السويد تواجه العنصرية بتضامن مواطنيها
٥ يناير ٢٠١٥قلوب ملونة مصنوعة من الورق على مدخل المسجد في مدينة أوبسالا، وأمام المسجد مئات المتظاهرين وهم ينادون "لا تمس بمسجدي". حوالي 30 جمعية ومنظمة تابعة للمجتمع المدني في السويد دعت إلى تلك المظاهرة للتأكيد على رغبة المواطنين السويديين في حماية المساجد ورفضهم لعمليات إضرام النار المتعمد فيها، حيث يعتقد أن فاعليها من النازيين الجدد المستعدين للقيام بأعمال عنف في السويد.
ثلاثة عمليات إضرام النار في مساجد خلال ثمانية أيام فقط، كما كتبت على باب المسجد عبارات معادية للأجانب. واعتبر وزير الشؤون المدنية أردالان شيكارابي أن "ما حدث لم يكن بالصدفة". وأضاف الوزير السويدي بالقول: "القضية الآن بيد الشرطة نحن نرى بشكل واضح موجة دعائية معادية للإسلام. يجب علينا أن نتخذ موقفاً من ذلك"، مشيراً إلى أنه من حق كل شخص في السويد أن يكون لديه شعور بالأمان.
تحركات النازية الجديدة
لم يعد المسلمون في السويد يشعرون بالأمان في كل مكان. ففي اليوم الأول من هذه السنة ألقى شخص مجهول بعبوة حارقة في مسجد أوبسالا. وقبل هذا الحادث بأربعة أيام أشعل شخص النار في مكان للعبادة بإيسلوف. وفي اليوم الأول من احتفالات عيد ميلاد المسيح تصاعد دخان كثيف من مسجد إسكيلستونا، وشكل خطراً على 70 من المصلين، حيث تم نقل خمسة منهم إلى المستشفى بسبب حالات التسمم الناجمة عن الدخان. والآن بدأ الإدعاء العام بالتحقيق في الأمر.
السيد دانييل بول، الذي ينشر سنوياً تقرير إيكسبو عن أعمال العنف اليمينية المتطرفة في السويد، أشار إلى أنه خلال السنة الماضية فقط تم تسجيل أكثر من اثني عشر عملية اعتداء. وأوضح أن الأرقام في هذه السنة تكشف أن الجماعات النازية الجديدة أكثر نشاط من ذي قبل. وأضاف: "من هنا يمكن أن نستنتج أن ما يحدث الآن يشكل أكبر تحرك لمشهد النازية الجديدة في السويد منذ الحرب العالمية الثانية".
منظمات قليلة وأنشطة كبيرة
إنه أمر مرعب، كما يؤكد الناشر والصحفي بول الذي ينطلق في تقييمه من خبرته الطويلة في هذا الموضوع. فهو ينشر كل عام أرقاماً وتفاصيل عن أنشطة اليمين المتطرف في السويد. ويضيف أنه في الوقت الذي يريد فيه حزب اليمين المتطرف في البرلمان السويدي تحت اسم "السويديون الديمقراطيون" الظهور في صورة الرجل الصادق، تزداد أنشطة مضرمي النيران في البلد.
ويضيف المتحدث: "لقد أصبح من الصعب متابعة أعمال النازيين الجدد في السويد بشكل قوي"، معتبراً أن "عدد منظماتهم أقل من الماضي ولكن نشاطهم أضحى أكبر وبشكل واضح". وتتجلى مخاطره في إمكانية ارتفاع مستوى العنف في المجتمع.
صورة أوضح لمعاداة الأجانب
من جانبه يشير محمد شراكي، المتحدث باسم الجمعية الإسلامية في السويد، إلى أن انتشار مشاعر الخوف يزداد بشكل مستمر، غير أنه يؤكد أن الوضع لم يتغير إلى الأسوأ بالكامل، ولكن الأوضاع أصبحت أكثر وضوحاً. وأظهرت دراسات سيوسيولوجية طويلة الأمد في السويد أنه بصفة عامة لم يرتفع مستوى معاداة الأجانب في البلد حقاً. فأعمال العنف اليمينية المتطرفة تقوم بها على ما يبدو مجموعات متطرفة صغيرة.
ويشير الوزير السويدي أردلان شيكارابي بأصبعه إلى القلوب الورقية وشعارات التضامن الكثيرة المعلقة على باب مسجد أوبسالا قائلاً: "إن هذا هو الجواب الصحيح"، ويضيف: "حرية ممارسة العقيدة هو عنصر مهم في مجتمعنا. المواطنون يعلمون ذلك وهذا هو سبب التضامن القوي وسبب المساندة". فالمتظاهرون ينادون: "لا تمس بمسجدي".
أما الشرطة السويدية فتريد القيام بحملات في كل أنحاء البلد من أجل حماية المساجد بشكل أقوى. حتى الآن لم يتم القبض على مضرمي النار في تلك المساجد.