في الصين.. "كتابة نسائية" سرية للتعبير عن المرأة والتمرد على الواقع!
في مقاطعة "هونان" الصينية، يعاد إحياء الكتابة النسائية القديمة "نوشو"، التي طوّرتها النساء سرًّا في السابق للتواصل فيما بينهن رغم الحظر على التعليم، وتُعدّ اليوم رمزًا للقوّة النسائية.
المعلّمة "خه يويجوان" أثناء ممارسة الخطّ بـ"نوشو"
في مرسمٍ بقرية "غولان ياو" في مقاطعة "هونان" بوسط الصين، تمسك المعلّمة "خه يويجوان" بفرشاة في يدها وتخطّ بعناية رموز كتابة سرّية أبدعتها النساء قبل قرون، تُكتشف من جديد على يد جيلٍ جديد.
تمرد صامت ضد النظام الأبوي
نشأت "نوشو"، التي تعني "كتابة النساء"، قبل نحو 400 عام. ونظرًا لحرمان النساء من الالتحاق بالمدارس، فقد تعلّمن سرًّا الرموز الصينية وعدّلنها لتصبح "نوشو"، كي يتواصلن فيما بينهن عبر الرسائل والأغاني والتطريزات. وقد توارثت النساء هذه الكتابة جيلًا بعد جيل في مقاطعة "جيانغيونغ" النائية ذات المناظر الخلّابة في جنوب الصين.
مسقط رأس الكتابة النسائية السرية
ترتبط قرية "غولان ياو" في مقاطعة "جيانغيونغ" ارتباطًا وثيقًا بـ"نوشو"، إذ تُعدّ موطن نشأتها وأحد المراكز القليلة النشطة المتبقية لهذه الكتابة النسائية الفريدة. وتمتاز المنطقة بطبيعتها الجبلية، وقرَاها الريفية، وكثافتها السكانية المنخفضة نسبيًّا.
الصينيات يُعيدن إحياء "نوشو"
نحو مائة متعلّمة لـ"نوشو" في ورشة عمل أُقيمت في أحد الفنادق قرب قرية "غولان ياو". وتُعدّ هذه الكتابة، التي تضمّ ما بين 607 رمز مقطعي، رمزًا وطنيًّا للقوّة والهوية النسائية في الصين اليوم. تقول الطالبة "بان شينغوِن" لوكالة الأنباء الفرنسية: توفّر "نوشو" للنساء وسيلة آمنة للتواصل فيما بينهن، وتخلق لنا ملاذًا خاصًّا.
كتابة تلهم المرأة
بالمقارنة مع الرموز الصينية، تحاكي كلمات "نوشو" جسد المرأة، فهي أقلّ زاويةً وأنحف، وتأخذ شكل أوراق الصفصاف. وقالت مشاركة أخرى في الورشة، التي أُقيمت بمبادرة من السلطات المحلية لتعزيز هذه الكتابة: أثناء الكتابة يجب أن يتنفس المرء بهدوء، فقط حينها يمكن توجيه الفرشاة بهدوء.
تجربة نساء من الريف
تُعدّ "نوشو" أكثر من مجرد نظام كتابة؛ فهي تمثّل تجارب حياة النساء في المناطق الريفية بالمقاطعة. ووفقًا للمعلّمة "خه يويجوان"، فإن الكتابة تجذب اهتمامًا متزايدًا بفضل أناقتها وندرتها. وبعد اجتياز اختبارات صارمة، أصبحت واحدة من 12 "وريثة" رسميّة لـ"نوشو"، وهي الآن مخوّلة لتعليمها.
تراث ثقافي نسائي للصين
لقيت ورشة العمل التي استمرت أسبوعًا اهتمامًا كبيرًا من نساء من مختلف أنحاء الصين. ومن بين المشاركات كانت "زو كيكسين"، التي لفت انتباهها "نوشو" عبر منشور على الإنترنت، وأرادت "تجربته شخصيًا". وقالت هذه المشاركة البالغة من العمر اثنين وعشرين عامًا: إنه نظام كتابة فريد يعود للنساء، وهذا ما يجعله مميزًا حقًا. واليوم تُعدّ "نوشو" جزءًا من التراث الثقافي للصين.