغزال الأسود" عن عمر ناهز الـ 41 عاماً، وهو خارج ملعب كرة القدم، يحاول تأمين الطعام لأطفاله تحت أنقاض غزة، تاركاً وراءه مسيرة رياضية استثنائية في ملاعب فلسطين.
من الملاعب الشعبية إلى المنتخب الوطني
ولد سليمان أحمد زايد العبيد في 24 مارس/آذار 1984 في مدينة غزة، وبدأ مسيرته الرياضية في فرق المدارس ومارس هوايته في الساحات الترابية في أحياء المدينة المحاصرة.
لفتت موهبته الأنظار وبدأ اللعب في نادي خدمات الشاطئ، ومن ثم انتقل إلى الضفة الغربية حيث تألق في صفوف شباب الأمعري بين عامي 2009 و2013.
وفي موسم 2010/ 2011 قاد العبيد نادي الأمعري إلى أول ألقابه في دوري المحترفين، وتوّج في العام نفسه بكأس ياسر عرفات.
عاد العبيد إلى نادي خدمات الشاطئ ولعب له لموسم واحد، ومن ثم التحق بصفوف نادي غزة الرياضي وحصل معه على لقب هداف الدوري الممتاز في قطاع غزة (المحافظات الجنوبية) في موسم 2015 / 2016 بتسجيله 17 هدفاً.
بعد هذا النجاح عاد العبيد إلى ناديه الأم خدمات الشواطئ، وحاز معه على لقب هداف الدوري الممتاز في موسم 2016 / 2017، بعد أن أحرز 15 هدفاً، ليصبح بذلك الهداف التاريخي للنادي.
وقال عنه أحد مدربيه السابقين في غزة "كان لاعباً يعرف طريق الشباك، شخصيته هادئة خارج الملعب، لكنه مقاتل داخله".
نجم على الصعيد الدولي
بعد تحقيق العبيد نجاحات باهرة على الصعيد المحلي انتقل إلى اللعب دولياً، وخاض 24 مباراة بقميص المنتخب الفلسطيني، إذ شارك في بطولة اتحاد غرب آسيا عام 2010، وسدد هدفاً في مرمى المنتخب اليمني.
وسجل هدفاً في مباراة ودية ضد إندونيسيا، وشارك في تصفيات كأس التحدي الآسيوي 2012 وكأس العالم لعام 2014.
حلم العبيد لم يقف هنا وكان يجهز نفسه ليصبح مدرباً، إذ حصل على دورة مدربين معتمدة من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، لكن الحرب كانت أسرع ومنعته من تحقيق أحلامه.
ومع ذلك حقق العبيد شعبية كبيرة، وحصل من جمهوره ومعجبيه على ألقاب عديدة، منها "بيليه غزة"، و"الجوهرة السمراء"، و"هنري فلسطين".
ضحية طابور الجوع
في 6 آب/ أغسطس خرج "الغزال الأسود" إلى إحدى نقاط توزيع المساعدات الأميركية جنوب قطاع غزة ليؤمن وجبة طعام لأطفاله، ولكن رصاصة أطلقها قناص إسرائيلي أودت بحياته بحسب مسعفين وشهود عيان، وقال أحد الشهود: "كان واقفاً بهدوء. فقط ينتظر إحضار الطعام لعائلته".
وقال أحد زملائه في المنتخب الوطني "رحيله موجع. كان قدوة، ومثالاً للرياضي الذي لم يساوم على إنسانيته".
لم يعلّق الجيش الإسرائيلي على الحادثة، وتتزايد الانتقادات الدولية بشأن استهداف المدنيين في نقاط المساعدات وسط تحذيرات أممية من انهيار شامل في النظام الإنساني داخل القطاع.
سليمان العبيد ليس أول من يفقد حياته في طوابير الطعام في غزة. إنها معاناة تطال أهالي القطاع كل يوم، يخرجون للحصول على وجبة طعام ولا ينالها إلا قلة. إذ تجبر العائلات على المخاطرة بحياتها من أجل الحصول على الطعام، ومنذ 27 مايو الماضي قُتل أكثر من 1060 شخصاً وجرح 7200 أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء بحسب منظمة الصحة العالمية.