رؤية الشباب الألماني للحرب في لبنان: تحفظ تجاه إسرائيل وصعوبة في فهم الأبعاد
١٣ أغسطس ٢٠٠٦يستقي معظم الشباب الألماني معلوماتهم عن الأحداث في الشرق الأوسط من وسائل الإعلام المختلفة، إلا أن معظمهم عاجز عن استيعاب أسباب الصراع في الشرق الأوسط وخلفياته الحقيقية، وخاصة الحرب في لبنان، التي بدأت بشكل مفاجئ وتصاعدت بسرعة غير متوقعة. وتقول شابة في العشرينات من عمرها إلتقينها بها في وسط مدينة كولونيا: "أنا أسمع الأخبار وقد عرفت أن الحرب بدأت بسبب خطف جنديين من إسرائيل، فبدأت إسرائيل في قصف لبنان، وكان على لبنان الدفاع عن نفسه. ولكني لا أفهم التفاصيل أو ما دخل حزب الله في هذا الأمر".
وبالفعل يجهل معظم الشباب تفاصيل الأحداث، خاصة وأن وسائل الإعلام الألمانية تتفادى التطرق إلى التفاصيل أو توجيه الانتقادات إلى إسرائيل، فالشعور بالذنب تجاه اليهود نظرا للملاحقة والإبادة النازية التي عانو منها لم ينته، وهو ما ينتقده أحد الشباب الألمان، الذي رفض الإفصاح عن إسمه قائلا: "إن ألمانيا تبدي سلبية واضحة كلما تعلق الأمر بإسرائيل ولا توجه لها أية انتقادات. وأنا أرفض الموقف الإسرائيلي، ولا يعني هذا أنني معادي لليهود، لكنني أرفض الموقف السياسي لدولة إسرائيل وهذا حقي. إلا أنه لا يمكنني الجهر بهذا الرأي، فقد أتهم بمعاداة السامية".
رد الفعل الإسرائيلي "مبالغ فيه"
اغلبية الشعب الألماني تفترض أن حزب الله كان هو المتسبب في الأحداث الجارية، إلا أن معظمهم يجد أن الرد الفعل الإسرائيلي مبالغ فيه، وتقول إحدى الشابات في هذا السياق: "أعرف أن إسرائيل سحبت جنودها من لبنان منذ نحو ستة أعوام، وأن حزب الله اتفق مع العراق على تدمير إسرائيل، فقرر قصف إسرائيل، وردت إسرائيل بالقصف العنيف ولن توقف القذف حتى تهدم لبنان بأكملها". أما ماريلا، وهي شابة إيطالية مقيمة في ألمانيا، فهي تجد في رد الفعل الإسرائيلي على خطف الجنديين مبالغة شديدة: "كان من الممكن إيجاد حل دبلوماسي، وبكل تأكيد لم يكن الحل هو تدمير بلد بأكملها والقضاء على المدنيين".
ويبدو الصراع في الشرق الأوسط معقداً بالنسبة للشارع الألماني، الذي لا يفهم حيثياته، وتبدي أندريا تعجبها مما يحدث قائلة: "في الحقيقة أنا لا أفهم لماذا يعترض المجتمع الدولي على امتلاك حزب الله أسلحة بينما يقبلون أن تمتلك إسرائيل أسلحة. وأنا لا أعرف بالضبط ما السبب في هذا الصراع، لكنني أتفهم دفاع حزب الله عن أنفسهم". أما باربارا فهي ترى أن الجانبين يتعاملون مع الأمر بشكل عاطفي أكثر مما يجب، وأنهم لا يحاولون الالتقاء في نقطة موحدة: "كلما فتح هذا الموضوع أجد الحديث يتحول بشكل لا إرادي إلى حديث عاطفي، لكن هذا لن يحل المشكلة".
التدخل الدولي شرط أساسي للحل
يرى معظم الشباب، الذين إستطلع موقعنا آرائهم، أنه من الصعب إلقاء اللوم على طرف بعينه، وأن الحل يجب أن ينبع من الطرفين، بمساعدة من المجتمع الدولي. البعض يرى أن الحرب حتمية بالنظر إلى تاريخ الأزمة الطويل، بينما يرى البعض الآخر ضرورة إيجاد حل دبلوماسي يرضي الطرفين، وفي هذا الإطار يقول أحد الشباب: "في رأيي المشكلة لا يمكن حلها بسهولة لأن هناك الكثير من العوامل التي تتدخل في الأمر، مثل اختلاف الأديان وتقسيم الموارد الطبيعية كالمياه وغيرها. ليس هناك حل أمثل للمشكلة، وكل من الطرفين يجب أن يقبل بإيجاد حل وسط. أما رأيي أنا الشخصي فهو أن الحل يكمن في إلغاء كل الأديان، لكن بما أن هذا الحل غير واقعي فيجب أن يكون هناك تدخل أمريكي وأوروبي أيضاً لإيقاف الحرب".
إلا أن البعض يخشى من هذا التدخل الأمريكي، الذي يفسد الأمر دائماً وتقول إحدى الشابات معلقة على هذه الفرضية: "أعتقد أنه ليس هناك حل للمشكلة، وإلا لكانت حلت من زمن بعيد. لذلك فأنا أجد التدخل الدولي في تهدئة الوضع أساسي، لكني ضد تدخل الأمريكيين، فتدخلهم يزيد الأمر سوءاً، والسيد بوش دائماً ما يفسد الأمر. لكن يجب أن تتدخل أوروبا بشكل إيجابي". أما ماريلا، فهي ترى أن التدخل الأوروبي صعب، في ظل عدم الاتفاق على سياسة خارجية موحدة: "لقد أظهرت هذه الأزمة وأزمة العراق من قبلها الضعف الواضح في السياسة الأوروبية الخارجية، ووهم الاتحاد الأوروبي. أعتقد أن الأمر أكثر تعقيداً مما يبدو".