إسرائيل ترحب والسلطة تندد برفض واشنطن دخول وفد فلسطيني
٢٩ أغسطس ٢٠٢٥أعلنت الولايات المتحدة الجمعة (29 آب/أغسطس 2025) أنها لن تمنح تأشيرات لمسؤولين في السلطة الفلسطينية لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل، حيث تعتزم فرنسا الاعتراف بدولة فلسطينة.
وتزيد هذه الخطوة غير العادية من تقارب إدارة الرئيس دونالد ترامب مع الحكومة الإسرائيلية التي ترفض بشدة إقامة دولة فلسطينية وتسعى لاستبعاد السلطة الفلسطينية من أي دور مستقبلي في غزة.
وقالت الخارجية الأمريكية في بيان إن "وزير الخارجية ماركو روبيو يرفض ويلغي تأشيرات أعضاء في منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة". وأضافت أن "إدارة ترامب واضحة: من مصلحتنا الأمنية القومية أن نحمل منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية مسؤولية عدم الوفاء بالتزاماتهما، وتقويض آفاق السلام".
كما اتهمت وزارة الخارجية الفلسطينيين بشن "حرب قانونية" من خلال لجوئهم إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية لمقاضاة إسرائيل. وعبارة "الحرب القانونية" كان ترامب يستخدمها باستمرار لوصف متاعبه القانونية بعد مغادرته الرئاسة إثر انتهاء ولايته الأولى.
وقالت الخارجية الأمريكية إن السلطة الفلسطينية يجب أن توقف "محاولات تجاوز المفاوضات من خلال حملات حرب قانونية دولية" و"الجهود الرامية إلى ضمان الاعتراف الأحادي بدولة فلسطينية افتراضية".
إسرائيل ترحب بالقرار الأمريكي
ولقي القرار الأمريكي ترحيباً من قبل إسرائيل، واعتبر وزير خارجيتها جدعون ساعر أنه "مبادرة شجاعة". وقال ساعر عبر منصة إكس "شكرا لكم... على المطالبة بمحاسبة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية على مكافآتهما للإرهابيين، وتحريضهما على الكراهية، وجهودهما لشن حرب قضائية على إسرائيل". وأضاف "نشكر الرئيس الأميركي وإدارته لهذه المبادرة الشجاعة وللوقوف مع إسرائيل مجدداً".
السلطة الفلسطينية: قرار واشنطن يتعارض مع القانون الدولي
وطالبت السلطة الفلسطينية واشنطن بـ"التراجع عن قرارها" عدم منح تأشيرات لأعضاء الوفد الفلسطيني. وأورد بيان نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) أن "الرئاسة الفلسطينية أعربت عن أسفها واستغرابها الشديدين للقرار الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية (...) والذي يتعارض مع القانون الدولي"، مذكرة بأن "دولة فلسطين عضو مراقب في الأمم المتحدة".
وأضاف البيان أن "الرئاسة طالبت الإدارة الأمريكية بإعادة النظر والتراجع عن قرارها القاضي بعدم منح الوفد الفلسطيني تأشيرات الدخول إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة".
وقال السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة رياض منصور للصحافيين إنه كان من المقرر أن يحضر الرئيس الفلسطيني محمود عباس الجمعية العامة الأمم المتحدة. واضاف منصور تعليقاً على قرار وزارة الخارجية "سنرى بالضبط ما يعنيه هذا الأمر وكيف ينطبق على أي من أعضاء وفدنا، وسنرد وفقا لذلك".
وفي وقت لاحق قال مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية أنه تم إلغاء تأشيرات دخول الرئيس الفلسطيني محمود عباس و80 مسؤولا آخرين إلى الولايات المتحدة، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) عن أسوشيتد برس.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إنه "من المهم" أن تكون جميع الدول والمراقبين، ومن بينهم الفلسطينيون، ممثلين في القمة المقرر عقدها في اليوم السابق لبدء اجتماعات الجمعية العامة. وتابع دوجاريك "من الواضح أننا نأمل في أن يتم حل هذه المسألة".
إدارة ترامب: "لا نكافئ الإرهاب"
وأحالت وزارة الخارجية الأمريكية على بيانها رداً على طلب توضيحات. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية تومي بيغوت إن الولايات المتحدة "تظل منفتحة على استئناف التواصل إذا اتخذت السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية خطوات ملموسة للعودة إلى الانخراط البناء". وأضاف بيغوت أن "إدارة ترامب لا تكافئ الإرهاب".
واعتبرت الولايات المتحدة وإسرائيل أن عزم فرنسا وغيرها من البلدان الاعتراف بدولة فلسطينية يشكل مكافأة لحماس التي شنت هجوماً غير مسبوق على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
يذكر أن حركة حماس هي جماعة فلسطينية إسلاموية مسلحة تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.
ودعا ماكرون إلى عقد قمة خاصة بحل الدولتين في 22 أيلول/سبتمبر، قبل يوم واحد من الافتتاح الرسمي للجمعية العامة للأمم المتحدة، وستكون فرنسا الدولة الغربية الأبرز التي تعترف بدولة فلسطينية، في حالة أعلنت الإعتراف فعلا.
ومنذ الإعلان عن المؤتمر، قالت كندا وأستراليا أيضا إنهما ستعترفان بدولة فلسطين، وقالت بريطانيا إنها ستفعل ذلك إذا لم توافق إسرائيل على وقف إطلاق النار في غزة.
هل من حق واشنطن رفض منح التأشيرات؟
بموجب الاتفاق المبرم بين الولايات المتحدة والأمم المتحدة كدولة مضيفة للمنظمة الأممية في نيويورك، ليس من المفترض أن ترفض واشنطن منح تأشيرات للمسؤولين المتوجهين إلى المنظمة.
واعتبرت وزارة الخارجية الأمريكية أنها ملتزمة بالاتفاق من خلال سماحها بوجود البعثة الفلسطينية لدى الأمم المتحدة.
ويدعو ناشطون سنوياً الولايات المتحدة إلى رفض منح تأشيرات لقادة الدول التي يعارضونها، غالباً بسبب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وتُرفض مناشداتهم بشكل شبه دائم، مع أن الولايات المتحدة فرضت في الماضي قيوداً صارمة على تنقلات القادة الإيرانيين، بحيث كانت تقتصر على عدة مبان في مدينة نيويورك.
وفي خطوة تاريخية عام 1988، عادت الجمعية العامة للانعقاد في جنيف بدلاً من نيويورك لسماع زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات بعد أن رفضت الولايات المتحدة السماح له بزيارة نيويورك.
ويعتزم ترامب حضور الجمعية العامة، حيث سيلقي أحد الخطابات الأولى في جلسة ماراثونية للزعماء، لكن إدارته قلصت بشكل حاد العلاقات مع الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الأخرى. وقرّر ترامب الانسحاب من منظمة الصحة العالمية واتفاقية الأمم المتحدة للمناخ. كما قرّر فرض عقوبات على قضاة المحكمة الجنائية الدولية الذين يشاركون في تحقيقات بشأن إسرائيل.
تحرير: عبده جميل المخلافي