الأوروبيون بين الهوية الوطنية والأوروبية
٢٨ مارس ٢٠٠٧يعتبر رئيس قسم التثقيف السياسي في مؤسسة كونراد أديناور الألمانية شتيفان آيزل أوروبا "مكانا للقيم وللثقافة المشتركة"، كما أنه يرى في الاتحاد الأوروبي درساً تاريخياً، تمخض عن سلسلة طويلة من الحروب وجهود السلام. ويضيف آيزل أن الاتحاد الأوروبي ليس درسا من الماضي فحسب، بل إنه كذلك "تطلعات الإنسان الأوروبي نحو مستقبل أفضل". ويعتقد الخبير الألماني أن من الضروري أن تحافظ أوروبا الموحدة على استقرارها، لأن دورها اليوم أصبح هاماً في عالم بدأت تسوده العولمة. ويربط آيزل بين استقرار المؤسسة الأوروبية وفعاليتها على الصعيدين الداخلي والخارجي، فالاتحاد الأوروبي في رأيه لا يكتسب شرعيته فقط من خلال الحفاظ على القيم الأوروبية الداخلية، بل أيضاً من خلال الدفاع عن هذه القيم عبر سياسته الخارجية.
أما المواطنة الفرنسية كلارا سيرفيتش وهي من أصل بولندي، فتقول إن انضمام بولندا إلى أوروبا الموحدة أشعرها بالتعافي من "انفصام الشخصية"، الذي كانت تشعر به كلما عبرت الحدود بين الدول الأوروبية. وتضيف سيرفيتش التي تعمل محررة صحفية: " الآن أستطيع القول بدون تردد أنني أوروبية"، ويشاطرها في هذا الشعور الطالب، ليينو كومو، المولود من أب إيطالي وأم فرنسية، والذي يقول إنه رغم نمو الشعور الوطني الفرنسي، إلا أنه بدأ يشعر بالانتماء إلى أوروبا من خلال التواصل مع طلبة أوروبيين أثناء برنامج تبادل أكاديمي أوروبي.
الهوية الأوروبية بين الاغتراب والشوق
على العكس من ذلك تقول الموسيقية الألمانية كورديليا بيرغوتس التي تقيم في الولايات المتحدة، إن ليس لديها هوية أوروبية، بل تشك في أن هذه الهوية "ستأتي في يوم من الأيام". وتوضح أسباب ذلك بالقول: "إن الدول الأوروبية مختلفة كثيراً عن بعضها البعض، فمثلا أثناء دراستي في إيطاليا شعرت أنها دولة أجنبية ذات ثقافة أجنبية مختلفة، حتى لو كانت جزءاً من أوروبا".
أما مواطنتها، مونيكا نيكيناس شتوبه، فتقول: "شعوري بالأوروبية يدفعني إلى التفكير بالفترة التي قضيت فيها لأول مرة ثلاثة أشهر في الولايات المتحدة الأمريكية. فبعد أسابيع قليلة شعرت باشتياق كبير إلى وطني، ليس فقط إلى ألمانيا بل إلى إيطاليا وفرنسا وإنجلترا أيضاً ". وتضيف شتوبه وهي تعمل منسقة مشاريع في منظمة ميت أوست MitOst التي تدعم التبادل الثقافي واللغوي في وسط وشرق وجنوب أوروبا، أنها شعرت وقتها بالاشتياق إلى طريقة الحياة في أوروبا وفكرت حينها "بالشخصية الأوروبية المشتركة ".
كذلك الحال لدى أديريانو فاليري، الذي يعمل مخرجا ويعيش في فرنسا. فعندما دار نقاش بينه وصديقته الصينية حول المكان، الذي ينشأن فيه العائلة أجابها دون تردد: "في أوروبا". وأدرك وقتها أنه غير مهتم بالمكوث في دولة أوروبية محددة "فالمهم أن أكون في أوروبا بالقرب من جذوري وعائلتي ومعارفي في العمل".
"الهوية الأوروبية هي قيم حقوق الإنسان"
وتقول أنا نيدوسبال، وهي محللة اقتصادية بولندية تعمل في المانيا: "إذا أراد المرء تحديد القيم التي من المفترض أن تكون مشتركة بين دول أوروبا، فيمكن القول إنها الالتزام اتجاه الفرد واحترام حقوق الإنسان والتسامح". وتتساءل نيدوسبال عما إذا كان ذلك كافياً كي تشعر بهويتها الأوروبية. وتتابع المحللة البولندية: "لا أعتقد ذلك، ففي الواقع، هناك شيء واحد أشتاق إليه في أوروبا الغربية، وهو المبدأ الأوروبي الأساسي بأن الناس يُعاملون بطريقة متساوية". إلا أنها ترى أنه في كثير من الأوقات يعامل البولنديون كأنهم مواطنون من الدرجة الثانية.
من جهته يرى إيتسيبر روميرو، وهو إسباني مقيم حالياً في ألمانيا، أن فائدة الاتحاد الأوروبي تكمن في إزالة الحواجز بين الدول وفي الفرص المتاحة لتعرف الناس على بعضهم البعض. ويشير روميرو إلى أهمية إقامة المشاريع الأوروبية المشتركة، التي من شأنها تنمية الشعور لدى الناس بالانتماء إلى أوروبا.
هل هناك هوية أوروبية خالصة؟
وتتساءل مالغورتسانا غورنياك، وهي طالبة بولندية تدرس في النرويج، كيف يمكن للمرء أن يشعر بأنه أوروبي بينما يقيم في أوروبا خليط من الأجناس والثقافات من أوروبا ومن خارجها، وتضيف قائلةً: "أنا أوروبية لأنني أعيش في أوروبا من 28 عاماً، وأستطيع القول إنني أشعر بأنني أوروبية، ولكن ليس بشكل كامل، فلدي العديد من الأصدقاء الرائعين من دول غير أوروبية، ولقد تعلمت الكثير منهم". ورغم أن غوريناك ولدت في بولندا وسافرت إلى العديد من الدول الأوروبية مثل الدنمارك وهنغاريا ويوغسلافيا وإيطاليا والنمسا وألمانيا، إلا أنها تعيش حاليا في النرويج، وهي دولة غير عضو في الاتحاد الأوروبي.