إسرائيل لن تنسحب من خمس نقاط في لبنان... ماذا بعد؟
١٧ فبراير ٢٠٢٥أعلن الجيش الإسرائيلي الإثنين (17 شباط/ فبراير 2025) أنه سيبقى في خمس "نقاط استراتيجية" في جنوب لبنان، عشية انتهاء المهلة المحددة لانسحابه، رغم محاولات لبنان الحثيثة للضغط من أجل التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار.
ويسري منذ 27 تشرين الثاني/ نوفمبر وقف لإطلاق النار، أُبرم بوساطة أمريكية ورعاية فرنسية. وكان يُفترض أن تنسحب بموجبه القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان في غضون ستين يوماً، قبل أن يتمّ تمديده حتى 18 شباط/ فبراير.
وقال المتحدث العسكري الإسرائيلي ناداف شوشاني للصحافيين "بناء على الوضع الراهن، سنترك قوات محدودة منتشرة موقتاً في خمس نقاط استراتيجية على طول الحدود مع لبنان، بحيث نواصل الدفاع عن سكاننا ونتأكد من عدم وجود تهديد فوري".
جاء ذلك بعد تأكيد مسؤولين لبنانيين رفضهم احتفاظ القوات الإسرائيلية بنقاط في جنوب لبنان، بعد انتهاء مهلة انسحابها.
الرئيس جوزيف عون يتحدث عن رد لبناني
وكان رئيس الجمهورية جوزيف عون أبدى خلال لقاءاته الإثنين، وفق ما أوردت الرئاسة في بيانات عدة، تخوف لبنان من عدم تحقيق "الانسحاب الإسرائيلي الكامل"، مضيفاً "سيكون الردّ اللبناني من خلال موقف وطنيّ موحّد وجامع". وأكد جهوزية الجيش "للتمركز في القرى والبلدات التي سينسحب منها الإسرائيليون، وهو مسؤول عن حماية الحدود وجاهز لهذه المهمة"، موضحاً "إذا قصّر فحاسبونا".
ودعا عون الذي قال "لن أقبل بأن يبقى إسرائيلي واحد على الأراضي اللبنانية"، "الدول التي ساعدت في التوصل الى الاتفاق لاسيما الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا.. إلى أن تضغط على إسرائيل للانسحاب وتنفيذ الاتفاق".
وحمّل الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم الأحد الدولة اللبنانية مسؤولية العمل على تحقيق انسحاب القوات الاسرائيلية بحلول 18 شباط/ فبراير.
وجاءت المواقف اللبنانية غداة اعتبار رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، أنه "يجب نزع سلاح حزب الله، وإسرائيل تفضل أن يقوم الجيش اللبناني بهذه المهمة". وأضاف خلال مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الأحد، "لكن يجب ألا يشكك أحد في أن إسرائيل ستقوم بما يلزم لتطبيق التفاهمات بشأن وقف إطلاق النار والدفاع عن أمننا".
ورداً على ذلك، قال عون شدد إن "المهم هو تحقيق الانسحاب الإسرائيلي، أما سلاح حزب الله فيأتي ضمن حلول يتفق عليها اللبنانيون".
وتعتبر دول عديدة حزب الله اللبناني، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أخرى. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كـمنظمة إرهابية.
ونصّ وقف إطلاق النار على وقف تبادل القصف عبر الحدود اللبنانية بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، بعد حرب امتدت نحو عام وتخللها توغّل برّي إسرائيلي في مناطق لبنانية حدودية. ولم ينشر النص الحرفي الرسمي للاتفاق، لكن التصريحات الصادرة عن السياسيين اللبنانيين والموفدين الأميركيين والفرنسيين تحدثت عن خطوطه العريضة.
ونصّ الاتفاق على تعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة الموقتة في الجنوب (يونيفيل)، وعلى انسحاب حزب الله من منطقة جنوب نهر الليطاني وتفكيك بناه العسكرية، على أن يتولى الجيش اللبناني ذلك.
