افتتاح أكبر كنيس يهودي في أوربا تأكيد على عودة الحياة إلى الجالية اليهودية

في جو احتفالي ضم كبار الشخصيات الألمانية الرسمية افتتح في قلب مدينة ميونيخ في جنوب ألمانيا الكنيس اليهودي الجديد الذي يعد من أكبر المركز اليهودية في أوربا. وحضر حفل الافتتاح الرئيس الألماني هورست كولر ورئيس وزراء ولاية بافاريا ادموند شتويبر وعمدة مدينة ميونيخ كريستسان اودي والسفير الاسرائيلي في المانيا شيمون شتاين الى جانب رئيسة المجلس اليهودي المركزي في المانيا شار لوت كنوبلوخ الى جانب حوالي ألف مدعو آخر.

ويأتي اختيار هذا اليوم ليتزامن مع الذكرى الثامنة والستين لـ "ليلة الكريستال"، التي وقعت إبان الحكم النازي عام 1938 في ليلة 9/10 نوفمبر - تشرين الثاني، حيث قام النازيون فيها بحرق وتدمير دور العبادة لليهود ومحلاتهم وبالهجوم على بيوتهم مما تسبب في حرق 267 كنيساً وقتل 91 يهودياً. يذكر أن هتلر كان قد أمر قبل ذلك شخصياً في يونيو/ حزيران، أي قبل خمسة أشهر بتدمير الكنيس اليهودي الرئيسي في مدينة ميونيخ، كما أن ليلة الكريستال كانت الشرارة التي أوقدت نار الاضطهاد والابادة النازية لليهود خلال الحرب العالمية الثانية.

أهلا باليهود في بلدهم ألمانيا

وتريد الجالية اليهودية بافتتاح هذا المركز أن تؤكد على أن ألمانيا وطنها، حيث تؤكد شارلوته كنوبلوخ، رئيسة المجلس الأعلى لليهود في ألمانيا: "بعد 68 عاماً من تدمير الكنيس الرئيسي في ميونيخ نفتح الآن بوابة الوطن ليهود ميونيخ، إنني أتمنى لهذا البيت والمجمع وللأجيال القادمة مستقبلاً مفعماً بالأمل".

أما الرئيس الألماني فقد إعتبر بناء هذا المركز اليهودي خطوة هامة وصحيحة يخطوها المجتمع اليهودي في ميونيخ على طريق المستقبل مشيرا إلى أن هذه الخطوة تحتاج الى الشجاعة وأن المجتمع الألماني يتطلع الى المستقبل مؤكداً ذلك في كلمته التي ألقاها في حفل التدشين قائلاً: "إننا نحتاج الى الأحلام، الى تصور مستقبل مشترك في ألمانيا يتسم بالتنوع والتسامح. إن ذكرى المحاولات الفظيعة لإبادة الحياة اليهودية في المانيا وأوربا سترافقنا دائماً، وإن نسيان الضحايا أو تبسيط مصابهم جريمة تعد جريمة جديدة بحقهم وبحق مستقبلنا نحن". وبدوره أعرب ادموند شتويبر، رئيس وزراء ولاية بافاريا، عن سعادته مرحباً باليهود في قلب المجتمع البافاري قائلاً: "إننا سعداء أن يجد مواطنونا اليهود في وطننا ملاذهم الروحي والثقافي والديني ثانية، وهم إغناء كبير لبلدنا".

ويضم المجمع الجديد إلى جانب الكنيس المتحف اليهودي ومدرسة وروضة لأطفال اليهود ومركزاً ثقافياً ومطعماً لتقديم الأطباق اليهودية. ويريد المجلس اليهودي أن يكون هذا المجمع مركزاً للقاء جميع المواطنين على اختلاف أديانهم لليهود وغيرهم، فقالت رئيسة المجلس متمنية ذلك: "أتمنى أن يجد أهالي ميونيخ هذا المكان وساحة يعقوب وكامل البناء كمكان ومركز لهم فيزورونه. كونوا ضيوفنا، تعالوا وتعرفوا على حيوية اليهودية، تعالوا اضحكوا وناقشوا واختلفوا معنا، عايشونا، عندها يصبح هذا المركز اليهودي مكاناً حقيقياً للحوار كما تمناه الرئيس الألماني يوهانيس راو عند وضع حجر الأساس له"، يذكر أن الرئيس الألماني السابق وضع حدر الأساس لهذا المركز .

"من يبني يبقى"

يؤكد هذا المركز والمجمع اليهودي الكبير المتعدد الأغراض على أن اليهود يعتبرون أنفسهم جزءاً من المجتمع الألماني فالحياة الطبيعية عادت الى المجتمع اليهودي الذي استقر نهائياً هنا واختار ميونيخ وطناً له، فمن يبني يبقى. ويرى المؤرخ الألماني ميشائيل برينر من جامعة ماكسميليان في ميونيخ الذي أصدر كتاباً بعنوان: "ميونيخ اليهود – من القرون الوسطى حتى اليوم" أن هناك تحولاً في المجتمع اليهودي في مدينة ميونيخ، حيث لم يعد مغلقاً منعزلاً في الغيتو خلف جدران غير مرئية، وموينخ لم تعد مكاناً مؤقتاً لهم فيقول: "هنا تتوفر الفرصة ليصبح اليهود جزءاً من المدينة حيث لم تكن الحال كذلك حتى الآن"

و تجدر الاشارة الى ان الجالية اليهودية في ألمانيا تعد من أكثر الجاليات اليهودية نمواً في العالم. فمنذ سقوط جدار برلين في عام 1989 هاجر حوالي 200 ألف يهودي من دول الإتحاد السوفيتي سابقاً إلى ألمانيا حيث وجدوا لهم موطناً جديداً وغنياً يمد لهم يد العون والرعاية ويتبنى تكاليف اندماجهم الباهظة في المجتمع الألماني، ولكن الآلاف من هؤلاء هاجروا مغادرين ألمانيا ثانية، ويبلغ تعداد الجالية الآن 110 آلاف وميونيخ تعد ثاني اكبر مكان لتواجد الجالية اليهودية في المانيا بعد برلين.