المضايقات الوظيفية تستنزف الاقتصاد الالماني
يوجد في ألمانيا خمسة ملايين عاطل عن العمل يشكلون عبئا كبيرا على الاقتصاد الألماني، لكن النتائج السلبية لم تعد محصورة بالعاطلين عن العمل فقط بل تعدتهم لتشمل العاملين أيضا، ففي دراسة حكومية حذرت من أن حوالي أربعة أخماس الموظفين الألمان يخشون من فقدهم لوظائفهم في ظل الأوضاع الحالية والتي يحاول أرباب العمل التوفير من النفقات بشتى الوسائل وهذا يولد لديهم العديد من الضغوط النفسية والجسدية مما يؤثر سلبا على سير العمل وهذا يكلف الدولة المليارات .
تغيير في المعاملة
"أنا ماير" عملت أكثر من 18 عاما كسكرتيرة لطبيب، إلا أنه وبسبب تقدمه بالسن اضطر لتسليم عيادته لطبيب آخر، وبعد أن تسلم الشاب العيادة أراد التوفير في النفقات ولذلك فكر في التخلي عن السكرتيرة، ولكن لأن القانون الألماني يمنح حماية للعاملين فانه لم يستطع فصلها تعسفيا ولذلك لجأ إلى مضايقتها آملا منه باستقالتها. تكمل ماير"بعد ما رجعنا من الإجازة لاحظت أنا وبقية الزملاء تغير معاملته معي، فكان يطلب مني أمور صعبة بوقت قصير، ثم أصبح يقوم بتقصير فترات العمل الخاصة بي من دون دفع الفروق وفي النهاية طالبني بأن اعمل نصف يوم فقط مما جعل عملي غير مجدٍ اقتصاديا".
مليون موظف يعانون المضايقات
ما عايشته هذه السيدة 42 عاما والأم لثلاثة أطفال يعيشه في الواقع أكثر من مليون موظف في ألمانيا يعانون من المضايقات الوظيفية في أماكن عملهم وذلك ضمن دراسة حكومية أجرتها الوكالة الاتحادية المكلفة بحماية العامل والتي حذرت من انتشار ظاهرة المضايقات الوظيفية. وتشير الإحصاءات بان 38% من ضحايا المضايقات تأتي من صاحب العمل، 13% من زملاء العمل، ومن الأمور التي صنفت تحت بند "مضايقات": التجاهل المتعمد للموظف غير المرغوب فيه، نقد دائم لطريقة العمل، تشويه لسمعته، إذلال، إساءة جسدية وغيرها من الأمور التي تؤثر على معنويات الموظفين وتجبرهم في أحايين كثيرة على ترك العمل.
خسائر بالمليارات
وتؤكد الإحصاءات "بان الدولة الألمانية تتكبد ما يزيد عن 11 مليار يورو سنويا من جراء هذه المضايقات الوظيفية والتي تدفع الموظفين للإحباط والمعالجة النفسية كما أن قطاع الإنتاج يخسر سنويا ما يربو على 13 مليار يورو من جراء هذه الضغوط". وبالرغم من الخسائر المهولة التي يتكبدها قطاع الانتاج فان العديد من الشركات لا تملك الاهتمام الكافي أو المال الكافي لمعالجة هذا الأمر فكثير ما يتم ترقية موظف لدرجة مدير لمهاراته العلمية وليس لمهاراته الادارية وهو ما قد يسبب ارباكا في سير العمل لفقدان المدير المهارات االلازمة للادارة. ودعت الدراسة الشركات بان تتفهم بان العمل اكثر من مجرد ساعات محددة لجني الارباح، فهو المكان المفترض لأثبات الموظف لذاته وقدراته، كما أن أماكن العمل وسيلة لتوطيد العلاقات الاجتماعية والتعويد على العمل الجماعي.
علاء الدين جمعه