Stimmen der Straße
٤ مايو ٢٠١١لم يكن للمحامي علي بكري (الاسم غير حقيقي) أن يتصور حتى قبل أسابيع قليلة أن يشارك بنفسه في الاحتجاجات ضد النظام السوري. وكان يأمل بأن يُسرع الرئيس بشار الأسد في تحقيق الإصلاحات المطلوبة. ويعمل المحامي البالغ 27 سنة من العمر في مؤسسة حكومية بالقرب من مدينة حلب في شمال البلاد، ويعتقد أن الأجواء في البلاد تغيرت بصورة جذرية بعد الهجوم العسكري على مدينة درعا. "إنهم سوريون أيضا مثلنا" رفع بكري صوته مضيفا: "لا يمكننا السكوت عن ذلك. أنا لا أقول أن علينا الدعوة فورا إلى إسقاط النظام، لكن يتوجب السماح للناس بالاحتجاج في كل البلاد".
ولا يزال الخوف من الأجهزة الأمنية يتملّك بكري علما أنه يحاول إبعاده عنه مثل العديد من المتظاهرين. وقال إن الشباب يشكلون غالبية المشاركين في المظاهرات أو الاعتصامات، وهم يهللون دون خوف.
"حرية وتضامن"
ونظّم بكري مع 200 شخص غالبيتهم من المحامين والأطباء والطلاب مظاهرة في الوسط القديم من حلب حيث عمل العديد من المشاركين فيها على الدخول في مناقشات مع الناس والمعارف والأصدقاء عن أسباب احتجاجهم. واختيار المكان لم يكن صدفة، إذ أن وسط المدينة القديمة مليء بالأزقة الصغيرة والضيقة، ما يسمح للمتظاهرين من الفرار أو الاختباء.
وهتف المتظاهرون مطالبين بالحرية والتضامن مع سكان درعا وبانياس الذين واجهوا في الأسابيع الماضية وحشية الأجهزة الأمنية. وانفضت المظاهرة الصغيرة التي شارك فيها بكري بعد ساعة تقريبا، واعتقلت السلطات بعض المتظاهرين فيها.
وتتكرر في حلب أعمال الاحتجاج الصغيرة والاعتصامات سواء أمام قبر أحد أبطال التحرير والاستقلال ضد فرنسا، أو في أحد المساجد، أو في حرم الجامعة. وفي كل مرة تحضر قوة أمنية كبيرة على الفور تعمل على فضّ الاحتجاج واعتقال الرافضين.
"احتجاجات عفوية دون قيادة"
ويبلغ غسان النجار الخامسة والسبعين من العمر، وهو من الجيل القديم للمعارضة السورية. فقد تظاهر في ثمانينات القرن الماضي مع غيره من أجل الحرية والديمقراطية. ودفع المحامي الذي يعيش في حلب ثمن ذلك غاليا في حينه، 12 سنة في السجن.
وهو مقتنع بأن الاحتجاجات المستمرة منذ أسابيع هي احتجاجات عفوية وفجائية من الشباب لافتا إلى أن هؤلاء لا ينتمون إلى أي جماعة أو حزب وتنقصهم القيادة. وهو انضم إليهم عبر الفيسبوك ويناصر في العلن مطالبتهم بالتظاهر السلمي وبحرية التعبير. واضطر بسبب ذلك لقضاء أسابيع عدة في السجن. وبعد الإفراج عنه في أواسط آذار/مارس الماضي اختفى عن الأنظار، إلا أنه يرسل على صفحته في فيسبوك معلومة من وقت إلى آخر.
دعايات وتموّن كبير
ومنذ بدء الاحتجاجات تبدو المدينة الاقتصادية حلب مع الملايين الثلاثة من سكانها وكأنها في قيلولة شتوية. ويتحدث التجار في السوق عن أن الناس ينظرون إلى المستقبل بقلق ويحجمون عن التسوّق.
فقط أصحاب محلات بيع المواد الغذائية يتحدثون عن زيادة في مبيعاتهم. وتبدو القلعة الضخمة في وسط المدينة القديمة والمقاهي المحيطة بها شبه مهجورة بسبب غياب السياح الذين يأتون بالآلاف عادة في مثل هذا الوقت.
وما يشدُّ النظر اللافتات الكبيرة الموزعة في الساحات والشوارع التي تشير "إلى أن سوريا هي ضحية مؤامرة". ووضع بعض الأشخاص المشهورين أنفسهم في خدمة النظام مثل نجم الجزيرة السابق غسان بن جدو. ولأن حلب كانت في الثمانينات قلعة للمعارضة الإسلامية تعرض المعارضون فيها في حينه إلى أشد الملاحقات والسجن وأعمال القمع والهجرة. وقال المحامي بكري إن هذا الأمر لا يزال يضغط على النفوس ويمنع الناس من المشاركة في التظاهر ويجعلهم يضغطون على أبنائهم للبقاء في منازلهم.
منى نجار/ اسكندر الديك
مراجعة: منصف السليمي