سوريا.. لجنة التحقيق ترصد تفاصيل مأساة الساحل
٢٢ يوليو ٢٠٢٥قالت لجنة تقصي الحقائق السورية اليوم الثلاثاء (22 يوليو/تموز 2025) إن 1426 شخصاً، بينهم 90 امرأة، قُتلوا خلال العنف الذي وقع بين السابع والتاسع من مارس/آذار في المناطق الساحلية بالبلاد، والتي شهدت هجمات على قوات الأمن تلتها عمليات قتل لسوريين علويين.
أعنف الوقائع منذ سقوط الأسد
وتعد هذه الأحداث من أعنف الوقائع التي شهدتها سوريا منذ سقوط الرئيس بشار الأسد العام الماضي، ويُنظر إلى عمل لجنة تقصي الحقائق على أنه اختبار مهم للقيادة الجديدة التي تتألف في معظمها من مقاتلين سابقين مناهضين للأسد.
ومن الاستنتاجات المهمة، خلصت اللجنة إلى أن القادة السوريين لم يصدروا أوامر بارتكاب انتهاكات، وإنما أصدروا أوامر بوقفها. وقال رئيس اللجنة جمعة العنزي إن اللجنة أعدت قائمة تضم 298 من المشتبه في تورطهم في انتهاكات بحق العلويين، و265 متورطاً في الهجوم على قوات الأمن في بادئ الأمر.
وقال المتحدث باسم اللجنة ياسر فرحان إن الأسماء لن تعلن في الوقت الحالي، وإنها أحيلت إلى المحاكم لإجراء المزيد من التحقيقات، بينما اعتقلت السلطات 31 شخصاً.
فحص الأدلة الرقمية
وأضاف فرحان أن اللجنة اطلعت من مصادر مفتوحة على أعداد إضافية من القتلى لم تتحقق من صحتها بسبب عدم ورود أسمائهم في كشوفات المقابر أو إفادات الشهود الذين استمعت إليهم، كما تبلغت اللجنة بمعلومات حول 20 شخصاً من المفقودين بعضهم مدنيون وبعضهم من عناصر القوات الحكومية. وأضاف أن اللجنة ركزت على تقصي هوية الفاعلين بوسائل متعددة ومنها فحص الأدلة الرقمية ومن خلال اللقاءات والمراسلات مع الجهات الرسمية والأهلية.
وقال فرحان إن "اللجنة اعتمدت في أداء مهامها على الرصد العام والتقصي والتحقيق في الاعتداءات والانتهاكات المرتكبة ضمن إطار ولايتها مكانياً في محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة، وزمانيا للنظر في أحداث مطلع آذار وما يليها، وموضوعياً للبحث في الظروف والملابسات التي أدت إلى وقوع الأحداث، وللتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها المدنيون، والاعتداءات على المؤسسات الحكومية ورجال الأمن والجيش، وتحديد المسؤولين عن كل منها، وإحالة من يثبت تورطهم إلى القضاء".
وأوضح أن اللجنة تواصلت بشفافية مع السوريين والسوريات بشكل مباشر وعبر الإعلام، وعقدت اجتماعات متعددة ومفيدة مع مختلف أطراف المجتمع الأهلي والمدني وممثلي النقابات المهنية، ومعظم الشخصيات من النخب والأعيان والوجهاء، مشيراً إلى أن اللجنة انتهت من تقريرها في نهاية المهلة المحددة وتم تسليمه لرئيس الجمهورية والأحداث التي تشهدها المنطقة الجنوبية كانت سببا في تأخير الإعلان عن تسليمه.
مقتل أكثر من 200 من رجال الأمن
بدأ العنف في السادس من مارس/آذار بهجمات على قوات الأمن السورية المتمركزة في المنطقة، وهو ما قال فرحان إنه أدى إلى توقف عمل مستشفيات ومؤسسات أخرى تابعة للدولة وخروج مناطق واسعة عن سيطرة الحكومة.
وقال فرحان إن اللجنة وجدت أن 238 من أفراد قوات الأمن قتلوا في هذه الهجمات التي نفذتها قوات متحالفة مع حكومة الأسد السابقة. وأضاف أنه ردا على الهجمات، تم حشد نحو 200 ألف مسلح من أنحاء سوريا، وتدفقوا إلى المنطقة الساحلية.
وأشار إلى أن ذلك أدى إلى انتهاكات شملت القتل والسرقة والتحريض الطائفي، والتي وجدت اللجنة أنها حدثت على نطاق واسع لكنها لم تكن منظمة. وأضاف أن أعضاء اللجنة حظوا بتعاون كامل من القوات الحكومية في أثناء قيامهم بعملهم الذي استمر شهوراً.
وأوضح أن اللجنة في عملها بتدوين الإفادات أشركت سبع مساعدات قانونيات مختصات ينتمون إلى الشريحة المتضررة من الطائفة العلوية، إضافة لثلاث سيدات من عائلات الضحايا شاركن اللجنة جلسات الاستماع في الرصافة. وأشار إلى استماع اللجنة كذلك إلى 23 إحاطة وإفادة من مسؤولين في الجهات الرسمية واستجوبت المشتبه بهم الموقوفين، واتخذت الإجراءات اللازمة لإحالتهم إلى القضاء.
مشاورات مع الجهات الدولية خلال التحقيق
وكشف عن أن اللجنة أجرت مشاورات مركزة مع الجهات الدولية المعنية في الأمم المتحدة من خلال اجتماعات رفيعة المستوى مع كل من مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية، ورئيس وأعضاء وفريق اللجنة الدولية للتحقيق في سوريا، ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، ومكتب المبعوث الدولي إلى سوريا، ومع هيومان رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، وناقشت اللجنة في اجتماعاتها ومراسلاتها آليات اعتماد أفضل السبل والمعايير والإجراءات الممكنة في التحقيق.
وأكد أنه من خلال إفادات الشهود من عائلات الضحايا وأهالي المنطقة والموظفين الحكوميين ومحاضر استجواب الموقوفين وبفحص الأدلة الرقمية وقرائن وأدلة أخرى، توصلت اللجنة إلى أسماء 265 من المتهمين المحتملين المنضمين إلى مجموعات المسلحين المتمردين الخارجين عن القانون المرتبطين بنظام الأسد والشائع تسميتهم بـ "الفلول" وممن توفرت لدى اللجنة أسباب معقولة للاشتباه بتورطهم في جرائم وانتهاكات جسيمة.
وأوضح المتحدث أنه خلال ذلك، وبعده، سيطر الفلول بشكل كامل أو جزئي على المدن والبلدات والقرى والطرقات وأطبقوا الحصار على باقي المقرات الحكومية، بهدف فصل الساحل عن سوريا، وإقامة دولة علوية بتخطيط وتمويل وإعداد وتنفيذ من قبل مجموعات مدربة مترابطة ضمن هيكلية شاقولية وأفقية وفقا لتحقيقات اللجنة.
تحرير: عادل الشروعات