وخلال الأسابيع الماضية، تبادل الجانبان الاتهامات بخرق الاتفاق. وأكدت إسرائيل أنها لن تسمح للحزب بإعادة بناء قدراته أو نقل أسلحة. وانسحبت القوات الإسرائيلية من غالبية قرى القطاعين الغربي والأوسط في جنوب لبنان، لكنها لا تزال تتمركز في بعض قرى القطاع الشرقي حيث تنفّذ بشكل شبه يومي عمليات تفجير واسعة النطاق، بالإضافة الى تنفيذها عددا من الغارات الجوية والاستهدافات، ما تسبّب بسقوط قتلى.
وأدت ضربة اسرائيلية على مدينة صيدا في جنوب لبنان الإثنين الى مقتل مسؤول عسكري في حركة حماس.
الجيش الإسرائيلي يقول إنه قتل قائد مديرية عمليات حماس في لبنان
وميدانياً، أعلن الجيش الإسرائيلي أن الغارة "قضت على الارهابي محمّد شاهين الذي شغل منصب قائد مديرية العمليات لحماس في لبنان" بعدما "عمل في الفترة الأخيرة على الترويج لمخططات إرهابية بتوجيه وتمويل إيراني انطلاقاً من الاراضي اللبنانية".
واستهدفت اسرائيل مراراً عدداً من قادة حماس، أبرزهم نائب رئيس مكتبها السياسي صالح العاروري مع ستة من رفاقه بضربات استهدفت مكان اجتماعهم في ضاحية بيروت الجنوبية في كانون الثاني/ يناير 2024. ويشار إلى أن حركة حماس جماعة إسلاموية فلسطينية مسلحة، تصنف في ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.
واستنزفت المواجهة المفتوحة بين حزب الله واسرائيل الحزب، الذي كان يعد القوة العسكرية والسياسية الأبرز في لبنان، بعدما قضت على جزء من ترسانته العسكرية وعدد من قادته أبرزهم أمينه العام السابق حسن نصرالله الذي يُشيّع الأحد في ضاحية بيروت الجنوبية.
ودمّرت الغارات الإسرائيلية مناطق في جنوب لبنان وشرقه وفي ضاحية بيروت الجنوبية. وتقول السلطات اللبنانية إن كلفة إعادة الإعمار بشكل أولي تراوح بين 10 و11 مليار دولار. ولا يزال أكثر من مئة ألف لبناني في عداد النازحين من إجمالي أكثر من مليون شخص فروا منها خلال الحرب.
ونبّهت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان الإثنين الى أن تدمير البنية التحتية يحول دون عودة عشرات آلاف إلى منازلهم. وقال الباحث لدى المنظمة رمزي قيس "تعمّد إسرائيل هدم منازل المدنيين والبنية التحتية المدنية واستخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة يجعل من المستحيل على العديد من السكان العودة إلى قراهم ومنازلهم". وتابع "حتى لو كانت منازلهم لا تزال موجودة، كيف سيعودون مع انعدام المياه والكهرباء والاتصالات والبنية التحتية الصحية؟".
وفي سياق ذي صلة، قالت الرئاسة اللبنانية عقب اجتماع لمجلس الوزراء اليوم الاثنين إن لبنان مدد تعليق الرحلات الجوية من إيران وإليها، دون أن توضح مدة هذا التمديد. وعلق لبنان رحلة جوية إيرانية كانت متجهة إلى بيروت الأسبوع الماضي بعد أن اتهم الجيش الإسرائيلي طهران باستخدام طائرات مدنية لتهريب أموال إلى بيروت لتسليح جماعة حزب الله اللبنانية.
وقالت إيران إنها لن تسمح للرحلات الجوية اللبنانية بالهبوط إلا إذا سمح لبنان بهبوط طائراتها في بيروت.
خ.س/ع.خ/ ع.غ (أ ف ب، أ ب، رويترز)