Literaturhäuser
٣ يوليو ٢٠١٠يزداد الإقبال في ألمانيا على الصالونات الأدبية، وباتت تشكل ملتقى لعشاق المطالعة والأدباء والنقاد. وقد انبثقت فكرتها من برلين، حيث تأسس أول صالون أدبي في المناطق الناطقة بالألمانية وسرعان ما انتشرت فكرة هذه الصالونات في هامبورغ وزيورخ وفرانكفورت وميونيخ. وتطورت الصالونات الأدبية على مر الأيام إلى مؤسسة حية في الحياة الثقافية الألمانية، تتمتع بسمعة ممتازة وتتعاون مع المسارح والمؤسسات الثقافية الأخرى.ففي عام 2002 تم توحيد هذه الصالونات الأدبية لتصبح شبكة، تقدم الكثير من النشاطات، ومنها على سبيل المثال سلسلة لقاءات "البيت الأدبي يجلب الشعر إلى المدينة"، وقد ساعدت التقاليد الألمانية في تطور هذه الصالونات كما يقول مدير برنامج صالون الأدب بمدينة هامبورغ راينر موريتس:" لهذا التطور علاقة بالتقاليد الألمانية العريقة، فالناس تعودوا على الجلوس سوية في صالون كبير والإنصات حوالي ساعة من الزمن إلى نص يتلى عليهم."
ومثل هذا الصبر لا يتحلى به الناس في العديد من الدول، فالذي يحدث في معظم الأحيان هو تخصيص أوقات معينة داخل المكتبات، يقوم خلالها المؤلفون بالتوقيع على كتبهم، ويتحدثون إلى الزوار حول أعمالهم الجديدة. لكن هذه الاجتماعات تنظم لأغراض تجارية ولهدف الدعاية وبيع الكتب، بينما تهدف الصالونات الأدبية كما يقول راينر موريتس إلى أكثر من ذلك: "فكرة الصالونات الأدبية لا تقتصر على توفير مكان لقراءة النصوص من الكتب، إنما تهدف لتكون ملتقى للأدباء والمترجمين والصحفيين والنقاد."
"المطالعة مخدرات شرعية"
وإلى جانب تنظيم النشاطات الثقافية تطورت الصالونات الأدبية إلى أمكنة للقاء داخل المدينة، يشعر فيها الزوار بالمتعة والراحة ويتناولون القهوة ويقرؤون الجرائد. كل هذا وسط مكتبة زاخرة بالأعمال الأدبية تُمد سنوياً بـ150 كتاباً. وتُقدم أحياناً المشورة إلى القراء، كما يفعل شتيفان سامتليبين في صالون الأدب في مدينة هامبورغ، الذي يقول:"هنا يوجد مادة للقراءة تشبع فضول المولعين بالمطالعة، ونحن نعتبر أنفسنا ببساطة تجار المخدرات الشرعية ونساعد القراء على الاهتداء إلى الكتب الجيدة". وينصح سامتليبين هذه السنة مثلاً بقراءة رواية Freelander للروائي الكرواتي ميلينكو يرغوفيتش Miljenko Jergovic، الذي يصور فيها من خلال تجارب أبطاله أحداث الحرب الأهلية في البلقان ويقول "إنه كتاب يثير إعجابي الشديد".
وتأتي المشورة التي يقدمها شتيفان سامتليبين في إطار برنامج الصالون الأدبي في هامبورغ، الذي يسعى رئيسه راينر موريتس إلى توسيع أفق النظر إلى المفهوم الأدبي ويقول: "نريد أن يكون هذا الصالون منبراً لأكبر عدد ممكن من الأجناس الأدبية، وأجد من المؤسف أن ينظر إلى الأدب من نطاق ضيق." وتنظم الصالونات الأدبية برامجها بحرية تامة، فهي تستنير بالإصدارات الجديدة، وتدعو بين الحين والآخر عدة مؤلفين لمناقشة موضوع معين، كما تنظم منابر نقاش حول مواضيع تاريخية وفلسفية. و يؤكد راينر موريتس على أن هذه الصالونات "تقتصر على النشاطات الثقافية واللقاءات الأدبية وبعيدة عن الأغراض التجارية".
ويتحدث مورتس أيضاً باسم رابطة الصالونات الأدبية، التي أسست في عام 2002 وباتت تضم اليوم 11 صالوناً أدبياً في مدن المناطق الناطقة بالألمانية: برلين وهامبورغ وروستوك وكولونيا وشتوتغارت وميونيخ و زوريخ وسالسبورغ وغراس. ويتسع نطاق هذه الصالونات باستمرار، فقد أسست في هذه الأثناء في العديد من المدن الأخرى منها فيسبادن وكارلسروه ودارمشتات. وقد ذاع صيتها في الخارج أيضا، وباتت بعض المدن الأوروبية تقلد هذه الفكرة، ففي براغ وأوسلو وكوبنهاغن بات يوجد اليوم صالونات للأدب الألماني.
الكاتبة: هايدة سولتاو/ منى صالح
مراجعة: عماد مبارك غانم