إيران وإسرائيل: جهود التهدئة تسابق الطائرات والصواريخ
٢٠ يونيو ٢٠٢٥قال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول اليوم الجمعة (20 حزيران/يونيو 2025) إن ألمانيا وشركاءها الأوروبيين منفتحون على إجراء المزيد من المناقشات مع إيران إذا أبدت طهران رغبة جادة لتقديم ضمانات بشأن برامجها النووية والصاروخية. وأضاف قبيل اجتماع مع وزير الخارجية الإيراني في جنيف "يؤكد زملائي في بريطانيا وفرنسا وكذلك مسؤولة السياسة الخارجية (بالاتحاد الأوروبي) دائما على استعدادنا للحوار". وأضاف "هذا يتطلب وجود رغبة جادة من إيران للتخلي عن أي تخصيب للمواد النووية قد يؤدي إلى التسلح النووي. وهذا يتطلب أيضا إدراج برنامج الصواريخ. إذا توفر هذا الاستعداد الجاد، فالنتيجة من جانبنا هي أننا مستعدون لعقد المزيد من المحادثات".
ومن جانبها، قالت إيران اليوم الجمعة إنها لن تناقش مستقبل البرنامج النووي وهي تحت الهجوم الإسرائيلي في وقت سعت فيه أوروبا لإعادة طهران إلى طاولة التفاوض مع إعلان البيت الأبيض أن الرئيس دونالد ترامب سيتخذ قرارا بشأن تدخل أمريكي محتمل خلال أسبوعين.
وبدأت إسرائيل مهاجمة إيران يوم الجمعة الماضي، قائلة إنها تهدف إلى منعها من تطوير أسلحة نووية. وردت إيران بهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل. وتقول إن برنامجها النووي سلمي.
وقالت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا) ومقرها الولايات المتحدة إن الهجمات الجوية الإسرائيلية قتلت 639 شخصا في إيران. ومن بين القتلى كبار المسؤولين العسكريين وعلماء نوويين.
وقالت إسرائيل إن أكثر من 20 مدنيا لقوا حتفهم في هجمات صاروخية إيرانية. ولم تتمكن رويترز من التحقق بشكل مستقل من عدد القتلى من أي من الجانبين.
ويقول مسؤولون غربيون وإقليميون إن إسرائيل تستهدف مواقع نووية ومصانع صواريخ ومناطق مدنية فيما تسعى أيضا إلى إسقاط نظام الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي.
نتنياهو يضع مستقبل النظام الإيراني على المحك؟
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس الخميس "هل نستهدف إسقاط النظام؟ قد تكون هذه هي النتيجة، لكن الأمر متروك للشعب الإيراني للنهوض من أجل حريته".
وتقول إيران إنها تستهدف مواقع عسكرية ودفاعية في إسرائيل. لكنها قصفت أيضا مستشفى ومواقع مدنية أخرى.
واتهمت إسرائيل إيران أمس الخميس بتعمد استهداف المدنيين من خلال استخدام الذخائر العنقودية التي تنشر قنابل صغيرة على مساحة واسعة. ولم ترد بعثة إيران لدى الأمم المتحدة بعد على طلب للتعليق. وقالت إدارة الطوارئ الإيرانية اليوم الجمعة إن الهجمات الإسرائيلية ألحقت أضرارا بخمسة مستشفيات. وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية على موقع إكس اليوم الجمعة إن لديها معلومات تفيد بتضرر بنايات رئيسية في موقع خنداب البحثي للماء الثقيل في إيران إثر هجمات إسرائيلية، بما في ذلك وحدة التقطير. وتلك المعلومات هي تحديث لتقييم الوكالة أمس الخميس الذي قالت فيه إن المفاعل تعرض للاستهداف دون رصد تأثيرات إشعاعية.
ومع غياب مؤشرات على تراجع أي من الطرفين عن موقفه، من المقرر أن يجتمع وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا إلى جانب مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي اليوم الجمعة في جنيف مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لمحاولة تهدئة الصراع.
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي "حان الوقت الآن لوضع حد للمشاهد الخطيرة في الشرق الأوسط ومنع التصعيد الإقليمي الذي لن يعود بالنفع على أحد". واجتمع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو مع لامي أمس الخميس، وأجرى اتصالات منفصلة مع نظرائه من أستراليا وفرنسا وإيطاليا. وقالت الخارجية الأمريكية إن روبيو ووزراء الخارجية اتفقوا على ضرورة "عدم السماح لإيران بتطوير أو امتلاك سلاح نووي أبدا".
