ألمانيا ضد ألمانيا: حين ترتدي السياسة زي الرياضة
١ يونيو ٢٠١٠"تحيا جمهورية ألمانيا الديمقراطية، وطن الرياضية الألمانية ومستقبلها. تحيا الرياضة الحرة": هذه الكلمات هي أول ما يصافح آذان الزائر بمجرد دخوله إلى قاعة المعرض المقام في بون، وهي كلمات قالها فالتر أولبريشت الرئيس السابق لألمانيا الشرقية، وتوضح المكانة العالية التي كانت الرياضة تحتلها في ألمانيا الديمقراطية حيث كان الرياضيون يُعتبرون "دبلوماسيين بالزي الرياضي"، وهكذا لم يكونوا يكافحون خلال المباريات الدولية من أجل الحصول على ميداليات فحسب، بل من أجل الارتقاء بمكانة الجمهورية الاشتراكية على المستوى الدولي.
بين السياسة والرياضة
معرض "نحن ضد أنفسنا" يسلط الأضواء على العلاقة بين السياسة والرياضة، سواء في ألمانيا الشرقية أو الغربية، بدءاً بما سُمي بـ"معجزة برن"، عندما حصلت ألمانيا الغربية على كأس العالم في كرة القدم عام 1954، مروراً بدورة الألعاب الأوليمبية في ميونيخ عام 1972، وانتهاءً بهدف النصر الذي أحرزه الشرقي يورغن شبارفاسر في مرمى ألمانيا الغربية عام 1974 – في كل هذه الأحداث الرياضية كانت السياسة حاضرة بقوة.
وبينما كانت النوادي الرياضية في ألمانيا الغربية مستقلة سياسياً، كانت الاحتفالات الرياضية في ألمانيا الشرقية ذات طابع سياسي بامتياز. كان الاهتمام بالرياضة قائماً في كلا الدولتين من أجل الارتقاء بالمستوى الصحي للشعب، غير أن الانجازات الرياضية كانت جزءاً لا يتجزأ من حرب الدعاية بين الشرق والغرب. حتى نهاية الثمانينات كان عديد من الرياضيين في ألمانيا الشرقية يعتبرون إنجازاتهم الرياضية تعبيرا عن "حبهم ووفائهم للوطن الاشتراكي"، مثلما قالت الرياضيّة الشرقية مارليس غور ذات مرة.
زائر المعرض يطلّع أيضاً على الجوانب السلبية لهذا الصراع الرياضي، والتي تتمثل في تناول المنشطات من أجل التوصل إلى إنجازات أكبر، في ألمانيا الشرقية كان الرياضيون مجبرين على تناول تلك المنشطات، وهو ما رفع من درجة الاستعداد لتناولها في ألمانيا الغربية. وقد أثار تناول المنشطات انتقادات كثيرة، حتى آنذاك، وهو ما يسمعه الزائر من أفواه شهود العصر، كـ راينر هارتفيش الذي يعمل في شركة أدوية "ينا فارم"، ويقول: "لم يفكر أحد في أن تلك المنشطات تضر بصحة النخبة الرياضية لشعب بأكمله، كما لم يهتم أحد بما يحدث لهؤلاء الناس بعد خمس أو عشر سنوات". وفي ختام المعرض يرى الزائر صور الأبطال الرياضيين الذين احتفت ألمانيا بهم بعد سقوط سور برلين، مثل فرانتسيسكا فان ألمسيك ويان أولريش، كما تقابله صور الرياضيين الذين شاركوا في بطولة العالم التي خاضتها ألمانيا موحدة عام 1990. وهكذا تبقى المقابلة الكروية بين ألمانيا الشرقية والغربية عام 1974 مقابلة فريدة، وهي التي انتهت بهدف مقابل لا شيء لصالح ألمانيا الديمقراطية.
الكاتب: ماتياس غانته (س ج)
مراجعة: حسن زنيند