هل يمكن أن تنزع الدولة اللبنانية سلاح حزب الله؟
١٦ أبريل ٢٠٢٥لعلّ الصورة الأوضح للضغط الدولي بشأن مسألة سلاح حزب الله تتجلى في تصريحات مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط. فخلال زيارتها إلى بيروت في أبريل/ نيسان الجاري قالت أورتاغوس إن واشنطن تواصل الضغط على الحكومة اللبنانية "من أجل التطبيق الكامل لوقف الأعمال العدائية، بما يشمل نزع سلاح حزب الله وكافة الميليشيات"، مشيرة إلى أن ذلك يجب أن يتم "في أقرب وقت ممكن".
والسؤال الآن هو: هل يمكن للجيش اللبناني القيام بذلك؟
في واقع الأمر، تتضارب تصريحات مسؤولي حزب الله بين الليونة والتسليم بالواقع السياسي المستجد حيناً وبين التشدد والجزم بأن السلاح لن يسلم أحياناً.
وفيما يرى مراقبون أن حلّ سلاح حزب الله بات مسألة وقت وأن النقاش لم يعد يدور حول إمكانية ذلك من عدمه، بل حول الآلية والتوقيت.
رسمياً، الزخم الذي يكتسبه هذا الملف واضح من خلال تعبير رئيسي الجمهورية والحكومة عن التزام لبنان بخطاب القسم الرئاسي والبيان الوزاري لجهة حصر السلاح بيد القوى الشرعية وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها. رغم ذلك فقد شدد الرئيس اللبناني جوزيف عون على "أهمية اللجوء الى الحوار" لتحقيق ذلك.
النيات السياسية واضحة والعبرة في التنفيذ
ويردد رئيس الجمهورية أنه بصدد المباشرة بحوار وطني للبحث في سبل سحب سلاح حزب الله من ضمن استراتيجية دفاعية شاملة. فيما صرّح رئيس الحكومة نواف سلام أن النقاش حول سحب سلاح الحزب سيحضر في جلسات مجلس الوزراء المقبلة.
يمكن الاستنتاج أن ما تسعى إليه المؤسسات الرسمية في هذه المرحلة هو حصر النقاش في هذا الموضوع في المستوى السياسي وعدم نقله إلى المستوى العسكري لعلم المسؤولين بأن الضغط في هذا الاتجاه قد يؤدي إلى صدام بين الجيش اللبناني وحزب الله، وهذا ما لا يريده أحد.
وفي اتصال مع DW عربية، استبعد الكاتب السياسي رضوان عقيل أن يقدم رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة على خطوة تؤدي إلى زج الجيش بمعركة عسكرية مع حزب الله "في وقت يبدي فيه الحزب ليونة وبراغماتية عالية في النقاش حول سلاحه وإن كان يعبّر عن رفضه لعبارات كتسليم أو نزع السلاح".
ويوضح عقيل أن "حزب الله لا يستطيع إلا أن يلبي الدعوات لنقاش سلاحه؛ لا سيما على ضوء التحديات والضغوطات الأمريكية"، ويضيف أن "هذه الضغوطات لا تكون واقعية ولا قابلة للتحقيق إذا لم تراع خصوصية ودقة التركيبة اللبنانية الطائفية".
هل سيقدم حزب الله تنازلات؟
يترافق المشهد السياسي مع ضغط ميداني إسرائيلي عبر استمرار احتلال مواقع داخل الأراضي اللبنانية في الجنوب وتنفيذ ضربات عسكرية جوية في مختلف المناطق اللبنانية بوتيرة شبه يومية.
ويقول لبنان إن إسرائيل تتنصل من التزاماتها باتفاق وقف إطلاق النار، فيما تتهم إسرائيل حزب الله بمحاولة ترميم بنيته التحتية وتقول إنها تستهدف أنشطة عسكرية للحزب.
لا يخفي عقيل أن "الوقت ليس في صالح الحزب ولا في صالح اللبنانيين" لأن التوجه الدولي واضح وصريح في التوجه إلى عدم حصول لبنان على أي مساعدات مالية للنهوض الاقتصادي وإعادة الإعمار ما لم يبتّ بموضوع سلاح حزب الله.
"موضوع إعادة الإعمار يشكل عامل ضغط هائل على الحزب وبيئته وقد يدفع الحزب لتقديم بعض التنازلات"، يقول رضوان عقيل، ويضيف الكاتب السياسي اللبناني: "لكنْ لن يكون من السهل على الحزب في ظل تركيبته العقائدية والفكرية أن يتخلّى عن السلاح وسيسعى قدر الإمكان في الحوار المرتقب لإثبات وجهة نظره في كيفية الاستفادة من هذا السلاح".
"المواجهة لا يريدها أحد وعلى الحزب الالتزام بالدستور!"
وفي المقابل يعتبر الكاتب السياسي جورج عاقوري أن الحوار حول جدوى سلاح حزب الله هو "تسويف، لا بل انقلاب على مفهوم الدولة والدستور وخطاب القسم واتفاق وقف إطلاق النار"، الذي فاوض عليه رئيس مجلس النواب نبيه برّي نيابة عن حزب الله.
"المطلوب ليس حواراً على السلاح، بل حوار حول جدولة سحب سلاح حزب الله كما جرى مع كافة المليشيات إبان انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية"، يقول عاقوري في اتصال مع DW عربية. ويضيف الكاتب السياسي اللبناني أن "المقاربة ليست من زاوية اشتباك الجيش مع حزب الله، بل من زاوية أن تلتزم الدولة اللبنانية بقوانينها ودستورها عبر امتلاك حصرية السلاح". وتابع عاقوري: "لا أحد يريد المواجهة مع حزب الله لكن على حزب الله أن ينتظم في العمل السياسي وينتظم تحت الدستور والقوانين".
المفاوضات الأمريكية الإيراينية وعلاقتها بنزع سلاح حزب الله
لا شك أن موضوع السلاح تم وضعه على نار حامية وبات من الصعب العودة فيه إلى المربع الأول، حتى وإن كان حزب الله يسعى لكسب الوقت لحين بلورة صورة المفاوضات الأمريكية الإيرانية التي انطلقت السبت (12 أبريل/ نيسان) في سلطنة عمان.
ويعتقد عقيل أننا أمام "مفاوضات مصيرية لن تؤثر فقط على لبنان والإقليم، بل على العالم ولذلك من المحتمل أن نشهد بعض المراوحة للوضع الحالي أو قد تتجه الأمور نحو الهدوء وترتيب الأجواء في لبنان".
فيما يؤكد عاقوري أن "سحب السلاح غير الشرعي هو حاجة ومطلب لبناني قبل أن يكون مطلبا دوليا، ولذلك فإنّ المطلوب هو ألا يربط لبنان عملية سحب السلاح بالمفاوضات الإيرانية الأمريكية وأن يقوم بدوره بغض النظر عن نتائج هذه المفاوضات".
وتعتبر دول عديدة حزب الله اللبناني، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أخرى. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كـ "منظمة إرهابية".
تحرير: صلاح شرارة