خسائر فادحة بسبب تهريب الثوم إلى ألمانيا
١٨ مايو ٢٠١٠مع ظهور تباشير الصباح الأولى يكتظ سوق كولونيا الرئيسي بالحركة والناس، وتبدأ الشاحنات بنقل الفاكهة والخضروات داخل ممراتها. ويحظى الثوم الذي يلقب بصاحب القفازات البيضاء باهتمام خاص في عمليات النقل التي تتم داخل أروقة السوق. ديلافر كسكين الذي يعمل لصالح شركة فرمين مونتانر داخل سوق كولونيا، يقوم بالتوزيع على تجار التجزئة وأصحاب المطاعم ويزودهم بشتى أنواع الفاكهة والخضروات. ويزودهم أيضاً بالثوم الذي يقدمه على مدار السنة دون انقطاع.
عندما تصل رأس الثوم البيضاء الى طاولة البيع لدى ديلافر كسكين تكون قد خلفت وراءها رحلة طويلة في شتى الأنحاء والاتجاهات. فالصناديق التي تحتوي على رؤوس الثوم البيضاء منها ما جاء عبر فرنسا وأخرى من أسبانيا و إيطاليا وأيضا من الأرجنتين. لكن الكميات الكبيرة فتجلب من الصين، ففي العام الماضي 2009 بلغ حجم الثوم الذي جلب منها 1800 طن أي 7,3% أكثر من العام الذي سبقه، و بزيادة عن السنوات العشر السابقة بمقدار الثلث.
الأجانب يستهلكون الثوم أكثر من لألمان
هذه الأرقام تؤدي الى الفرضية التي تقول إن الثوم مطلوب بشدة لدى الألمان وبشكل دائم. ولكن محلل السوق ميشائيل كوخ من الجمعية الألمانية لمعلومات التسويق الزراعي في بون يتناول هذه الفرضية بحذر شديد ويقول :"إن هذه الأرقام التي نرجع إليها لا توضح بالضرورة ارتفاع نسبة الشراء للثوم للاستخدام الخاص، ففي الأعوام السابقة ارتفع الاستخدام الخاص للثوم بمعدل 200 جرام داخل المنازل على مدار السنة."
كما أن الدراسة التي أجرتها جمعية بحوث الاستهلاك طلعت بنتيجة أن الأجانب يستخدمون ضعف كمية الثوم في بيوتهم. ولكن هل يمكن أن نستخلص من هذه النتيجة أن الثوم هو من المواد المفضلة في المطبخ الألماني ؟ في معرض الإجابة على ذلك يقول ميشائيل كوخ "إن هذه الفرضية لا يمكن أن تكون خطأ، ولكن من الممكن أن نبرر ارتفاع نسبة استخدام الثوم باستخدامه في المطاعم بكثرة في الآونة الأخيرة أيضا."
ويؤكد علي ذلك يورجن كيللير الذي يعمل أكثر من 30 عاماً في مجال الطبخ، كما أنه يشغل منصب كبير طباخي مطبخ كايزرهوف في زيغبورج، حيث يقول إن الثوم يدخل في تكوين. معظم البهارات التي يضيفها الى السلاطة، والزبائن باتوا يتقبلون ذلك لأن ثقافة الطبخ لدى الألمان استوعبت فنون طبخ جديدة ويضيف: " لم يعد يوجد ذلك التخوف من رائحة الثوم، واليوم يمكن أن يأكل الإنسان في غذاء العمل وجبات معدة بالتوابل التي تحتوي على كمية كبيرة من الثوم، وهذا شيء لم يكن يحدث قبل حوالي خمسة عشر عاما.
الثوم صحي للقلب وللدورة الدموية
الثوم ليس ذا مذاق جيد فقط بل هو صحي أيضاً، وقد عرف الرومان القدامى سر الثوم من قبل. وقدمت البحوث العلمية برهاناً على ذلك عام 2007، وكما يقول البروفسور دافيد كراوس أستاذ البيولوجيا في جامعة ألاباما ببيرمينجهام الأمريكية: "عندما يأكل الإنسان الثوم تتجه خلاصته الى الجهاز الهضمي، ومنه إلى الدورة الدموية، وفيها يتقابل مع كرات الدم الحمراء ويساعد على تكوين كبريتيد الهيدروجين الذي يترسب على الجدران الداخلية للأوعية الدموية ويجعلها في حالة استرخاء." إن كبريتيد الهيدروجين الذي ينتجه الثوم صحي لجسد الإنسان، فهو يساعد على توسيع الأوعية الدموية وتنظيم ضغط الدم، وفي الصيدليات تباع عقاقير محضرة من الثوم.
الثوم بطل عمليات التهريب إلى السوق الألمانية
وينمو الثوم في التربة الألمانية، ولكن أكبر الكميات منه تنمو في الصين، وعملية إنتاجه هناك أقل تكلفة. وتفرض كل دول الاتحاد الأوروبي رسوماً جمركية عالية على استيراد الثوم الصيني، ولذلك يستخدم المستورد اسم دولة أخرى مصدرة غير الصين، أو يقدمه إلى الجمارك على أنه جاف وليس طازجاً، حتى يحصل على رسوم جمركية منخفضة كما يقول المسؤول الجمركي هيرته. وهو ما يفوّت على الجمارك وإيرادات الدولة خسائر تقدر بنحو 24 ألف يورو لكل حاوية. ومما يعنيه ذلك تكبد مصالح المالية خسائر بمئات ملايين اليورو سنويا حسب هيرته.
وهكذا فإن قصة الثوم لا تقف عند حد مذاقه الجيد وتأثيره الإيجابي على الصحة، بل ارتبط اسمه بعمليات التهريب، كما يصرح السيد أكسل هيرته من مكتب الجمارك بهامبورج : "لدينا معلومات أنه يتم تهريب الثوم إلى ألمانيا،" ويستطرد قائلا: " في كثير من الحالات يتم إخفاء الكمية الحقيقية من الثوم من أجل دفع رسوم جمركية أقل، أو عدم دفع رسوم على الإطلاق عندما تكون الكمية صغيرة".
الكاتب: سوزانة شيفر/هاني غانم
مراجعة: منى صالح