الاجراءات الحمائية تقلل من المنافسة في سوق الطاقة الأوروبية
١ مارس ٢٠٠٦تتهم ايطاليا فرنسا بممارسة نوع من "السلطة الأبوية الاقتصادية" من اجل حماية الشركات الفرنسية. ومرد ذلك يعود الى قيام فرنسا بالتدخل لإفشال صفقة يتم بموجبها بيع شركة الطاقة الفرنسية سويز لشركة اينل الإيطالية العملاقة العاملة في مجال الطاقة، وهي ثالث اكبر شركة إيطالية في هذا المجال. فقد أنقذت الحكومة الفرنسية سويز عن طريق دمجها بشركة غاس دو فرانس الفرنسية، التي تسيطر عليها الحكومة، خشية وقوعها بأيادي غير فرنسية. أثار الإجراء الفرنسي الكثير من النقد وردود فعل غاضبة. إذ اجمع ساسة وصحف ايطاليا، رغم اختلاف أطيافهم، على التنديد بالقرار الفرنسي. كما حذر وزير الاقتصاد الإيطالي جيليو تريمونتي من عواقب وخيمة إذا لم يتدخل الاتحاد الأوروبي، واصفاً الإجراء بأنه محاولة لبناء "حواجز وقائية"، ودعا الى الكف عن مثل هذه الاجراءات.
فرنسا تبيح لنفسها الكثير
تقول رئيسة قسم الطاقة والمواصلات والبيئة في معهد البحوث الاقتصادية كلاوديا كيمفيرت إن "فرنسا تحاول جاهدة حماية شركاتها الكبرى" وطالبت بالمزيد من المنافسة في سوق الطاقة الأوروبي. فهي ترى ان فرنسا ماضية في عزل أسواقها وهو ما يقلل من التنافس داخل البلد. كما يرى فولفغانغ بفافنبيرغر، مدير معهد بريمن للطاقة، هو الآخر ان الإجراء الفرنسي مبالغ فيه. وفال "إن نطاق عمل سويز لا يقع ضمن الأراضي الفرنسية بل في السوق العالمية." وأبدى استغرابه من عدم السماح لشركة إيطالية من الاشتراك في السوق الفرنسية. ففي الوقت الذي تقوم فيه فرنسا بشراء شركات في البلدان الأوروبية الأخرى، فأنها تقوم بحماية شركاتها الخاصة. إذ تقوم شركة اليكتريكت دي فرانس بتزويد لندن بالتيار الكهربائي. ويقول بفافنبير عن ذلك ان البريطانيين غير راضين عن ذلك تماماً ولكنهم يسمحون بذلك. الجدير بالذكر ان نصف عدد الشركات التي تزود انجلترا بالطاقة والبالغة اثنتا عشر شركة، تدار من قبل جهات غير بريطانية.
ومما يثير حنق الإيطاليين ويعزز شعورهم بغزو اقتصادي لبلدهم هو إعلان مصرف بي.ان. باربيا، الذي يعتبر الأكبر في فرنسا، بالإعلان هذا الشهر عن عرض قيمته تسعة مليارات يورو لشراء مصرف بنكا ناسيونالي ديل لافورو سادس اكبر مصرف إيطالي من حيث حجم الموجودات، من دون تدخل الحكومة الإيطالية. وبات الشعور في ايطاليا هو ان روما أصبحت ساحة مفتوحة لرجال أعمال فرنسيين، في الوقت الذي لا تريد فيه باريس معاملة المستثمرين الإيطاليين بالمثل.
أسبانيا تحمي شركاتها أيضا
يتحدث الخبراء في قضية غاس دو فرانس-سويز عن تدخل حمائي فرنسي على الطريقة الأسبانية، إذ ترفض الحكومة الاسبانية محاولات شركة دوسلدورفر أي.نو الألمانية لابتلاع شركة الطاقة الأسبانية اينديزا في صفقة مقدارها 29 مليار يورو. فأسبانيا لا ترغب ان تقع مشاريعها في أيادي أجنبية، حتى لو كانت أوروبية. تنظر كيمفيرت من معهد البحوث الاقتصادية بعين النقد لمثل هذا الإجراء الاسباني. وترى ان مثل هذه الاجراءات الحمائية الاقتصادية "غير معللة" وتحذر في الوقت نفسه من ان عدم اندماج الشركتين سيقود الى رفع أسعار الطاقة المقدمة للمستهلك. فتحرير الاقتصاد هو خير وسيلة لبناء سوق عالمية من شأنها خفض الأسعار الناجم عن المنافسة.
تحرير سوق الطاقة عملية بطيئة
تم في عام 1997 وضع الخطوط العامة لسوق داخلية للطاقة الكهربائية في الاتحاد الأوروبي. وبعد ذلك بعام واحد جرى الشيء نفسه لسوق داخلية للغاز. وفي شهر شباط/فبراير من هذا العام اعترفت المفوضية الأوروبية بأن تحرير سوق الطاقة لم يتطور بالشكل المطلوب بما يغطي بلدان الاتحاد الأوروبي بالشكل الذي يضمن راحة المستهلك. وبالمقارنة مع سوق الاتصالات فأن تحرير سوق الطاقة عملية طويلة الأمد، كما تقول كيمفيرت، معللة ذلك بالحاجة لشركات اكبر لان الامر متعلق بأنابيب نقل النفط والغاز وغيرها من المعدات الى "استخدام مكثف لرؤوس الأموال." وتعتبر انجلترا والدول الأسكندنافية دولا مثالية فيما يتعلق بقطاع الطاقة، لأنها بدأت مبكراً بخصخصة هذا القطاع، الامر الذي ادى الى اتساعها بشكل اكبر من شركات وسط أوروبا، كما يقول بفافنبير من معهد بريمن للطاقة.