فيلم ليلة سعيدة وحظ سعيد: إبداع سينمائي وخطاب نقدي صريح للسياسة الأمريكية
١ مايو ٢٠٠٦يعتبر فيلم ليلة سعيدة وحظ سعيد ثاني إخراج للنجم الأمريكي جورج كلوني، وهو يصور فيه تسلط وغطرسة السيناتور الجمهوري الأمريكي جوزيف ماكارتي في مطلع الخمسينات. هذا الأخير قاد حملة ضد كل النشاطات الغير الأمريكية أو ما سمي آنذاك بـ "لجنة النشاط غير الأمريكي" أي النشاط المعادي، وكان المقصود بذلك النشاط الشيوعي والاتجاهات الفكرية اليسارية عموما. ولم يقتصر الأمر على ذلك فقط، بل تجاوزه إلى نبذ كل من له انتماء يساري، وحتى منافسيه السياسيين لم يفلتوا من قبضته. فقد مثل معظمهم أمام القضاء في محاكمات صورية دمرت حياة الكثيرين منهم. وتحت شعار“حقائق لا افتراضات“ يسلط إدوارد موروف الإعلامي التلفزيوني الشهير بقناة CBS في برنامجه „See it now“ الضوء على مثل هذه الانتهاكات وقضايا أخرى تصب في مثل هذا الإتجاه.
حرية التعبير على المحك
يعالج الفيلم إشكالية حرية التعبير والصحافة ضمنيا في تقرير موروف، الذي جلب المتاعب عليه وعلى فريقه التلفيزيوني، وأثار ضجة عارمة وأثر في العلاقات بين رؤساء القسم التلفزيوني، علاوة على ذلك قلت إيرادات القناة من الإعلانات بسبب برنامج „See it now“. ورغم ذلك لم يتعرض إدوارد موروف بتصرفه هذا للفصل، كونه مهني يقوم بأداء عمله، ويظل صامدا حتى تنكسر شوكة السيناتور الجمهوري جوزيف ماكارتي في نهاية الفيلم لتنتصر الحقيقة على التعسف السياسي. ويتبع هذا النوع من الأفلام اتجاها معاكسا ويقدم نوعا من النقد للسياسة الأمريكية، حيث يعالج "كلونى" من خلاله مشكلة الصراع بين الإعلام المصور في بدايته، أي في أوائل الخمسينيات، وبين المؤسسة السياسية عندما تجنح إلى البطش بالحريات بدعوى حماية الأمن القومي.
رسالة إلى الواقع السياسي
حصل فيلم ليلة سعيدة وحظ سعيد „Good Night, And Good Luck“ على جائزة أحسن سيناريو وحوار وأحسن ممثل. قام بأداء الدور الرئيسي دافيد سترات هايم تحت اسم إدوارد موروف. وقد سبق للفيلم أن رشح في هذه السنة بأكاديمية آفارد Academy Award لستة جوائز أوسكار من بينها جائزة أحسن فيلم وأحسن إخراج وأحسن ممثل. وتألق جورج كلوني في بداية مشواره كمخرج في فيلمه Dangerous mind Confessions of a حيث اتسم بصبغة مميزة متجلية في صفاء التعبير وواقعية الصناعة السينمائية، إضافة إلى تصويره باللونين الأبيض والأسود ليبدو فيلمه كشريط وثائقي ذو أهداف معينة. وقد نال الفيلم إعجاب اللجنة المشرفة على تقييم الأفلام بمدينة فيسبادن الألمانية لما تضمنه من أفكار بناءة وتحفيز للهمم في مناهضة التعسف السياسي والتصدي لكل محاولة ترمي لاستغلال وسائل الإعلام لصالح جهة معينة، كأداة ضغط على الرأي العام. والخطاب موجه للمؤسسة السياسية خاصة، حينما تجنح إلى البطش بالحريات بدعوى حماية الأمن القومي.
ومن مميزات هذا الفيلم السياسي، أن أحداثه كلها مستوحاة من الماضي، إلا أنه ينطبق مع الحاضر ويعتبر بذلك إسقاطا معاصرا على الحالة الأمريكية عقب أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، وما أعقبها من ظهور تشريعات مقيدة لبعض الحريات المدنية.