DW تَتَحقق: فيديو "آسفين يا إيران" .. هل هو مزيف أم حقيقي؟
٢٤ يونيو ٢٠٢٥ما زال تبادل الهجمات بين إسرائيل وإيران يثير قلق العديد من دول العالم، إذ يترقب الجميع تداعيات الحرب بين البلدين وسط تساؤلات حول مدى اتساع نطاقها.
بدأت إسرائيل هجماتها الواسعة على أهداف إيرانية في 13 يونيو/حزيران، معلنة أن الهدف هو منع إيران من تصنيع سلاح نووي، وهو اتهام تنفيه طهران باستمرار. ومنذ ذلك الحين، شنت إيران سلسلة من الضربات الانتقامية على إسرائيل.
وأعلنت وزارة الصحة في إيران السبت (21 يونيو/ حزيران 2025) أن الضربات الإسرائيلية أسفرت عن مقتل 400 شخص على الأقل، بينما أفادت "وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان" (هرانا)، وهي منظمة حقوقية مقرها واشنطن، بمقتل ما لا يقل عن 657 شخصا.
وفي المقابل، ذكر مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في بيان الأحد مقتل 24 شخصا في إسرائيل منذ بدء الهجمات.
كما شنت الولايات المتحدة هجمات على مواقع نووية إيرانية في الساعات الأولى من صباح الأحد، حيث ألقت 14 قنبلة خارقة للتحصينات، وفقا للبنتاغون.
ومع استمرار المواجهة بين إسرائيل وإيران، تثار تساؤلات حول موقف الإسرائيليين من هذه الحرب.
وفي هذا السياق، انتشر فيديو على نطاق واسع، أعاد نشره العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة في العالم العربي، ويزعم أنه يُظهر جانبا من الرأي العام في إسرائيل مناهضا للحرب.
"آسفين يا إيران"
الادعاء: يُظهر الفيديو(الذي تم أرشفته) مئات الإسرائيليين يحتجون على "حرب إسرائيل ضد إيران"، حيث يظهر المتظاهرون في الشوارع وهم يلوحون بالأعلام الإسرائيلية ويهتفون: "أوقفوا الحرب. إيران، نحن آسفون. نحن نريد السلام!"
حصد الفيديو أكثر من 4.9 مليون مشاهدة، وتمت مشاركته على العديد من منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك.
وفي العالم العربي، تم تداوله على نطاق واسع وكأنه فيديو حقيقي.
DW تتحقق: الفيديو غير صحيح!
وأثار الفيديو تعليقات كثيرة، فقد جاء في تعليق "حان وقت تغيير النظام في إسرائيل"، فيما يوحي بأن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يعتقدون أن هذا الفيديو حقيقي.
ورغم ذلك، فقد تبين أن الفيديو مزيف؛ إذ جرى إنشاؤه باستخدام الذكاء الاصطناعي. فكيف جرى الوقوف على أنه مزيف؟
بادئ ذي بدء، في حال النظر إلى حركات أفواه الأشخاص الذين يظهرون في الفيديو، فإنها تبدو على نحو اصطناعي وغير واقعي؛ كما تظهر أذرع البعض ثم تختفي أثناء ترديدهم الهتافات.
والأمر الثاني الذي يدل على أن الفيديو غير حقيقي فيتعلق بجودة الفيديو، حيث إنه رديء للغاية، مما يُسهل تصديق أنه قد يكون حقيقيا.
أما العامل الثالث فيتمثل في أنه في حال النظر بشكل معمق على الزاوية اليمنى من الفيديو، يمكنك رؤية العلامة المائية الخاصة بتطبيق "فيو" (Veo) التابع لعملاق التكنولوجيا غوغل والمتخصص في توليد الفيديوهات باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وقد وثق خبراء في تقصي الحقائق، مثل هاني فريد، أستاذ تحليل الصور والطب الشرعي الرقمي في جامعة كاليفورنيا بيركلي، أن العديد من المقاطع المنتشرة تم إنشاؤها باستخدام تطبيق "فيو" (Veo).
وكتب فريد على منصة "لينكدإنأن "هنالك ملاحظة بسيطة... جميع هذه الفيديوهات إما مدتها ثماني ثوانٍ بالضبط أو تتكون من مقاطع قصيرة (ثمانِ ثوانٍ أو أقل) تم تجميعها معا".
وأوضح هاني فريد أن السبب في اقتصار مدة هذه المقاطع على ثمانِ ثوانٍ هو أن هذا هو الحد الأقصى الذي يمكن لتطبيق "Veo 3" إنتاجه للقطات المتواصلة والمستمرة. وتوفر تطبيقات أخرى فترات أطول، لكنها عادة ما تتراوح بين 8 و10 ثوانٍ.
مدة الفيديو الذي يُظهر المتظاهرين الإسرائيليين ضد الحرب مع إيران هي ثماني ثوانٍ.
وفي العالم العربي، قام العديد بالتأكيد على أن الفيديو غير حقيقي.
هل توجد مظاهرات حقيقية مناهضة للحرب في إسرائيل؟
رغم أن الفيديو مزيف، إلا أن السؤال يبقى: هل توجد احتجاجات حقيقية ضد الحرب في إسرائيل؟
حتى الآن، لا توجد تقارير عن احتجاجات واسعة النطاق في إسرائيل ضد الصراع مع إيران. ولم يتم العثور على أي مقاطع فيديو أو صور من وكالات أنباء تُظهر مظاهرات كبيرة بهذا الخصوص.
وأكد مراسلو DW في إسرائيل عدم وجود مثل هذه الاحتجاجات حتى نهاية الأسبوع الماضي.
وفي المقابل، كشف استطلاع رأي حديث عن تأييد واسع بين اليهود الإسرائيليين للضربات ضد إيران، حيث أظهر أن نحو 83% ممن شملهم الاستطلاع يدعمون العمليات العسكرية ويثقون في المؤسسات الأمنية واستعدادها لصراع طويل الأمد.
أما الفلسطينيون في إسرائيل، فقد أبدى غالبيتهم معارضة للضربات، مفضلين الحلول الدبلوماسية على العمل العسكري.
أعده للعربية: محمد فرحان/ تحرير: صلاح شرارة