هل المدراء في ألمانيا مقصرون في تحفيز موظفيهم؟
٨ أبريل ٢٠١٢عندما يعود مدير المؤسسة إلى عمله، بعد رحلة تدريبية أو قضاء عطلة، فقد يبدأ بتوجيه عبارات الإطراء والمديح لعماله على الجهود التي بذلوها خلال فترة غيابه. ولكن عليه الانتباه هنا: يجب أن لا يكون مديحه مزيفا ومصطنعا، لأن لمثل هذا المديح غير الجدي وقع سيء في نفوس الموظفين. كما أنهم يكشفونه بسهولة، هذا ما يقوله ماركو لنك، الباحث الذي أنجز دراسة بتكليف من مؤسسة الاستشارات "غالوب". ويقول لنك: "لدى العمال حساسية فائقة حيال ذلك، فهم يكتشفون الأمر بسهولة، إن كان ذلك مديحا جديا أم لا".
وبحسب الدراسة فإن المدراء في ألمانيا لا يعترفون بقدرات العاملين تحت إمرتهم، سواء في المكاتب أو المعامل، ولا يمدحونهم إلا نادرا. أما من يتبع القول المعروف: "مجرد عدم التوبيخ وعدم الانتقاد هو مديح كاف"، فلن يتمكن من تحفيز موظفيه.وكما يقول لنك: "فإنه سيأتي وقت ينشق فيه العمال، وسينكفئون على أنفسهم ويستسلمون".وسيفتقدون رغبة الإبداع والابتكار ويقومون بعمل المطلوب منهم فقط.
الأغلبية يعملون وفقاللوائح والقوانين
دراسة غالوب استطلعت آراء 1200 عامل، وربعهم فقط قالوا بأنهم يتلقون مديحا من رئيس العمل عند أدائهم لشيء جيد، كما أن ثلث المستطلع رأيهم قالوا بأنه يؤخذ برأيهم واقتراحاتهم في المكان الذي يعملون فيه. والأغلبية، أي 63 بالمائة، يؤدون عملهم وفقا للوائح الخدمة، كما يؤكد لنك. وبقي هذا الأمرثابتاحتى مع الانتعاشالكبير الذسي يشهده الاقتصاد الألماني. ويفترض أن تثير نتائج استطلاع الرأي هذا الانتباه، وخاصة لدى بعض مديري الموارد البشرية: قرابة ربع العاملين يشعرون برغبة داخلية بترك العمل:ومثل هؤلاء العمال يتصرفون عادة بطريقة هدامة ويحرضون بقية زملائهم على فعل ذلك أيضا. وهذا ما يترك أثره على بقية العاملين. وهنا يُخشى من "خطر العدوى"، كما يرى ماركو لنك: "من أجل تحييد دور موظف واحد مثل هؤلاء، تحتاج المؤسسة إلى وجود أربعة أشخاص، على الأقل، ممن يعملون بقلبهم وعقلهم".
مثل أولئك العاملين، اللذين لم يعد يعنيهم نجاح المؤسسة وكان يجب في الحقيقة أن يكونوا قد تركوا المؤسسة، يتغيبون كثيرا عن العمل، ويتسببون بالتالي بأضرار اقتصادية عامة.
والدراسة تثبت أيضا بأن العاملين المخلصين للمؤسسة لا يتغيبون عن العمل كثيرا، مقارنة بأولئك الذين فقدوا الغربة في العمل، ويقول ماركو لنك: "نحن نتحدث هنا عن معدل ثلاثة أيام ونصف في السنة كمعدل وسطي. وعندما نعلم بأن يوم الغياب الواحد للعامل الواحد يكلف المؤسسة حوالي 290 يورو، كمعدل وسطي، فإن مجموع غيابات كل العاملين يشكل طبعا مبلغا كبيرا".
هل المدراء في ألمانيا سيئون لهذه الدرجة؟
الموظفون والعمال اللذين يبدأون أول يوم عمل في الأسبوع بتثاقل ويشعرون بالضيق وهم في الطريق إلى العمل، وفي ثاني يوم في الأسبوع يبدأون بانتظار عطلة نهاية الأسبوع؛ مثل هؤلاء الموظفين يحتاجون لاهتمام مدرائهم ممن يريدون أن يكونوا ناجحين. الدراسة تطرح السؤال الطبيعي: هل المدراء في ألمانيا سيئون في مجال قيادة مرؤوسيهم؟ بالتأكيد فإن الجواب "كلا". ولكن لنك يرى بأنه يمكن للمدراء أن يتعلموا ويحسنوا من كفائتهم في هذا المجال، لأنه يجلب مكاسب للمؤسسة، ويدفع بها قدما ويحسن قدرتها على الإنتاج والمنافسة.
ولذلك فإن ماركو لنك ينصح المدراء بأن يتواصلوا مع مرؤوسيهم ويتحاوروا معهم سواء بشكل منتظم: "وأثناء الحوار يجب أن يتكلم المدير قليلا ويصغي جيدا للموظف. ومن يقوم بمثل هذه الحوارات ويبادر بالتواصل مع مرؤوسيه، فإنه يظهر اهتماما خاصا".
ألمانيا تحتل مركزا متوسطا
وعند مقارنة هذه المسألة على الصعيد الدولي، فإن القوى القيادية الألمانية لا تبدوسيئة جدا. ووفقا لدراسة غالوب تحتل ألمانيا مركزا متوسطا في هذا المجال: "في الولايات المتحدة الأمريكية تبلغ نسبة العاملين المخلصين والمقتنعين بالعمل، ضعف نسبتهم في ألمانيا. ولكن عند إلقاء نظرة على العاملين الآخرين ممن فقدوا الحافز في العمل، نجد أنالفارقضئيل بين ألمانيا والولايات المتحدة. في ألمانيا تبلغ نسبتهم 23بالمائة، أما في الولايات المتحدة فتبلغ النسبة 19 بالمائة".كما يؤكد ماركو لنك.
كما ألقتالدراسة نظرة على القوى القيادية في الدول الآسيوية الصاعدة بقوة. وهنا حصل المدراء الألمان على علامات أفضل من نظرائهم في دول مثل اليابان والصين والهند. "ففيكلتلك الدول تبلغ نسبة العاملين ممن فقدوا الحافز في العمل الثلث"، كما يشير لنك. أما نسبة من يعملون بقلبهم وعقلهم فهي ضئيلة جدا،وتبلغ في اليابان سبعة بالمائة وفي الصين اثنين بالمائة وفي الهند ثمانية بالمائة.
مونيكا لويهموللر/ فلاح آل ياس
مراجعة: طارق أنكاي