وأكد لامي ذات النقطة عبر منصة إكس وأضاف أن الوضع في الشرق الأوسط "لا يزال محفوفا بالمخاطر" وأن "هناك فرصة سانحة الآن خلال الأسبوعين المقبلين للتوصل إلى حل دبلوماسي". لكن عراقجي قال للتلفزيون الرسمي الإيراني اليوم الجمعة إن طهران لن توافق على إجراء أي محادثات في ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية. وقال الكرملين أمس الخميس إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جين بينغ نددا بالهجوم الإسرائيلي واتفقا على ضرورة وقف التصعيد.
وما زال الغموض يكتنف دور الولايات المتحدة. وقالت مصادر إن المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف تحدث إلى عراقجي عدة مرات خلال الأسبوع المنصرم.
وقال البيت الأبيض إن ترامب سيشارك في اجتماع للأمن القومي اليوم الجمعة. ويتأرجح موقف ترامب بين تهديد طهران وحثها على استئناف المحادثات النووية التي تم تعليقها بسبب الصراع.
ضربات صاروخية
في وقت مبكر من صباح اليوم الجمعة، أصدر الجيش الإسرائيلي تحذيرا جديدا من هجوم صاروخي إيراني. وتسبب صاروخ واحد على الأقل في أضرار في بئر السبع بجنوب إسرائيل التي تعرضت للقصف في الأيام القليلة الماضية.
وسقط الصاروخ قرب شقق سكنية ومبان إدارية ومنشآت صناعية، وخلف حفرة كبيرة ودمر واجهة مجمع سكني واحد على الأقل وألحق أضرارا بواجهات مبان أخرى. وقال مسعف "تعرضنا لضربة مباشرة بجوار أحد المباني. الأضرار هنا (كبيرة) للغاية".
وعرضت هيئة البث العامة الإسرائيلية لقطات تظهر سيارات مشتعلة أعمدة كثيفة من الدخان ونوافذ محطمة في المباني السكنية.
وذكر المسعف أن ستة على الأقل أصيبوا بجروح طفيفة مضيفا أن المسعفين ما زالوا يبحثون في الشقق السكنية عن مصابين أو قتلى.
وقصفت إيران أمس الخميس مستشفى رئيسيا في بئر السبع، أكبر مدن جنوب إسرائيل. وقالت إيران إنها قصفت مقرا عسكريا إسرائيليا قرب المستشفى، لكن إسرائيل نفت وجود أي منشآت من هذا القبيل في المنطقة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أيضا تنفيذ عدة هجمات خلال الليل في قلب العاصمة الإيرانية. وأضاف أن الأهداف شملت مواقع لإنتاج الصواريخ ومنشأة لأبحاث وتطوير الأسلحة النووية.
وحذر يسرائيل كاتس وزير الدفاع الإسرائيلي اليوم الجمعة جماعة حزب الله اللبنانية من مغبة المشاركة في الصراع مع إيران قائلا إن صبر إسرائيل نفد مع "الإرهابيين" الذين يهددونها. جاء ذلك بعد يوم من قول نعيم قاسم الأمين العام لحزب الله إن الجماعة اللبنانية تتصرف بما تراه مناسبا "في مواجهة هذا العدوان الإسرائيلي الأميركي الغاشم" حسب تعبيره.
ويدرس ترامب قصف إيران، ربما بقنبلة "خارقة للتحصينات" يمكن أن تدمر المواقع النووية الموجودة تحت الأرض. وقال البيت الأبيض أمس ياالخميس إن ترامب سيحدد خلال الأسبوعين المقبلين موقفه حيال المشاركة في الحرب. قد لا يكون ذلك موعدا نهائيا مؤكدا، إذ يستخدم ترامب عادة مهلة "الأسبوعين" إطارا زمنيا لاتخاذ القرارات، وسمح بتجاوز المهلات النهائية في مسائل اقتصادية ودبلوماسية أخرى.
ومع مواجهة الجمهورية الإسلامية أحد أكبر التهديدات الخارجية منذ ثورة 1979، فإن أي تحد مباشر لحكمها المستمر منذ 46 عاما سيتطلب على الأرجح شكلا من أشكال الانتفاضة الشعبية. لكن نشطاء شاركوا في موجات احتجاج سابقة يقولون إنهم يرفضون إطلاق العنان لاضطرابات جماهيرية، حتى ضد نظام يكرهونه، في ظل تعرض بلادهم للهجوم.
تحرير: ح.ز