"عيادات العمل" برنامج ريادي لمواجهة مشكلة البطالة في سوريا
٢٥ مايو ٢٠١٠"إذا كنت تبحث عن فرصة عمل، لكن تنقصك المؤهلات، أو كنت لا تعرف كيف تتواصل مع المحيط من حولك، وإذا لم تتعلم كيف تكتب سيرة ذاتية، وتنقصك الجرأة للسؤال عن سبب رفض أرباب العمل لك، أو بحاجة لوصفة علاجية من البطالة، فإن برنامجنا يساعدك في تجاوز هذه الثغرات"، هذا ملخص شديد لما جاء في وصف مشروع "عيادات العملBusiness Clinic " الذي يتوجه للشباب السوري العاطل عن العمل.
يعتبر المشروع أحد أهم برامج «مشروع شباب» الذي تشرفه عليه الأمانة السورية للتنمية. فهو يركز على تحضير الشباب السوريين لبيئة العمل على أساس أن الغالبية منهم تنقصهم الخبرة ومعرفة سوق العمل بشكل مباشر نظراً لضعف أو غياب الجانب العملي والتطبيقي خلال فترات التعليم والدراسة. كما أن مؤسسات القطاعين العام والخاص ليس لديها تقاليد على صعيد استيعاب الشباب واستقطابهم وتدريبيهم لديها على حد تعبير عامر الفرا، خريج اقتصاد وتجارة. وتقدر نسبة البطالة في سورية" بـ 20 في المئة حسب باحثين اقتصاديين غير حكوميين، وكما ُقدر أعداد الداخلين إلى سوق العمل بحوالي 200 ألف شخص سنوياً، في الوقت الذي تقول الحكومة إن "معدل البطالة أدنى بكثير من النسبة المذكورة".
السيرة الذاتية بوابة رئيسية لدخول سوف العمل
يعتبر برنامج "عيادات العمل" من البرامج السورية الجديدة حيث بدأ العمل به منذ عام، وقد سمي بهذا الاسم كونه يركز على وضع حلول وخطط للشباب بهدف تخليصهم من البطالة عبر مساعدتهم على الانخراط في سوق العمل. وتبدأ المساعدة بتحديد الهدف وكيفية التواصل مع المعارف بهدف الحصول على فرصة العمل المنشودة. وما تشمله المساعدة أيضا وضع خطة عملية تتضمن كيفية التواصل مع مدراء الشركات بشكل مباشر والاطلاع على إعلانات الوظائف ومصادرها وغيرها من الأمور ذات الصلة بتعزيز ثقة الفرد بنفسه وعدم الخجل من ذكر مراحل العمل التي مر بها في حياته من أجل جعل السيرة الذاتية محط أنظار أرباب العمل.
وفي هذا السياق تقول فرقد محلي، مديرة برنامج "عيادات العمل": "تبين من خلال برنامجنا إن الكثير من الشباب لا يعرفون كيف يكتبون سيرتهم الذاتية أو تنقصهم الجرأة والخوف من العيب والحرام في التعبير عن نشاطاتهم وهواياتهم "، وتضيف أن المشروع يحاول أيضاً جعل الشباب يتخلصون من النرجسية، وتقول "مثلاً في حال تقدموا لوظيفة ما ولم يتم قبولهم يجب أن يسألوا عن السبب كي يتداركوه لاحقاً، وليس الاكتفاء بالقول أنا خريج جامعي وألف واحد يتمنى أن اعمل لديه".
تعليم الشباب كيفية التواصل مع الناس والتصرف بمسؤولية
ويستهدف البرنامج الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 16- 24 عاماً. ولا يهمل البرنامج الاستشارات الأكاديمية والمهنية للخريجين كونها تكمل بعضها البعض. أروى نداف، خريجة أدارة أعمال قدمت إلى البرنامج من مدينة حمص السورية وتريد أن تحصل على خبرة عملية تؤهلها للعمل في شركات حسب اختصاصها، وتقول "لم يمر على وجودي بالبرنامج ثلاثة أيام وها أنا بدأ أعرف كيف أوجه حياتي بحيث أكون قادرة على إثبات نفسي." وتضيف "مرحلة الجامعة كانت نظرية أكثر من كونها عملية لذا أصادف في برنامج عيادات العمل أشياء أعيش معها لكن لم أطبقها مثل كيف أتواصل مع الناس وكيف أتصرف بمسؤولية في موقعي الوظيفي الذي أحلم به". أما بانة غانم، من مدينة حماة السورية فوجدت في البرنامج فرصة "من السماء" للقيام بمشروع خاص تعيل نفسها منه. وتقول "أريد أن يكون لدي مدجنة(مزرعة دواجن) كونني أحب الصيصان والدجاج، لكن لم أكن أعرف من أين سأبدأ إلى حين سمعت بالبرنامج جئت إلى القائمين عليه، وقد قدموا لي الاستشارة ووضعوا خطة عمل لي للبدء بالمشروع".
الاستفادة من خبرات الآخرين في تقديم التعليم وتقديم الاستشارة
ويقوم البرنامج أيضاً بدعوة خبراء محليين ودوليين بهدف إلقاء محاضرات تخص عالم الأعمال بحيث يستفيد من خبرتهم الشباب. والمقصود بعالم الأعمال في البرنامج كل ما من شأنه أن يؤدي إلى" مشروع ناجح بغض النظر عن الاختصاص سواء أكان زراعة او تجارة أو صناعة وغيرها" كما تقول فرقد محلي. ولا يتوقف برنامج "عيادات العمل" عند توجيه الشباب فقط" في بعض الأحيان من خلال معارفنا نؤمن لهم خبرة تدريبية لدى شركائنا من أصحاب الفعاليات الاقتصادية بحيث يحصلون على شهادة خبرة عمل تكون بمثابة جواز سفر لعالم الأعمال" كما تقول محلي. ويرى محمد داغستاني، أحد المستفيدين من البرنامج بأنه مجرد معرفة الأسس فيما يخص خطة العمل التي يريدها الفرد تحسب من أهم إنجازات البرنامج. "تخرجت من المعهد السياحي ولم أكن أعرف كيف أتحدث وجها لوجه مع الزبائن، لكن بفضل مكوثي في مقر البرنامج لمدة شهر وتعلمي مهارات الحديث والتحدث حصلت على فرصة عمل في أرقى الشركات السورية للطيران" كما يضيف.
إضافة إلى ما يقوم به البرنامج من رعاية وتوجيه وتحديد مسار حياة الشباب ذي الخبرة الضعيفة، يقوم أيضاً بمحاضرات باللغة الإنكليزية كونها لغة المال والأعمال، وفي هذا السياق تقول محلي "حيث ندعي خبير أوربي أو عربي متقن للإنكليزية ويتناقش مع الشباب كل أسبوع في أي موضوع له علاقة بالبورصة والموارد البشرية وغيرها باللغة الإنكليزية حصراً". كما قام البرنامج مؤخراً بإطلاق خدمة الاستشارة على الهاتف بحيث يتمكن أبناء المحافظات السورية الأخرى من الاستفادة منه كونه لا يوجد فروع له إلا في دمشق. " لكن يمكن لأي شاب من أي محافظة أن يسجل في دمشق ويتدرب على ما نقوم به" على حد تعبير محلي. ويقوم"عيادات العمل" بتوزيع كتيبات للشباب تتضمن معلومات حول كيفية النجاح في مقابلة العمل ودليل لكتابة السيرة الذاتية إضافة إلى دليل لتأسيس المشاريع الصغيرة.
عفراء محمد – دمشق
مراجعة: هيثم عبد العظيم