قمة طرابلس تقرر استئناف المحادثات بين الإطراف المتنازعة
توصل قادة الدول الأفريقية الست في قمتهم المصغرة المنعقدة في طرابلس حول أزمة دار فور إلى اتفاق على استئناف محادثات السلام المتعثرة في السودان في موعد أقصاه نهاية الشهر الجاري، وهو ما أكده الرئيس السوداني عمر حسن البشير. وكان وزير الخارجية السوداني مصطفى إسماعيل قد أوضح في ختام جلسة قصيرة من المحادثات أمس الاثنين أن أهم شئ في هذا الاجتماع هو إقرار استئناف محادثات السلام، وأضاف قائلاً:"أعددنا خارطة طريق أكثر وضوحا لحل المشكلة في دار فور من أجل التوصل إلى سلام شامل". ومن جانبه دعا الرئيس النيجيري أولوسيغون اوباسانجو، الذي تترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي، جميع الأطراف المعنية إلى بذل المزيد من الجهود للوصل إلى قرار صريح لحل الأزمة أو إفساح المجال أمام العالم ليقدم هذا الحل إذا كانوا عاجزين عن ذلك.
يشارك في القمة الأفريقية المصغرة قادة الدول المتاخمة للسودان ( ليبيا، مصر، نيجيريا، تشاد، اريتريا والغابون)، كما يشارك فيها الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ومندوبون عن الاتحاد الأفريقي الذي تراقب قواته وقفا هشا لإطلاق النار في دار فور، بينما لم يشارك أي من قادة المتمردين في الاجتماع الذي يقتصر على مسئولي الحكومات وان كان زعيمي حركتي التمرد الرئيسيتين في دار فور، حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة، يتواجدان حاليا في العاصمة الليبية وقد أبديا موافقتهما على استئناف المحادثات دون شروط مسبقة. ومن المنتظر أن تبحث القمة الأفريقية قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1593 الذي صدر مؤخرا، والذي يجيز إحالة سودانيين متهمين بارتكاب جرائم حرب في دار فور إلى المحكمة الجنائية الدولية. كما ستبحث القمة اقتراحا بتعزيز قوات الاتحاد الأفريقي التي تراقب وقف إطلاق النار في دار فور.
خلفية أزمة دارفور
وكان النزاع في إقليم دار فور/غرب السودان قد اندلع قبل حوالي عامين عندما حمل المتمردون السلاح ضد الحكومة السودانية بسبب ما يصفوه بالتمييز ضدهم. وتُتهم الحكومة السودانية بالانتقام من المتمردين من خلال تسليح ميليشيا قامت بحرق قرى وقتل واغتصاب مدنيين، وارتكاب "حرب ابادة" ضد السكان الأفارقة. وأسفر النزاع منذ بدايته في يناير 2003 عن سقوط ما بين 180 ألف و300 ألف بحسب التقديرات. كما تسبب بنزوح أكثر من مليوني شخص الأمر الذي استدعى تدخل المجتمع الدولي بقوة وممارسته ضغط كبيرة على الحكومة السودانية حيث تبنى مجلس الأمن الدولي قرارا بإحالة مرتكبي التجاوزات بإقليم دار فور إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وهو الأمر الذي ترفضه الحكومة السودانية وتؤيدها فيه بعض دول الجوار.
جهود حثيثة من أجل حل سلمي
وفي هذا السياق يمكن النظر إلى محاولات الدول الأفريقية الممثلة بالاتحاد الإفريقي عموما، ودول الجوار السوداني بوجه خاص الهادفة إلى التوصل إلى حل إفريقي للأزمة وتجنب تدويلها. وتشرف قوات من الاتحاد الإفريقي على مراقبة وقفا "نظريا" لإطلاق النار في الإقليم يتعرض باستمرار للانتهاك. كما تبذل جهودا دبلوماسية افريقية بغية استئناف المفاوضات بين الأطراف المتنازعة والتي تعرف بمفاوضات ابوجا (نيجيريا). وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن الزعيم الليبي معمر القذافي كان قد رعى قبيل القمة الحالية لقاء بين زعماء القبائل وممثلي حركات التمرد والإدارة الأهلية في دار فور والذين وقعوا ما عرف بـ"إعلان طرابلس" الذي تضمن وقف إطلاق النار تنفيذا للاتفاقات الموقعة بين المتمردين والحكومة السودانية. ويراقب المجتمع الدولي عن كثب هذه الجهود الأفريقية والوضع على الأرض نظرا للمأساة الإنسانية في دار فور.