السودان: نار الحرب تأكل الأخضر قبل اليابس
خلفت الحرب في السودان آثاراً سلبية كبيرة على الغطاء النباتي والغابات لا سيما في ولايات دارفور وكردفان، حيث أدت العمليات العسكرية المستمرة إلى تدمير مساحات واسعة وزيادة معدلات قطع الأشجار لتلبية احتياجات الوقود والبناء.
تدهور الغطاء النباتي
فقد السودان نحو 90% من غاباته بعد انفصال الجنوب، حيث كانت معظم الغابات الاستوائية تقع في الإقليم الجنوبي. وبحسب تقرير نشرته صحيفة التغيير السودانية في آب/أغسطس 2024، أكد "مرصد حرب السودان" أن صوراً التُقطت في حي الخرطوم بيلي بمدينة نيالا (عاصمة ولاية جنوب دارفور) أظهرت عدداً كبيراً من الأشجار التي تعرضت للجفاف الكامل وماتت، وأخرى تعرضت للجفاف الجزئي نتيجة الحر الشديد خلال العام الماضي.
القطع الجائر
وأكد عدد من المواطنين لبرنامج "السودان الآن" الذي تبثه قناة DW عربية الألمانية، أنهم باتوا يعتمدون بشكل رئيسي على الحطب الذي يتم جمعه من الغابات والمناطق المجاورة، بالرغم من إدراكهم للتأثيرات البيئية السلبية الناتجة عن هذه الممارسات.
ندرة في مصادر الحطب
كما أدى تدفّق أعداد كبيرة من النازحين إلى مخيمات النزوح في دارفور إلى مزيد من الضغط على الموارد البيئية، ما نتج عنه استنزاف الموارد الطبيعية ومنها الحطب. ما سبق نتج عنه تراجع كبير في الغطاء الشجري، خاصة في المناطق التي استقبلت أعداداً كبيرة من الفارين من مناطق النزاع.
اقتصاد الصمغ العربي في السودان
يساهم تراجع الغطاء الغابي في السودان في تسارع التصحر وتدهور الأراضي الزراعية والرعوية، مما يهدد سبل عيش المجتمعات الريفية. كما أدى هذا التدهور إلى تراجع إنتاج الصمغ العربي، أحد أهم صادرات البلاد، والذي يُستخرج من أشجار السنط ويُستخدم عالمياً في الصناعات الغذائية والدوائية ويعد السودان من أكبر مصدري الصمغ العربي في العالم.
السودان يخسر ثروته الخضراء
في ظل غياب الدولة، أصبحت الغابات عرضة للاستغلال من قبل المدنيين والمسلحين والتجار، دون أي اعتبار للتوازن البيئي أو التنوع الحيوي. يُستخدم الخشب والفحم النباتي كمصدر رئيسي للطاقة المنزلية في معظم المناطق، وهو ما أدى إلى تراجع كبير في المساحات الغابية. وتشير تقارير بيئية إلى أن السودان يفقد سنوياً آلاف الهكتارات من غطائه الغابي، في ظل ضعف الرقابة وتراجع جهود إعادة التشجير.
تأثيرات طويلة الأمد
في تقرير نُشر قبيل انعقاد مؤتمر "كوب 16" لمكافحة التصحر، حذّرت الأمم المتحدة من أن إزالة الغابات وتدهور التربة يقوضان قدرة الأرض على التكيف مع تغير المناخ، ويقودان إلى خسائر فادحة في التنوع البيولوجي، واستنزاف موارد المياه، وتفاقم مستويات الفقر، خصوصًا في المناطق الريفية.