إسرائيل: توجه نتنياهو لإقالة رئيس الشاباك يهدد بأزمة سياسية
١٧ مارس ٢٠٢٥توالت التداعيات وردود الفعل بعد أن أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عزمه إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) رونين بار، معللا قراره بـ"استمرار انعدام الثقة" مع المسؤول الأمني، وذلك عقب محاولة مماثلة لإقصاء المستشارة القضائية للحكومة.
من جانبه ألمح بار الذي دخل في خلاف علني مع رئيس الوزراء خلال الأسابيع الأخيرة على خلفية إصلاحات في الجهاز الأمني، إلى وجود دوافع سياسية وراء قرار رئيس الحكومة، وأن سببه رفضه تلبية مطالب نتنياهو بـ"الولاء الشخصي". ويُتَّهم الشاباك بالفشل في منع هجوم حركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 الذي أشعل فتيل الحرب في غزة.
ويشار إلى أن حركة حماس جماعة إسلاموية فلسطينية مسلحة، تصنف في ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.
وتفيد تقارير إعلامية إسرائيلية بأن الشاباك كان يحقق مع بعض مساعدي نتانياهو بتهم تلقي أموال من قطر في وقت كانت الحرب في القطاع مستعرة. وأعلنت أحزاب إسرائيلية معارضة أنها سترفع شكوى مشتركة إلى المحكمة العليا ضد إقالة بار. والأحد حذّرت غالي بهاراف-ميارا، المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية والتي غالبا ما كانت لها مواقف تتعارض مع نتنياهو، من أن خطوة رئيس الوزراء بحقّ بار "غير مسبوقة".
وشددت المستشارة، وهي أيضا المدعية العامة في إسرائيل، في رسالة إلى نتنياهو، على أنه لا يستطيع أن يطلق مسار إقالة بار "حتى يتم توضيح الأساس الواقعي والقانوني لقرارك بالكامل".
وتواجه بهاراف-ميارا بدورها مذكرة لحجب الثقة عنها من وزير العدل يريف ليفين الذي قال إن الخطوة تأتي بسبب "سلوكها غير اللائق ووجود خلافات مهمة ومزمنة" بينها وبين الحكومة. وغالبا ما اتخذت باهاراف-ميارا، المدافعة الشرسة عن استقلال القضاء، مواقف مناقضة لمواقف حكومة نتنياهو.
ووجّه نتنياهو رسالة إلى باهاراف-ميارا اتهمها فيها بالسعي إلى "تجريد الحكومة من حرية التصرف" في "تجاهل خطر للسلطة الصريحة التي تتمتع بها الحكومة". وأوضح نتنياهو في رسالته أن "إنهاء ولاية رئيس الشاباك لا علاقة له بالتحقيق" في الأموال القطرية، بل "بالعكس إن التحقيق هو الذي أطلق بعدما تطرّق الإعلام إلى احتمال إنهاء ولايته".
ويتوقع أن تكون الإجراءات ضد الشخصيتين طويلة، ما يهدد بتكرار تجربة عام 2023 عندما تسبب مشروع الإصلاحات القضائية الذي هدف إلى تقليص دور المحكمة العليا، في انقسام عميق داخل إسرائيل، وأطلق إحدى أبرز حركات الاحتجاج في تاريخها.
وأعلنت الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل، وهي منظمة غير حكومية تعنى بمكافحة الفساد، أنها قدّمت التماسا إلى المحكمة العليا تطلب فيه منها منع الحكومة من التصويت على إقالة بار.
وأعلنت "قوة كابلان"، وهي منظمة ليبرالية كانت تقود الاحتجاج ضد الإصلاح القضائي، من جهتها، الاثنين عن تنظيم تجمعات في القدس وتل أبيب خلال هذا الأسبوع للاحتجاج على إقالة رئيس الشاباك. وكشفت عدة مجموعات احتجاجية عن نيتها الانضمام إلى هذه التجمعات.
وتأتي خطوة إقالة بار الذي شارك في المفاوضات بشأن الهدنة الهشّة مع حركة حماس في قطاع غزة، في وقت حساس بالنسبة للمباحثات بشأن المراحل التالية لوقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في كانون الثاني/يناير. ولا تزال الهدنة في غزة صامدة إلى حد كبير، لكن المراحل التالية بشأنها لا تزال موضع تباينات كبيرة بين الدولة العبرية والحركة الفلسطينية.
ومنذ اندلاع الحرب في غزة، أقال نتنياهو وزير الدفاع يوآف غالانت، وقدّم قادة عسكريون استقالتهم أبرزهم رئيس أركان الجيش هيرتسي هاليفي.
وقال بيني غانس، وهو وزير سابق للدفاع في حكومة نتنياهو وأحد أبرز وجوه المعارضة حاليا، في منشور على منصة إكس إن "إقالة رئيس الشاباك هي ضربة مباشرة للأمن القومي وتفكيك للوحدة داخل المجتمع الإسرائيلي، مدفوعة باعتبارات سياسية وشخصية".
وحذرت الرئيسة السابقة للمحكمة العليا دوريت بينيش عبر إذاعة "كان" العامة، من أن نتنياهو يطلق "إجراءات خطرة على المجتمع". وأضافت "علينا أن نستيقظ، وأن نستيقظ في الوقت المناسب". لكن من وجهة نظر حلفاء نتنياهو، يندرج الإجراء بحق بار ضمن الحقوق الطبيعية لرئيس الحكومة.
وكتب وزير المال اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش على تلغرام "في أي دولة طبيعية نحتاج حتى إلى سبب خاص لإقالة رئيس جهاز استخبارات مسؤول شخصيا عن فشل استخباراتي هائل أدى إلى أكبر كارثة في تاريخ إسرائيل؟".
وحذّر الكاتب في صحيفة "يديعوت احرونوت" ناحوم برنياع من المخاطر الناتجة من الصراع بين نتنياهو وبار. وقال إن "رئيس وزراء خارج عن السيطرة سيحكم بالشكل الذي يراه مناسبا، وحكومته الفاشلة ستتبع خطاه". وحذّر من أن ذلك "يجعلنا نقترب أكثر فأكثر من شكل من أشكال الحرب الأهلية... حيث لا ثقة ورفض للانصياع في الأجهزة الأمنية".
بدوره، حذّر عمير تيبون الكاتب في صحيفة "هآرتس" اليسارية، من أن "الديموقراطية الإسرائيلية الآن في خطر شديد". وقال "يعود للإسرائيليين أن يقرروا ما إذا كانوا سيقبلون باستحواذ نتنياهوالعدائي على السلطة، وما هم مستعدون للقيام به من أجل وضعه عند حده".
ف.ي/أ.ح (د ب ا، ا.ف.ب، رويترز)