"العالم العربي غير معني مباشرة بتغيير الناتو لعقيدته العسكرية"
٢٠ نوفمبر ٢٠١٠وسط حماسة أمريكية وتحفز روسي وفتور عربي، التقى زعماء العالم في لشبونة لحضور قمة حلف شمال الطلسي "ناتو" بهدف تبني عقيدة عسكرية جديدة للسنوات الـعشرة المقبلة، في ظل المتغيرات التي طرأت على الساحة الدولية في الآونة الأخيرة، وبهدف اتخاذ قرارات مهمة بشأن الانسحاب من أفغانستان، إضافة إلى الدرع الصاروخية، والعلاقات مع روسيا.
وفي وقت وصف فيه الأمين العام لـ "ناتو" فوج أندرس راسموسين الاجتماع بأنه "واحد من القمم الأكثر أهمية في تاريخ الحلف"، كان لابد من التعرف على انعكاسات تلك المناقشات على المنطقة العربية ودول جنوب المتوسط، فكان هذا الحوار مع الخبير العسكري المصري، والمحلل الاستراتيجي، اللواء أركان حرب طلعت مسلم.
دويتشه فيله: هل تلمس في الإستراتيجية الجديدة لحلف الناتو عناصر جديدة يمكن أن تنعكس على علاقات حلف شمال الأطلنطي مع الدول العربية ؟
اللواء أركان حرب طلعت مسلم: أعتقد أن جدول الأعمال الموضوع أمام مؤتمر قمة الناتو الحالية في لشبونة، ليس به ما يمس الجانب العربي بشكل مباشر، وإن كانت كل القضايا التي يتم بحثها تمسه بشكل غير مباشر، فعندما يكون هناك حديث عن التسلح أو الإرهاب، باعتبار أن هناك من يرى أن الإرهاب الدولي ينبع من هذه المنطقة، هذا يمكن أن يكون له علاقة بالدول العربية. ولكن أيا كان فالبرنامج يركز على أفغانستان وأنا لا أستطيع أن أرى في الملف الأفغاني مساسا مباشرا بالجانب العربي.
يرى منتقدون للعقيدة العسكرية الجديدة المنتظر أن يتبناها حكماء الناتو أنها لا ترمي سوى إلى تفعيل صياغات جديدة لمخططات قديمة على رأسها خوض عمليات حربية في أية بقعة من العالم حتى في ظل حرب واسعة النطاق.. ويرى آخرون أن فلسفتها تقوم على البحث عن عدو جديد ... ما رأيك ؟
رأيي أن هذا ليس جديدا. سبق واتخذ حلف الأطلسي قرارا بأن يمارس مهامه خارج منطقة الأطلسي، وبالتالي استطاع أن يفرض مهامه ويمد عناصره وأعماله إلى خارج نطاق منطقة "الناتو". كل هذا ليس جديدا. الجديد في الواقع هو أن حلف شمال الأطلسي في ظروف، أعتقد أنها كلها ليست في صالحه، فهو يبحث عن محاولة دعم مهامه ومدها في حين أن الظروف الإقليمية والدولية المحيطة به لا تدفعه في هذا الاتجاه.
لو تحدثنا عن أزمة الثقة التي هي عنوان العلاقات الأطلسية-الروسية الآن مع بدء أعمال القمة.. كيف يمكن أن يؤثر ذلك التوتر القائم على العالم العربي ؟
توتر العلاقات بين روسيا وحلف الأطلنطي لم تعد تؤثر كثيرا على المنطقة العربية، لأن روسيا أصبح دورها بعيدا عن المنطقة، ربما تهتم الآن بعلاقات التعاون التجارية، لكن العلاقات الإستراتيجية لم تعد لها أهمية كبيرة في السياسة الروسية الخارجية وبالتالي لا أتوقع أن يكون للتنافس الروسي-الأطلسي الآن تأثيرا يذكر على الجانب العربي.
بعض الدول العربية منها المغرب والجزائر ومصر، على سبيل المثال، تشارك في بعض أعمال الناتو وأحيانا يقومون بإجراء مناورات.. هل كان لذلك أي مردود إيجابي على هذه الدول ؟
لا أرى أي تأثير إيجابي. من المعروف أن هناك برنامج يسمى "حوار المتوسط" مع دول الجنوب، تشترك فيه حوالي 6 دول عربية، ولا أجد أن نتائج أعمالهم انعكست بأي شكل من الأشكال على شعوبهم. لذلك لا يوجد في الحلف حتى الآن ولا في إشراك الدول العربية فيه ما يمكن أن يؤثر فعليا على المنطقةّ، خاصة وأن القضية الأساسية في الشرق الأوسط هي الصراع العربي-الإسرائيلي، في حين أن إسرائيل مشاركة في نفس البرنامج التابع لحلف شمال الأطلسي.
هل يمكن القول إذن بأن حلف الناتو بالفعل يريد من بلدان الجنوب المتوسطي دور شرطي فحسب، لمواجهة قضايا أمنية مثل الهجرة غير الشرعية ومكافحة المخدرات والإرهاب وما إلى ذلك ؟
نعم من المؤكد أن حلف شمال الأطلسي يهتم في علاقاته مع دول جنوب المتوسط بالقضايا التي يرى أنها تمس أمنه هو. أما بالنسبة لأمن هذه الدول، فلا أجد أنه شارك أبدا بأي شكل فعال في القضايا الملحة للمنطقة.
ترى روسيا أن في الطموح الأطلسي التوسعي في شرق أوروبا تهديدا لنفوذها السابق.. ألا يمثل التوسع الأطلسي تهديدا لمنطقة الشرق الأوسط ولو في تغيير معادلة العلاقات السياسية الدولية وتكريس عالم أحادي القطب ؟
لا شك أن هذا له تأثيره على المنطقة، لكن باعتبارها جزء من العالم، وليس بصفة، خاصة، إلا إذا أخذنا في الاعتبار أن المنطقة قريبة ومتاخمة لدول الحلف ولروسيا. في الوقت نفسه، الولايات المتحدة الأمريكية تسعى دائما في محاولات حثيثة لاحتواء أي خلاف بينها وبين روسيا، ومن ثم فإن ما تراه روسيا توسعا غربيا أطلنطيا تقوده أمريكا يتم احتواؤه دائما من قبل واشنطن، بحيث لا يرقى لدرجة الأزمة.
بالعودة إلى قمة "ناتو" ما توقعاتك للصيغة التي يمكن أن ينتهي إليها حكماء الحلف العسكري مع الدب الروسي.. هل ينجحوا باعتقادك في إقناعه بالاشتراك في مبادرة الدرع الصاروخية ؟
أعتقد أن احتمال نجاحهم في هذا المسعى محدودة وضعيفة. وغالبا سيصلون لصيغة بمواصلة التفاوض بين الطرفين لإيجاد أفضل الحلول لتحقيق المصلحة المشتركة، مع تأكيد حلف الناتو على أن البرنامج ليس موجها ضد روسيا. هذا باعتقادي ما يمكن أن يصدر عن القمة.
أجرت الحوار: أميرة محمد
مراجعة: حسن زنيند