العنف يجتاح الشارع الفلسطيني عقب اقتحام الجيش إسرائيلي لسجن أريحا
١٥ مارس ٢٠٠٦شن الجيش الإسرائيلي هجوماً يوم أمس الثلاثاء، 14 آذار/مارس 2006، على سجن أريحا الفلسطيني شرق الضفة الغربية. وتم في هذا الهجوم اعتقال الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات وأربعة من رفاقه، بالإضافة إلى المسؤول المالي في الأمن الوطني اللواء فؤاد الشوبكي. وأسفرت العملية عن مقتل رجلي شرطة فلسطينيين وإصابة 23 آخرين وتحطم أجزاء كبيرة من مبنى السجن. الجدير بالذكر أن سعدات كان يقبع في سجن أريحا منذ عام 2002 تحت إشراف بريطاني أمريكي، وذلك على أساس اتفاق دولي مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. وتتهم إسرائيل أحمد سعدات بالوقوف وراء عملية قتل وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي الذي قتل عام 2001 بعد قيام الجيش الإسرائيلي باغتيال الأمين العام الراحل للجبهة أبو علي مصطفى. وأعلنت إسرائيل إن رفاق سعدات كانوا من المشاركين المباشرين في عملية اغتيال زئيفي التي تبنت الجبهة الشعبية مسؤوليتها عنها. أما اللواء فؤاد الشوبكي فتزعم إسرائيل أنه كان وراء تهريب أسلحة إلى غزة عام 2002 على متن السفينة "كارين"، التي اكتشفتها إسرائيل في البحر الأحمر.
رد الفعل الفلسطيني
عبر الفلسطينيون اليوم الأربعاء عن غضبهم عن طريق إضراب عام شمل كافة مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة. وبقيت المحالات التجارية مغلقة. كما شلت الحركة تماماً في كافة المدن والقرى الفلسطينية. وبعد الهجوم الإسرائيلي احتجز مسلحون فلسطينيون رهائن أجانب ومن بينهم ممرضين ومدرسين وعمال إغاثة من قوميات مختلفة. لكنهم أطلقوا سراحهم بعد ساعات قلية من الاختطاف. إضافة إلى ذلك اقتحم مسلحون المركز الثقافي البريطاني في مدينة غزة وأضرموا النيران فيه متهمين الحكومة البريطانية بالتواطؤ مع إسرائيل بسبب سحبها لمراقبيها من السجن. لكن الحكومة البريطانية نفت هذه الاتهامات معللة مغادرة المشرفين البريطانيين والأمريكيين من السجن بأنه إجراء وقائي لحمايتهم. واضطر الرئيس الفلسطيني إلى قطع زيارته للاتحاد الأوروبي والعودة إلى الأراضي الفلسطينية، معرباً عن غضبه بسبب الهجوم الإسرائيلي. وحمل عباس الحكومتين الأمريكية والبريطانية جزءاً من المسؤولية لسحبهما المراقبين من سجن أريحا.
التبريرات الإسرائيلية للهجوم
اعتبرت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني اليوم الأربعاء أنه لم يكن لدى إسرائيل خيارا آخر سوى شن هذه العملية العسكرية بعد مغادرة المشرفين الدوليين. وصرحت ليفني لراديو الجيش الإسرائيلي أن "الهدف من هذه العملية يتمثل في محاكمة سعدات ورفاقه على قتلهم رحبعام زئيفي، وزير السياحة السابق". وكان المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية رعنان غيسين قد قال أمس أن إسرائيل قامت بالهجوم لان الفلسطينيون قد أشاروا إلى أنهم عازمون على إطلاق سراح بعض السجناء المطلوبين في إسرائيل من سجن أريحا. من جهته نفى وزير الدفاع الإسرائيلي أن يكون للهجوم أي علاقة بالانتخابات الإسرائيلية المقرر إجراؤها نهاية الشهر الجاري، أو أن يكون محاولة لكسب أصوات الناخبين المحافظين لصالح حزب كاديما حزب رئيس الوزراء الإسرائيلي بالوكالة أيهود أولمرت. وبسبب الوضع الأمني المتأزم أعلنت إسرائيل أن الضفة الغربية وقطاع غزة مناطق عسكرية مغلقة.
ردود فعل عربية وعالمية
أدان جوزيب بوريل رئيس البرلمان الأوروبي في بيان له الهجوم الاسرائيلي وردود الفعل الفلسطينية وقال: "ندين بشدة هجوم القوات الإسرائيلية على سجن أريحا وما نجم عنه أيضاً من أعمال عنف وعمليات اختطاف للأجانب في مناطق السلطة الفلسطينية." ومن جانبه أعرب وزير الدولة النمساوي للشؤون الخارجية هانز فنكلر الذي تترأس بلاده الاتحاد الأوروبي حالياً عن "أسف الاتحاد وقلقه من تدهور الأوضاع في الشرق الأوسط." ودعا مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة إلى ضبط النفس وتهدئة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية. كما أعلن ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أن كوفي أنان طلب من الطرفين المحافظة على الهدوء وعدم اللجوء إلى العنف. من جهتها نددت الجامعة العربية بالعملية الإسرائيلية وقالت أن الأمين العام عمرو موسى على اتصال مباشر مع الأمين العام للأمم المتحدة للتوصل لإيجاد حل لهذه الأزمة.
وفي اتصال هاتفي مع موقعنا قال المحلل السياسي راينر بيرنشتاين أن العملية الإسرائيلية يوم أمس كانت "تهدف إلى كسب أصوات ناخبين بعد تراجع شعبية حزب كاديما في الأيام الأخيرة". لكنه أكد في الوقت نفسه أن محمود عباس أتاح الفرصة للإسرائيليين لعدم تقديمه الضمانات الكافية للأمريكيين والبريطانيين بعدم إخلاء سراح أحمد سعدات ورفاقه، وخاصة بعد تصريحات اسماعيل هنية المكلف بتشكيل الحكومة الفلسطينية بعدم الالتزام بالاتفاقات المبرمة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. وتابع بيرنشتاين قائلاً إنه لمن المؤسف أن "مناطق السلطة الفلسطينية لا تتمتع بأية سيادة وطنية".